أطفال ونساء داعش.. وضع معقد ومصير مجهول
الأحد 24/نوفمبر/2019 - 02:51 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
ما يزال أردوغان يُمعن في إزعاج الغرب عبر سياسته الخارجية التي يسعى من خلالها إلى إجبار بريطانيا والدول الأوروبية على استعادة رعاياها الذين انضموا إلى داعش مهددًا بالإفراج عن المقاتلين الأجانب في صفوف داعش إذا رفضت الدول الغربية استعادتهم.
في الوقت نفسه تقاوم الدول الأوروبية ضرورة استعادة مقاتليها من داعش، لكن قد لا تكون لديها احتمالات كثيرة في هذا الملف، فوفق المتخصصين ينبغي أن تستعيد مقاتليها من داعش وتقديمهم للمحاكمة ولا ينبغي تركهم في تركيا أو سوريا فقط.
ومع ذلك فإن مشكلة الأوروبيين الآن مع سياسة أردوغان وليست مع الملف نفسه، فأردوغان هدد بفتح الحدود أمام اللاجئين السوريين للتوجه إلى أوروبا ما لم تقدم الأخيرة مزيدًا من الدعم لإنشاء المنطقة الآمنة، وهي مقاربة مرفوضة عدديًا، فأردوغان ساوى عدد قليل من المقاتلين بمليوني لاجئ، وليست مقبولة أيضًا سياسيًا لأنه أسلوب قائم على الابتزاز، ولا مقبولة قانونيًا إذ تدخل مقاربة أردوغان في سياق التغيير الديمغرافي للمنطقة، وقد تعد أيضًا تطهيرًا عرقيًا يحرمه القانون الدولي.
وتزامنًا مع سياسات أردوغان الاستفزازية أعلن وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، أن بلاده بدأت إعادة أطفال أيتام من صفوف داعش في سوريا في خطوة لم تكشف عن تفاصيلها ولا عن الخطوات اللاحقة لها، حيث أكد وزير الخارجية البريطاني أنه الشيء الصحيح الذي يتعين القيام به، وأضاف في بيان له أن هؤلاء الأبرياء واليتامى ما كان يجب أن يتعرضوا أبدًا لأهوال الحرب.
و في الوقت الذي لم تحدد فيه لندن عدد الأطفال كشف مسئول العلاقات الخارجية في الإدارة الكردية الذاتية شمالي سوريا أنهم ثلاثة، لكن السلطات البريطانية قررت حجب هوياتهم لأسباب أمنية ولمنحهم فرصة للبدء بحياة طبيعية بعيدًا عن هول ما تعرضوا له تحت حكم داعش.
يأتي هذا في الوقت الذي قالت فيه مؤسسة "أنقذوا الأطفال" الشهر الماضي "إن 60 طفلاً بريطانيًا على الأقل عالقون شمال شرقي سوريا"، وهو الرقم الذي لم تنفه السلطات البريطانية وأعلن وقتها أن البحث جار عن مخارج قانونية لحل هذه المعضلة، فقسم من هؤلاء الأطفال من أبوين بريطانيين إما قتلا أو فرا من دون اصطحابهم معهما، والقسم الآخر من أم بريطانية وأب داعشي أجنبي، فضلاً عن وجود نحو 150 امرأة بريطانية سافرن إلى سوريا والعراق للانضمام إلى داعش، بينهن نحو 50 امرأة في المخيمات التي يسيطر عليها الأكراد شمال شرقي سوريا، لكن بريطانيا تنظر في ملفاتهن بحذر.
وعلى صعيد متصل أكدت صوفي ويلموس رئيسة وزراء بلجيكا، أنه منذ عمليات الغزو التركي في شمال شرق سوريا، نجحت 9 سيدات بلجيكيات من أرامل الدواعش، ومعهن 12 طفلاً، في الهروب من المعسكرات التي كان يشرف عليها الأكراد في تلك المنطقة.
تزامنت تصريحات رئيسة حكومة تصريف الأعمال البلجيكية، مع إعلان مكتب الادعاء العام الفيدرالي في بروكسل، عن قيام كلٍّ من تتيانا 27 عاماً، وبشرى 26 عاماً، ومعهن 6 أطفال، بتسليم أنفسهم إلى السلطات التركية طواعية، بعد نجاحهن في الهروب من معسكر "عين عيسى" القريب من الحدود السورية التركية، حسبما ذكرت صحيفة "ستاندرد" اليومية البلجيكية على موقعها بالإنترنت السبت.
وسبق أن صدر حكم قضائي بالسجن 5 سنوات ضد كل من تتيانا وبشرى، وأصدرته محكمة الاستئناف في مدينة أنتويرب شمال بلجيكا، على خلفية المشاركة في أنشطة جماعة إرهابية، وقالت المصادر الصحافية نفسها، إن مكتب التحقيق الفيدرالي البلجيكي، سيتقدم الآن بطلب للسلطات التركية لتسليم تتيانا وبشرى لبروكسل لتنفيذ العقوبة.
من ناحية أخرى رفضت محكمة استئناف هولندية الجمعة 22 نوفمبر حكم محكمة أدنى درجة بأن على الحكومة محاولة إعادة أطفال سافرت أمهاتهم إلى سوريا، للانضمام إلى جماعات متطرفة. قرار الجمعة أيد طعن الحكومة على الحكم، وستنشر أسباب القرار الشهر المقبل.
حيث رحب وزير العدل، فريد غرابرهاروس، بالقرار باعتباره يدعم سياسة الحكومة بعدم إعادة نساء وأطفال من سوريا، إذا كن قد توجهن إلى هناك للانضمام إلى داعش.
وأضاف "هؤلاء النسوة قمن بهذا الاختيار، بأطفالهن أو بدونهم، بالسفر إلى أراضي داعش والانضمام إلى منظمة إرهابية، الحكومة لن تعيدهن من هذه المنطقة".
حيث سعى محامون يمثلون 23 امرأة و56 طفلا إلى استصدار أمر في وقت سابق من الشهر لإجبار الحكومة على إعادتهن وأطفالهن من سوريا.
وعلى العكس من حكم المحكمة الهولندية أعلنت برلين لأول مرة أنها ستعيد مواطنة ألمانية تنتمي إلى داعش مع أطفالها من سوريا وذلك عقب حكم قضائي يلزم الحكومة الألمانية بإعادة أُم بصحبة أطفالها من أجل مصلحة الأطفال.
وذكر مصدر في وزارة الخارجية الألمانية الجمعة 22 نوفمبر أن ثلاثة أطفال ألمان آخرين كانوا محتجزين في شمال سوريا تمكنوا اليوم من مغادرة العراق مع والدتهم حيث سيعودون إلى ألمانيا.
يشار إلى أنه حتى الآن لم تساعد ألمانيا سوى الأطفال على مغادرة مراكز اعتقال سورية. أما البالغين الذين كانوا على صلة بتنظيم داعش فكانوا يعودون حصريا بعد أن تبعدهم تركيا.
وذكرت مجلة "دير شبيغل" أن الخارجية الألمانية تمكنت بالتعاون مع منظمة إنسانية أمريكية من استرجاع لاورا هـ. المتحدرة من ولاية هيس واولادها الثلاثة من مخيم الهول شمال سوريا.
وذكرت صحيفة "بيلد" أن طفلة أخرى هي ابنة زوج لاورا الأول، ومواطنة أمريكية سيتم أيضا إجلاؤها جوا.
ويأتي هذا الإجراء بعد قرار قضائي بهذا المعنى صدر مطلع الشهر الحالي من محكمة في برلين ألزم الحكومة الألمانية باستعادة "داعشية" من أجل أطفالها، مبررة ذلك بأن الأطفال تعرضوا لصدمة نفسية ويحتاجون بالضرورة لحماية وإشراف الأم، مبينة أن الحماية عبر الرباط الأسري لها الأولوية بحكم الدستور الألماني.