التصعيد في العراق.. الورقة الأخيرة أمام عجز الحكومة
الأربعاء 27/نوفمبر/2019 - 01:13 م
طباعة
أميرة الشريف
ما زال العراق ضحية عجز وفشل الحكومة، حيث تصاعدت المواجهات بين المحتجين والقوات الأمنية في محافظات جنوب العراق، حيث تسود الأخيرة موجة من العنف والغضب أدت إلي تصعيد المحتجين وقطع طرقات رئيسة وجسوراً مهمة في مراكز المدن الجنوبية.
ويشير مراقبون إلي أن استمرار القمع الحكومي وعدم الاستماع إلى مطالب المحتجين سيحوّل الاحتجاجات إلى "ثورة".
و تقف الحكومة عاجزة أو غير راغبة في تحقيق الإصلاح الشامل، خاصة وأن غالبية المسؤولين المستدعين للتحقيق في عمليات فساد موجودون خارج البلاد مع تسجيل وفاة متظاهر في بغداد.
وقتل حتي اليوم الأربعاء نحو تسعة أشخاص، مع سقوط ستة قتلى في ثلاثة انفجارات متزامنة تقريبا في بغداد مساءً أمس ومقتل متظاهرَين أحدهما في مدينة كربلاء تزامناً مع تأكيد المحتجين عدم التراجع عن مطالبهم.
ويقول الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي، إن "ما يجري في العراق هو ثورة وليست تظاهرات"، مضيفاً أن "المجتمع المحلي في الوسط العراقي وجنوبه يعاني من حالة إحباط جراء خذلان الكيانات السياسية له، وأزمة الثقة ولّدت ثورة، وليست تظاهرة"، وفق "اندبندنت عربية".
ويؤكد أن "المؤسسات الرسمية بدأت تتصدع، وفي الأيام المقبلة سيكون الوضع أسوأ، ولا خيارات إلّا الذهاب إلى استبدال الحكومة، حتى الأجهزة الأمنية بدأت بالتصدع، إذ إنّ جهاز مكافحة الإرهاب استُهدف في هجمة سيبرانية ودخل في دوامة الاضطراب الحالي".
وعن مآلات الاستجابة الحكومية للأزمة الحالية، يوضح أن "موارد إدارة الحكومة اللازمة ضعيفة، وتراهن على الزمن وهذه نظرية خاطئة في إدارة الأزمة"، مشيراً إلى أن "تعطيل الحياة العامة هي الورقة الأخيرة للمحتجين".
وعن دور المرجعية، يذكر الشريفي أن "هناك أطرافاً ضامنة محلية كالمرجعية ودولية كالأمم المتحدة، وتحدثت المرجعية عن تضييق الخيارات أمام الحكومة، كضرورة إقرار قانون الانتخابات والمفوضية تمهيداً للانتخابات المبكرة"، مرجحاً أن "تعطي المرجعية الضوء الأخضر لدور أممي في توفير بدائل مع حالة العناد الحكومي المستمرة".
ويري مراقبون أن المزاج الثوري المتصاعد في ساحات الاحتجاج أسهم بشكل واضح في إخضاع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لمطالب المحتجين، وأعلنوا أن توجه أبناء المحافظات الجنوبية إلى العاصمة العراقية يوم الجمعة المقبل، سيكون بمثابة الضربة الأخيرة للسلطة في بغداد.
وأعلن المكتب الإعلامي للمحافظ عادل الدخيلي تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة أمس الثلاثاء 26 نوفمبر على إثر تصاعد موجة الاحتجاجات الغاضبة في محافظة ذي قار جنوب العراق.
من جانب آخر، أكد مصدر أمني أن السلطات فرضت حظراً للتجوال من دون إعلان مسبق، ومنعت دخول السيارات الآتية من جهة البطحاء، بينما تكدست السيارات عند مدخل المدينة بسبب القرار المفاجئ.
وتأتي الإجراءات الأخيرة بالتزامن مع إغلاق متظاهرين طرقات رئيسة في الناصرية، مركز محافظة ذي قار، وقطع الجسر الثاني في المدينة، بعدما أنهوا نصب خيام الاعتصام فوق جسر الزيتون.
وفي وقت سابق، قطع محتجون بالإطارات المشتعلة والحواجز الحديدية جسر الحضارات، وهو أهم الجسور إذ يربط بين ضفتي المدينة عبر نهر الفرات.
ولا يختلف المشهد في باقي محافظات الجنوب العراقي عمّا هو في ذي قار، حيث يستمر المحتجون بقطع الطرقات والجسور وتعطيل الدوام الرسمي، في حين أشار ناشطون إلى أن ما يجري في محافظاتهم هو ثورة، محذّرين من أن عدم التجاوب الحكومي، سيؤدي إلى تصعيد أكبر.
وفي محافظة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط تصاعدت الاحتجاجات، حسب وكالة رويترز، بقطع جميع الطرق الرئيسة والجسور وعزل مدينة البصرة عاصمتها عن بقية مدنها.
كما قطع المحتجون الطريق المؤدي إلى ميناءي أم قصر وور الزبير ومعمل الأسمدة ومجمع الخزن والتصدير والمحطة الغازية لإنتاج الكهرباء والمرفأ النفطي ومصفى الشعيبة في غرب المدينة وقطع طريق أبو الخصيب الفاو وعزل قضاء الفاو وشط العرب عن مركز البصرة، في وقت لا تزال جميع الإدارات في مدينة البصرة مغلقة.
ويتشابه المشهد في كربلاء ، حيث يستمر إغلاق بعض الطرقات الرئيسة، بعد تدخل القوات الأمنية لفض الاعتصام بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي.
وفي محافظة النجف، فقد تم إغلاق عدد من الشوارع والاستمرار في الاعتصام وإغلاق بعض المدارس وخروج مئات المتظاهرين في وسط المدينة، حيث قطعوا جسر كوفة نجف، ف مواجهات
وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، قد أعلنت الإثنين 25 نوفمبر، حصيلة الأحداث التي رافقت الاحتجاجات في العاصمة بغداد وباقي المحافظات خلال اليومين الماضيين.
وقالت في بيان إنها "وثّقت استخدام العنف المفرط من قبل القوات الأمنية، ما أدى إلى مقتل متظاهر واحد في بغداد وإصابة 68، ومقتل سبعة متظاهرين في محافظة ذي قار بالقرب من جسرَيْ الزيتون والنصر وإصابة 131، ومقتل ثلاثة متظاهرين في محافظة البصرة - أم قصر وإصابة 90 بسبب الصدامات.
وجددت المفوضية دعوتها إلى الحكومة والقوات الأمنية لمنع استخدام العنف المفرط بأشكاله كافة ضد المتظاهرين السلميين، كونه يُعدُّ انتهاكاً صارخاً لحق الحياة والأمن والأمان، مشددةً على ضرورة الالتزام بقواعد الاشتباك الآمن وإحالة من يتخطّى ذلك إلى القضاء".
وأشارت إلى "اعتقال 93 متظاهراً في بغداد، أُطلق سراح 14 منهم، واعتقال 38 متظاهراً في البصرة، و22 في ذي قار و34 في كربلاء.
كما جدّدت دعواتها إلى مجلس القضاء الأعلى لإطلاق سراح المتظاهرين السلميين الموقوفين".
في المقابل، وثّقت المفوضية قيام عدد من المتظاهرين بضرب القوات الأمنية بقناني المولوتوف وحرق عدد من المباني والمحال التجارية وإقفال الطرق أمام حقول النفط في محافظات ميسان وواسط والبصرة واستمرار إقفال عدد من الدوائر والمدارس والجامعات فيها بسبب الإضراب".
وشهدت الأيام القليلة الماضية تحركات متصاعدة لعناصر تنظيم داعش في حدود محافظة نينوى، وربط مسؤول محلي عودة ظهور التنظيم، بتسلل المئات من عناصره من داخل الأراضي السورية إلى الموصل.