حصار إعلام الملالي...عقوبات جديدة وسقوط أمن النظام
الجمعة 29/نوفمبر/2019 - 10:53 ص
طباعة
روبير الفارس
ذكرت وكالات الأنباء للنظام الإيراني حجب شبكات التلفزيون التابعة للنظام على هوت بيرد ويوتلسات. وهي: شبكة الأخبار وشبكة القرآن وشبكة الأفلام وشبكة نسيم وشبكة جام جم الأولى وشبكة سحر وشبكة سحر باللغة الأذرية وشبكة سحر بلغة الأردو وشبكة الكوثر وشبكة برس تي في و شبكة هيسبن تي في وشبكة الأفلام باللغة الانجليزية.وقالت وسائل الإعلام الحكومية أن الخطوة تتفق مع العقوبات الأمريكية.وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قدصرح قائلا
سوف نستمر في مقاطعة السلطات الإيرانية المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان، مثلما قاطعنا وزير الاتصالات في النظام الأسبوع الماضي.
وفي سياق متصل قال السيناتور جو ليبرمان رئيس منظمة متحدون ضد إيران نووية في مقابلة مع قناة فوكس نيوز بشأن انتهاك الاتفاق النووي من قبل نظام الملالي: باعتقادي يشكل النظام الإيراني أكبر تهديد لأمريكا في العالم... علينا أن نزيد من ضغطنا الأقصى ضده.وأضاف: باعتقادي كان الاتفاق النووي مع النظام الإيراني اتفاقا سيئًا لسببين: الأول تم منح النظام الإيراني أكثر من 100 مليار دولار مقابل لا شيء وهم وزعوا الأموال على المجموعات الإرهابية في كل الشرق الأوسط والعالم. والثاني: هذا الاتفاق لم يوفر لنا الهدف الذي كنا نتبعه من العقوبات الاقتصادية بل جمده لمدة قصيرة. وتابع ليبرمان: علينا أن نواصل خنق النظام الإيراني اقتصاديًا... والقيام بعمل عسكري عند الضرورة... . وفرضت وزارة المالية الأميركية عقوبات جديدة على تسعة اشخاص مقربين لخامنئي بينهم نجله و رئيس القضاء و وزير الدفاع ورئيس مكتب خامنئي وتشمل العقوبات ايضا رئاسة الأركان في الجيش الإيراني.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، مورغان أورتاغوس، عبر حسابها في تويتر، إن المسؤولين الإيرانيين الذين فرضت عليهم العقوبات الأميركية "يمثلون نظام خامنئي غير المنتخب، والذي يقوم مكتبه بدعم السياسيات التي تؤدي إلى هز الاستقرار حول العالم، وهذه العقوبات تحجب التمويل من التدفق إلى شبكة خفية لجيشه ومستشاريه في الشؤون الخارجية الذين يدعمون الإرهاب". ... .
ويتواكب ذلك مع حالة القمع التي يمارسها نظام الملالي عيل المتظاهرين ضده والذين احرقوا بنار غضبهم خرافة الامن وفي هذا السياق قدمت مريم رجوي المعارضة للملالي تحليلا مهما جاء فيه قبل الانتفاضة الأخيرة، حيث قالت كان نظام الملالي وقادة قوات حرسه وغيرهما من الأجهزة القمعية يختالون كثيرًا بتمتعهم بالأمن، ويقولون: "لدينا أمنًا مستقرًا ومثاليًا، ( قائد قوات الشرطة، الحرسي أشتري، أغسطس 2019 ) .
كما كان يدعى سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي في نظام الملالي، الحرسي شمخاني، قائلًا: "الاستقرار والأمن في البلاد يُضرب بهما المثل، والبلاد تتمتع باستقرار السوق والاستقرار الاقتصادي".، كما تفاخر بأن الوحدة الوطنية للشعب الإيراني أصبحت قوة إقليمية وعالمية، وقدمت أرضية مثالية لتحرير سكان العالم.
وفي ظل الظروف الحالية التي تعاني فيها أغلب البلدان المجاورة من اليمن ولبنان حتى تركيا وباكستان وأفغانستان من غياب الأمن. نجد أن إيران بلد آمن في المنطقة ". (الملا سالك، عضو مجلس الشورى للملالي، 10 نوفمبر 2019)
لماذا كل هذه الادعاءات الأمنية؟
تقول مريم إن كل هذا الادعاء حول الأمن دليل على انعدام الأمن، فإذا كان النظام يتمتع بالأمن والاستقرار حقًا؛ فما الداعي لتكرار كلمة الأمن الأمن؟
إلا أن هذا الأمن المزعوم الترويجي احترق في آن واحد في نيران انتفاضة الشعب الإيراني العظيمة في أول يومين من انطلاقها وتحول إلى رماد، وشاهد كل العالم ارتعاش نظام الملالي وعدم استقراره.
ولكن ما هو الهدف من كل هذه الإيماءات بالأمن والترويج له، وما هي الحقيقة المراد التستر عليها من وراء ذلك؟.
فعندما يتعلق الأمر بالأمن، فهذا يعني أن البلد أو النظام المعني قادر على كسب الثقة والاعتماد على النفس في مواجهة عدو معين أو تهديد معين، وألا يتعرض للتهديد من عدو معين.
من هو العدو الرئيسي؟
من هو هذا العدو حتى يضطر نظام الملالي إلى نشر كل هذه الدعايات ويدعي أنه حقق الأمن للبلاد في مواجهة العدو؟.
ومن المؤكد أن هذا العدو لا يمكن أن يكون أمريكا ودول المنطقة، سواء أكانوا هم أنفسهم قد أكدوا أكثر من مرة على أنهم ليسوا في حرب مع نظام الملالي، أو أن خامنئي نفسه قد صرح مرارًا وتكرارًا أنه لن تقع حرب، لأن أمريكا لا تريد الحرب ولا نحن!.
إذًا من هو العدو الذي كان النظام يحاول التستر عليه؟ ولهذا السبب استمر في تسليط الضوء على العدو الأجنبي الوهمي.
الجواب واضح، فهذه الانتفاضة لا تدع مجالًا للشك في ماهية العدو. فالعدو الوحيد لنظام الملالي هو الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة للشعب الإيراني؛ وخامنئي يعرف جيدًا أن العدو الرئيسي له ولنظامه هما الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة ومعاقل الانتفاضة، ولكي يخفي هذه الحقيقة أطلق عليهم اسم "القوى الأجنبية".
والشعب الإيراني من جانبه لا يساوره أي شك في أن عدوه الرئيسي هو نظام الملالي اللاإنساني واللاوطني، ولا يشعر بأي خوف من قول هذه الحقيقة، وعبر عنها بأوضح وأبسط العبارات، في قوله: "عدونا هنا، يكذبون ويقولون إن عدونا أمريكا".
وفي انتفاضة الشعب الإيراني العظيمة الملتهبة أصبحت هذه الحقيقة الوجه الأكثر إثارة للإعجاب والألمع أمام العالم، وأصبح من الواضح أن الأمن الذي يدعيه نظام الملالي لا يتحقق إلا بحربة السلطة ونصب المشانق، وأن المجتمع الإيراني كان مجتمع مليئٌ بالغضب والعصيان على حكم الملالي، وبمجرد أن يجد أصغر منفذ يلقي بشرارة الانتفاضة ضد نظام الملالي ويثور عليه كالبركان ليحرقه برمته ويخلص العالم من شروره.
سبب التستر على الصراع غير القابل للتسوية للشعب الإيراني
وللعلم لا تخفى على أحد حقيقة العداء الذي لا يقبل الصلح بين الشعب والمقاومة الإيرانية من جهة وبين نظام ولاية الفقيه من جهة أخرى، فمنذ غداة 20 يونيو 1981، تم القضاء على الجسيمات الأخيرة من الشرعية السياسية لنظام الملالي بدم شهداء مجاهدي خلق، بسبب إعدام المئات من مجاهدي خلق والمناضلين يوميًا ومذبحة 30 ألف سجين سياسي ونهب الشعب الإيراني بعدد طلوع الشمس وغروبها.
لكن المتاجرين بالنفط والدماء سواء كانوا وطنيين أو أجانب الذين يبحثون عن مصالحهم في ظل بقاء هذا النظام؛ حاولوا التستر عليه بحجة أن هذا النظام يتمتع بالسلطة والاستقرار وليس له بديل.
ولم ننس أن المتاجرين بالنفط والدماء ذهبوا إلى حد القول بأن هيكل قوات حرس نظام الملالي والباسيج من الشعب ويجب الاعتراف بهم رسميًا وبوضعهم في إيران غدًا.
وقوات حرس نظام الملالي والباسيج هم أنفسهم الذين يقتلون اليوم أبناء هذا الوطن في جميع أنحاء المدن الإيرانية. وليست السجون فقط في المدن في جميع أنحاء البلاد هي المكتظة بالشباب الثائر، بل حتى المدارس والهيئات أيضًا.
ما تم إحراقه في نيران الانتفاضة
ولم تلقي انتفاضة الشعب الإيراني بخرافة أمن نظام الملالي فحسب في مهب الريح، بل ألقت أيضًا بهراء تمتع هذا النظام بالسلطة والاستقرار، كما كشفت النقاب عن مبررات المسترضين ومؤيدي النظام العلنيين والسريين منهم.
وتجادل هذه الجماعة في صحة أن هذا النظام غير مرغوب فيه، وتقول : بسبب عقائده الدينية، فإنه لا يعترف رسميًا ببعض الحريات الفردية ولا يحترم حقوق الإنسان، لكنه يتمتع بالسلطة وما زالت قطاعات عريضة من الشعب تؤيده بسبب العقائد الدينية، وخاصة الطبقات الدنيا.
إلا أن الانتفاضة وكأنها عصا موسى ابتلعت كل هذا السحر وأحرقته في لهيبها؛ وسلطت الضوء على حقيقة واحدة وجعلتها أكثر وضوحًا ؛ وهي أن الشعب الإيراني لم ولن يستسلم على الإطلاق لهذا النظام القذر.
وبطبيعة الحال، يحاول النظام أن يعيد المياه إلى مجاريها بالمجاديف الخرقاء المتمثلة في إطلاق مظاهرات مضادة في هذه المدينة وتلك، لكنه لن يتمكن على الإطلاق من التستر على ما ثبت في انتفاضة نوفمبر الحالية.
وقد يحاول النظام أيضًا إبطاء الحركة الثورية، بالاعتقالات وحتى بالإعدام والقتل، لكنه لن يستطع أن يتغلب عليها على الإطلاق وأن يخمد الانتفاضة.
والحقيقة هي أنه حتى علي ربيعي، الناطق بلسان حكومة روحاني ومن الجلادين القدامى في وزارة الاستخبارات، اضطر إلى الاعتراف بذلك، وهدد قائلًا: " إن الأسباب الكامنة وراء اندلاع الانتفاضة، وأهمها عقلية الاضطرابات في المجتمع والتيارات المحرضة التي ركبت الموجة، لا تزال قائمة. ومن الممكن أن تسبب إشكالية مع ظهور أي سبب جديد. " (صحيفة "ايران" 23 نوفمبر 2019)
نعم، إن هذا البركان من المستحيل إخماده، حتى عندما يبدو صامتًا، تتدفق الحمم في أعماقه وتغلي وتضغط حتى ينفجر البركان وسيكون هذه المرة مفزعًا بشكل غير مسبوق.
هذه ثورة حتى النصر!