اتفاق السراج وأردوغان... بوابة تركيا الجديدة لاختراق السيادة والأمن الليبيين

الجمعة 29/نوفمبر/2019 - 01:15 م
طباعة اتفاق السراج وأردوغان... فاطمة عبدالغني
 
وصل رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج أول أمس الأربعاء 27 نوفمبر إلى تركيا في زيارة غير معلنه مترأسًا وفدًا أمنيًا وعسكريًا، نتائج الزيارة وزعت في بيان عن المجلس الرئاسي، قال فيها "إن السراج بحث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تداعيات ما وصفه البيان بالعدوان على العاصمة طرابلس". 
أما أهم بنود المحادثات فهي التوقيع على مذكرتي تفاهم ثنائي، إحداهما تخص التعاون الأمني، والثانية مذكرة تفاهم في المجال البحري، ولم يكشف بيان المجلس الرئاسي تفاصيل هاتين المذكرتين، لكن مصادر صحفية ليبية نقلت عن وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا قوله "إن اتفاقية التعاون الأمنية تأتي في إطار تعزيز قدرة حكومة الوفاق على بسط السيطرة الأمنية والاستقرار".
وأوضح باشاغا في تصريحات صحفية أن مذكرة التفاهم التركي تتعلق بمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، مضيفا أن الاتفاقية غطت كل الجوانب الأمنية التي تحتاجها حكومة الوفاق.
وقال فخر الدين ألتون مدير الاتصالات بالرئاسة التركية في تغريدة على موقع "تويتر": "الاتفاق الأمني يمهد لعمليات تدريب وتعليم ويضع الإطار القانوني ويعزز الروابط بين جيشينا".
وغردت قناة "ليبيا الأحرار"، الموالية لحكومة الوفاق، على "تويتر" نقلا عن وزير خارجية الوفاق، محمد سيالة، أن مذكرة التفاهم البحرية مع تركيا تتويج لمباحثات مطولة لتحديد "مجالات الصلاحية البحرية في المتوسط".
وبحسب تقارير صحفية فإن اللافت في مذكرتي التفاهم أن تركيا المتهمة بالأدلة الواضحة بدعم وتمويل المليشيات في طرابلس أكدت رفضها التدخل الخارجي في الشأن الليبي، واللافت أيضًا أن حكومة الوفاق تستعين بتركيا التي تواجه اتهامات دولية بدعم الإرهاب وداعش والمليشيات المتطرفة في سوريا لمكافحة الإرهاب، وكذلك لم تجد حكومة السراج دولة لمعاونتها على مكافحة الهجرة غير القانونية سوى تلك التي فتحت حدودها قبل أعوام لتدفق اللاجئين إلى أوروبا وتبتز الأوروبيين بموجة لجوء جديدة.
من ناحية أخرى أثارت مذكرتي التفاهم اللاتين وقعهما أردوغان والسراج، ردود أفعال غاضبة  محليًا وإقليميًا فمن جانبها قالت الحكومة المؤقتة، التي تدير شرق ليبيا في بيان لها، إن إبرام السراج لاتفاق دفاع مشترك مع الجانب التركي "يستهدف تقويض جهود قوات الجيش الوطني في اجتثاث الإرهاب من العاصمة طرابلس، وطرد الميليشيات المسلحة منها".
كما أكدت رفضها القاطع والتام لمثل هذه الاتفاقيات غير الشرعية لكونها مبرمة من غير ذي صفة بموجب أحكام القانون والمحاكم الليبية، وقالت الحكومة الموازية، التي يترأسها عبد الله الثني، إن هذه الاتفاقية "تستهدف فقط تحقيق مآرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الاستعمارية، ومساعدته في تحقيق حلمه في إقامة إمبراطورية عثمانية ثانية، من خلال الحصول لها على موطئ قدم في ليبيا".
وبدوره أدان مجلس النواب الليبي توقيع مذكرتي التفاهم، واعتبرهما "خيانة عظمى"، محذرا من أن الجيش الوطني "لن يقف مكتوف الأيدي".
وقال مجلس النواب الليبي، أمس الخميس 28 نوفمبر، إن الاتفاق الذي أبرمه السراج مع تركيا "يهدف إلى تزويد الميليشيات الإرهابية بالسلاح".
وأضاف في بيان له إن "تركيا سيكون بمقدورها استخدام الأجواء الليبية، وكذلك البرية، والدخول للمياه الإقليمية بدون إذن، وإنشاء قواعد عسكرية في ليبيا". معتبرًا أن الاتفاق "يمثل تهديداً حقيقيا وانتهاكا صارخا للأمن والسيادة الليبية"، وأنه "لا يعد تهديداً فقط للأمن القومي الليبي بشكل خاص فقط، بل أيضا تهديد للأمن القومي العربي وللأمن والسلم في البحر الأبيض المتوسط بشكل عام، وهي خطوة ترقى إلى تهمة الخيانة العظمى".
كما أكد المجلس أن "الجيش الوطني لن يقف مكتوف الأيدي أمام تآمر أردوغان مع المجلس الرئاسي والميليشيات الإرهابية".
ومن جانبها أدانت مصر التوقيع على مذكرتيّ التفاهم وأعلنت أنها تواصلت مع اليونان وقبرص، أمس الخميس، حيث اتفقت الدول الثلاث على غياب الأثر القانوني لمذكرتي التفاهم اللاتين وقعتهما تركيا مع حكومة طرابلس.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ، إن وزير الخارجية المصري سامح شكري أجرى اتصالا هاتفيا بكل من وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس، ووزير خارجية قبرص نيكوس خريستودوليدس، حيث تداول معهما مذكرتي التفاهم.
وقالت الخارجية المصرية في بيان، إن وزراء خارجية مصر واليونان وقبرص اتفقوا على "عدم وجود أي أثر قانوني للإعلان عن توقيع الجانب التركي مذكرتي تفاهم مع فائز السراج رئيس حكومة طرابلس، في مجالي التعاون الأمني والمناطق البحرية.
واعتبر الوزراء الثلاثة أن "هذا الإجراء لن يتم الاعتداد به لكونه يتعدى صلاحيات السراج وفقا لاتفاق الصخيرات، فضلا عن أنه لن يؤثر على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط بأي حال من الأحوال".
وفي السياق ذاته قال سيد مجاهد، الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، إن إعلان تركيا توقيع مذكرتي تفاهم بين أردوغان والسراج يعد دعما علنيا للتنظيمات الإرهابية المسلحة.
وأضاف الباحث في العلاقات الدولية "إن ما فعله رئيس حكومة الوفاق فايز السراج سيفتح الباب لتسليح ودعم الميليشيات الإرهابية المسلحة في ليبيا، لاسيما بعد التقدم الذي يقوم به الجيش الوطني الليبي بقياد المشير خليفة حفتر، وسيؤدي السماح لتركيا باستخدام الأجواء الليبية ودخول المياه الإقليمية دون إذن، لأزمات عديدة ستنخرط بها ليبيا بسبب أنقرة خاصة مع الدول العربية ودول شمال المتوسط التي تشهد العلاقات بينها وبين تركيا توترات إما بسبب دعم تركيا للإرهاب أو مخططات أردوغان للاستياء على غاز شرق المتوسط".
وأوضح أن هذا الاتفاق سيزيد من الأزمات الداخلية في ليبيا جراء تصرفات المجلس الرئاسي الذي يقوده السراج، لاسيما مع مجلس النواب والجيش الوطني الليبي، مشيرا إلى أن أردوغان يريد أن يشرعن دعمه للإرهاب في ليبيا تحت مظلة الاتفاق الدولي، وأمام الأمم المتحدة، حيث إن هذه الصفقة الموقعة بين الطرفين، من المتوقع أن تزيد الأوضاع سوء في الدولة التي تشهد صراعات منذ سقوط نظام معمر القذافي.
وأشار الباحث في العلاقات الدولية إلى أن "الأزمة بخصوص غاز شرق المتوسط ستندلع نظرا لأن السراج فتح جبهة مجانية في ليبيا لأردوغان تعطيه نفوذ غير مستحق في المنطقة، حيث إنه يريد تعويض خسائر التنقيب الغير قانوني في المساحة البحرية التي لا تمتلك فيها تركيا أي نفوذ، ويسعى لتحقيق أطماعه".
ومن جانبه علق عبد الستار حتيتة، الخبير في الشئون الليبية، على توقيع مذكرتي التفاهم بين فايز السراج وتركيا، قائلًا: "عمل من أعمال المافيا واللصوصية والإجرام"، لافتًا إلى أن من قام بتوقيع مذكرة التفاهم لا يملك أي صلاحية من قريب أو بعيد للتعبير عن الليبيين.

وأوضح "حتيتة"، أن حكومة الوفاق لم تحصل على موافقة وتصديق من مجل النواب، متابعًا: "اللوم يقع على حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي، ويقع على الرئيس التركي الذي تجاوز كل الخطوط والأعراف الدولية، وقام بالتوقيع مع حكومة غير مصدق عليها من الشعب الليبي".
وأكد أن هذه الإجراءات تنتهك الأعراف والقوانين بين الدول، لافتًا إلى أن هناك تورط تركي لدعم الإرهابيين في سوريا والعراق وليبيا وعدد من الدول الأخرى، مضيفًا أن الأتراك قاموا بالتآمر ضد الشعب الليبي في بداية عام 2018.

شارك