هل يساهم خفض القوات الأمريكية بأفغانستان في إحلال السلام؟
الثلاثاء 03/ديسمبر/2019 - 01:00 م
طباعة
حسام الحداد
قال وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، الاثنين 2 ديسمبر 2019، إن أي خفض قد يحدث في قوات الولايات المتحدة بأفغانستان لن يكون مرتبطا بالضرورة بصفقة مع حركة طالبان، في إشارة إلى احتمال حدوث تخفيض لمستوى القوات بغض النظر عن المسعى القائم لإقرار السلام.
وقال إسبر في مقابلة، "أنا على يقين من أن بالإمكان خفض أعدادنا في أفغانستان وفي نفس الوقت ضمان ألا يصبح المكان ملاذا آمنا لإرهابيين يمكن أن يهاجموا الولايات المتحدة"، دون أن يذكر رقما محددا.
هذا التصريح يحيلنا إلى العديد من الأسئلة حول الوضع في أفغانستان خصوصا بعد تخفيض عدد القوات الأمريكية، ومن بين الاحتمالات في هذه الحالة تزايد فرصة حركة طالبان الارهابية في السيطرة على مقاليد الأمور، هذا بجانب امكانية تعزيز التواجد الإرهابي لحركات إرهابية أخرى كتنظيم الدولة "داعش أفغانستان".
هذه الاحتمالات واردة بنسبة كبيرة رغم إعلان مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض، الجمعة 29 نوفمبر الماضي، أن واشنطن استأنفت مفاوضاتها مع "طالبان" للحد من العنف في أفغانستان، مشيرا إلى أنه في حال نجاحها، يمكن توسيع شكل المفاوضات لإبرام اتفاق سلام.
وتتزايد الأسئلة حول قوة طالبان في حال انسحاب القوات الأمريكية وموقف الحكومة وعلاقاتها بالجوار خصوصا وان هناك أكثر من حركة إرهابية في الداخل الأفغاني ومع حدودها مع باكستان ومما زاد الأمر سوء تفجير اللغم الأرضي في جانب طريق بولاية هلمند جنوب أفغانستان، أودى بحياة عسكريين اثنين، أحدهما قيادي بارز هو الجنرال ظاهر غُل مقبل، قائد وحدة الحدود في الجيش الأفغاني، كما أسفر التفجير أيضًا عن إصابة مسئولين أمنيين اثنين ومراسل من قناة «شمشاد» التليفزيونية. وأعلنت حركة «طالبان» التي تسيطر على معظم أراضي الولاية مسئوليتها عن الهجوم.
هذا التفجير وما تلاه من أحداث، يطرح سؤالا مهما حول مفاوضات السلام التى طال الحديث عنها بين الأمريكان وحركة طالبان لمحاولات وقف القتال الدائر منذ ما يقترب من العقدين، وفى هذا الصدد لفتت «الإندبندنت أونلاين» البريطانية، في تقرير نشرته تحت عنوان «الحكومة الأفغانية تقول إن طالبان تشعر بالمفاجأة من حديث ترامب عن وقف لإطلاق النار»، إلى أن «تصريحات ترامب التى أشار فيها إلى أن حركة طالبان مستعدة بل وحتى متحمسة لعقد اتفاق لوقف إطلاق النار في أفغانستان بعد حرب استمرت ١٨ عاما تبدو أمانى أكثر منها حقائق». وأوضحت أن «إعلان ترامب عن سعيه لمواصلة التفاوض بهدف وقف إطلاق النار جاء خلال زيارته للقوات الأمريكية في أفغانستان بعدما ألغى بنفسه المفاوضات قبل ٣ أشهر»، مشيرة إلى «الآن وبعد يومين من تصريحات ترامب أوضحت حركة طالبان والحكومة الأفغانية أن وقف إطلاق النار ليس قريبًا ولم تتم مناقشته أصلا في المفاوضات». ورأت أن «النقطة التى توقفت عندها المفاوضات كانت تتمحور حول تقليل العمليات العدائية، لكن أيضا كان هناك نقاط تنص على أن وقف إطلاق النار سيتم مناقشته في وقت لاحق في مفاوضات بين طالبان والحكومة الأفغانية». ورحبت باكستان برغبة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، في مواصلة التسوية السياسية في أفغانستان واستئناف المفاوضات مع طالبان. ووصف وزير الخارجية الباكستانى شاه محمود قريشى - وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الباكستانية الرسمية - إعلان استئناف المفاوضات مع طالبان بالتطور الإيجابي؛ والذى يساعد في إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان وكذلك في المنطقة بأسرها. وأضاف أن باكستان ستواصل تسهيل عملية السلام والمصالحة الأفغانية بالتشاور مع كل الأطراف المعنية، آملا أن تشجع كل الأطراف المعنية المشاركة بشكل بناء.
يذكر أن مفاوضات السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان توقفت بقرار مفاجئ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب مطلع سبتمبر الماضي في وقت كان الطرفان قاب قوسين أو أدنى من التوقيع على مسودة تفاهم جرى التوصل له خلال 9 جولات من المباحثات الشاقة استمرت لنحو سنة كاملة وعزز الآمال بإنهاء 19 عاماً من الحرب في أفغانستان.
وتعاني أفغانستان صدامات مسلحة متكررة ومعارك عنيفة بين القوات الأمنية الداخلية مدعومة بقوات أمريكية وبقوات أخرى من حلف شمال الأطلسي (ناتو) من جهة، وبين مسلحي حركة "طالبان" التي تسيطر على مساحات كبيرة من أراضي البلاد، في وقت يقوم تنظيم داعش [الإرهابي المحظور في روسيا وعدد كبير من الدول] بتقوية نفوذه باستمرار في هذه الدولة.