تقرير ألماني يستعرض عواقب فرض حظر شامل على "حزب الله" في ألمانيا

الثلاثاء 03/ديسمبر/2019 - 01:32 م
طباعة تقرير ألماني يستعرض فاطمة عبدالغني
 
نفى مسؤولون حكوميون ألمان تقريرا صادرا عن مجلة "دير شبيغل" الألمانية الخميس 28 نوفمبر مفاده أن وزارة الخارجية ووزارتي الداخلية والعدل اتفقت على حظر حزب الله ونشاطاته في ألمانيا.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، يؤيد وزير الخارجية هايكو ماس بأن تأخذ ألمانيا التدابير اللازمة "للتحرك بحزم ضد الأعمال الإجرامية والإرهابية حتى لحزب الله". وبالفعل فإن الذراع العسكرية لحزب الله محظورة في ألمانيا منذ مدة، لكن الذراع السياسية لا.
وفي هذا الإطار نشرت قناة "DW" الألمانية تقريراً استعرضت فيه الأسباب التي تقف وراء امتناع ألمانيا عن اتخاذ قرار بحظر الذراع السياسي لحزب الله، متسائلة عما إذا كان "الحزب" يتمتع بنفوذ كبير يحول دون تمكّن برلين من حظره.
 ولفتت "DW"  لتاريخ تأسيس حزب الله عام 1982 خلال الحرب الأهلية اللبنانية كاتحاد لميليشيات شيعية. ويعود قيامها بالأساس لدعم الحرس الثوري الإيراني الذي ساندها في السنوات التالية بالمدربين والأسلحة في الحرب ضد إسرائيل التي كان يحتل جيشها جنوب لبنان.
وأشارت القناة إلى أنه نظرا لشبكة الحزب المكونة من مؤسسات اجتماعية، فإنه يتمتع بشعبية كبيرة لاسيما بين الطبقة الشيعية الفقيرة في بيروت وفي جنوب لبنان. والاعتراف بها هناك مبني على أنه أجبر الجيش الاسرائيلي عام  2000 على الانسحاب من جنوبي لبنان، وسمعته كمدافع عن البلاد أدت بعد نهاية الحرب الأهلية عام 1990 إلى احتفاظه بسلاحه.
وأضافت "DW" يبدو حزب الله واضحا في ألمانيا لاسيما في ذكرى "يوم القدس" المعلن من قبل ايران. وهذه الذكرى السنوية تطالب بما يسمى "تحرير" القدس من المحتل "الصهيوني" ، أي من اسرائيل. وفي ألمانيا على غرار غالبية باقي دول الاتحاد الأوروبي تبقى فقط الذراع العسكرية لحزب الله محظورة. وقد فشل فرض حظر شامل على مستوى الاتحاد الأوروبي لاسيما بمقاومة فرنسا. ولذلك ضغط وزير الخارجية الألماني هايكو ماس منذ الصيف لمنع حزب الله طبقا لقانون الجمعيات. وقبلها بسنوات تم في ألمانيا حظر مؤسسة خيرية تابعة لحزب الله.
وأوضحت القناة عواقب الحظر بالنسبة للعلاقات مع لبنان، حيث رأت أن حظر حزب الله من شأنه أن يؤثر على العلاقات مع لبنان، لأن المنظمة ممثلة عبر ذراعها السياسية منذ عام 1992 في البرلمان اللبناني. وفاز حزب الله في الانتخابات البرلمانية لعام 2018 بـ 13 مقعدا ليشغل بذلك نحو 10 في المائة من مجموع مقاعد البرلمان وثلاث حقائب في الحكومة. فحظر حزب الله سيكون إذن إهانة للحكومة اللبنانية. وبما أن حزب الله تربطه علاقات وثيقة مع نظام الملالي في ايران، فإن الحظر سيكون له تأثير على العلاقات الألمانية الإيرانية. ولا يُعرف ما هي الأهمية التي توليها القيادة في طهران للحظر. ونظرا للحصار الأمريكي فإن إيران تعول على علاقات جيدة مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي.
وفيما يتعلق بمفعول حظر حزب الله داخل ألمانيا، أشارت القناة إلى أنه إذا ما تم الحظر، فإن الكثير من أنشطة حزب الله ستصبح غير قانونية في ألمانيا ولن يسمح برفع علمه. وليس مستبعدا أن يؤسس حزب الله منظمة جديدة باسم آخر، لكنه سيفقد الكثير من زخمه الجماهيري و"ماركتها" الدعائية.
وقالت "DW" في تقريرها أن الحظر من شأنه أن يغير قليلا في موقف ونظرة أنصار حزب الله، وهذا هو التحدي الحقيقي الذي تواجهه الحكومة الألمانية رسميا بالقول: "في الحرب ضد العنف لأسباب سياسية أو دينية توجد مهام أمنية سياسية"، كما ذُكر في وثيقة الحكومة الألمانية لدعم الديمقراطية والوقاية من التطرف. "لكن من أجل أمن الأشخاص في بلادنا توجد أيضا عروض وقائية تقوي العمل الديمقراطي إضافة إلى الإجراءات التي تمنع الراديكالية. فقط عندما تتلاءم إجراءات أمنية وقائية وداعمة للديمقراطية يمكن أن ينجح الكفاح ضد التطرف ولصالح الديمقراطية".
لكن الحظر من شأنه أن يقوي الشروط القانونية للتحرك بحزم ضد حزب الله. "حزب الله يمول نفسه بالجريمة وتجارة السيارات وغسيل الأموال. ألمانيا هي بالنسبة إليه مكان يجمع فيه الأموال"، حسب ما نقلت صحيفة فرانكفورتر روندشاو في يونيو2019 عن النائب البرلماني من الحزب المسيحي الديمقراطي، ماريان فينت الذي يؤيد فرض حظر شامل على حزب الله ونشاطاته في ألمانيا. ويضيف هذا البرلماني بأن حزب الله لا يقوم فقط بالدعاية، بل هو منظمة عسكرية إرهابية إجرامية. والحظر سيأتي بفوائد، حسب رأيه، إذ يمكن منع تحويلات مالية أو الكشف عن تركيبة شبكة العصابات.
وأشارت "DW" إلى تقرير جهاز المخابرات الألمانية الداخلية لعام 2018 الذي تناول حزب الله في صفحتين دون توجيه أي اتهامات أو خرقات قانونية محددة له. وقال تقرير القناة يحافظ أنصار حزب الله على وحدتهم التنظيمية والعقائدية في ألمانيا عبر جمعيات ملحقة بمساجد تمول نفسها في المقام الأول من خلال التبرعات".
ويرى الخبير الأمني في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" ماثيو ليفيت  إن "لجناح الإرهابي لحزب الله مستمر في تنفيذ مجموعة واسعة من عمليات الدعم المالي واللوجستي داخل أوروبا، يشمل ذلك جمع الأموال من خلال تهريب المخدرات وغسل الأموال وإدارة جمعيات خيرية كستار لتنفيذ عملياتهم وشراء الأسلحة والمواد الكيميائية المستخدمة في صنع المتفجرات، وتنفيذ عمليات إرهابية، وإرسال عملاء لتنفيذ مخططات في الخارج أو حتى داخل أوروبا نفسها".
وبحسب فولفجانج ليماخر، من "المنتدى الاقتصادي العالمي"، إن "التهديد الإرهابي الذي يمثله حزب الله يتطلب تعاونًا من جميع البلدان الأوروبية، واستخدام الآليات التكنولوجية المتقدمة، وبدلاً من الجهود الفردية يمكن جعل أوروبا أكثر أمانًا من خلال دمج ميزانياتها ومواردها الأخرى لحماية حدودها الخارجية تحت لواء استراتيجية واحدة مشتركة".
وعلى صعيد متصل كشف تقرير نشرته صحيفة "تاجيسبيجل" الألمانية تحت عنوان: "كيف يعمل حزب الله سرا في ألمانيا"، كيف تستخدم ميليشيا حزب الله اللبناني مركزاً في برلين، بالإضافة إلى مواقع أخرى تنتشر في جميع أنحاء ألمانيا، لتجنيد أعضاء وجمع أموال لشراء الأسلحة وتمويل الإرهاب.
ولفت تقرير "تاجيسبيجل" الى أن أعضاء الحزب "يستخدمون ألمانيا في تهريب المخدرات وتجارة السيارات المسروقة وغسل الأموال، وتوجد وثائق مؤكدة تثبت تورط حزب الله بتجارة المخدرات بألمانيا". 
أضاف التقرير أن "المسارات الرئيسية لحزب الله تنتقل حاليا من أميركا الجنوبية إلى إفريقيا، ومنها إلى الاتحاد الأوروبي، حيث يتم تهريب الكوكايين إلى ألمانيا بشكل أساسي عبر موانئ روتردام وأنتويرب وهامبورغ”.
وداخل العاصمة برلين بحسب الصحيفة "تسمح السلطات لحزب الله أيضًا بنشر الدعاية في رويترستراس، وتجنيد أعضاء جدد، فضلا عن جمع التبرعات، التي يتم تحويلها إلى بيروت في نهاية المطاف”. 
وكشفت وكالة الاستخبارات في برلين، في تقريرها لعام 2019، أن “250 من أعضاء حزب الله يعيشون في العاصمة الألمانية، وينشط ما مجموعه 1050 من أعضاء وأنصار حزب الله في جميع أنحاء ألمانيا” بحسب الصحيفة. 
ونقلت الصحيفة الألمانية عن الصحافيين محمد عبدي وسبستيان ليبر بصحيفة “تاجيسبيجل” أن "الداعية الإسلامي تيفكول إيرول، من "مركز الإمام رضا" الإسلامي، ينشر دعاية حزب الله على منصات التواصل “تويتر” و”فيسبوك”، بما فيها رسائل تحريض من قادة حزب الله، الذين يصفهم بأنهم "المقاتلون الصحيحون" ضد الولايات المتحدة الأميركية. كما أنه قام بنشر شعار حزب الله، الذي يصور ذراعًا ممسكًا ببندقية هجومية كلاشينكوف طراز AK-47″. وذكرت الصحيفة الألمانية أن هناك مبنى آخر بالقرب من "مركز الإمام رضا" الإسلامي يضم مقر جمعية الإرشاد، ويتم استغلاله كمكان للصلاة والدعوة لأنصار حزب الله.
كما يشير تقرير وكالة الاستخبارات الألمانية، في هامبورغ لعام 2019، إلى أن هناك ما يقرب من 30 مسجدًا ومركزًا ثقافيًا في ألمانيا لها صلات بحزب الله، ويجتمع فيها العملاء بانتظام و"هي جميعها قريبة من حزب الله أو إيديولوجيته".

شارك