عمامة سوداء على القرن الأفريقي.. هكذا توغلت إيران في دول الصراعات والهشاشة الأمنية
الثلاثاء 10/ديسمبر/2019 - 02:42 م
طباعة
أحمد عادل
تمثل منطقة القرن الأفريقي، أهمية قصوى لكل دولة مهتمة بتوطيد أقدامها في منطقة الشرق الأوسط؛ وذلك للموقع الاستراتيجي المهم والحيوي الذي تمتلكه جزر المنطقة، والتي يمكن من خلاله التحكم في حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، ومنها إلى الشرق الأوسط وأوروبا.
ومن بين الدول التي تهتم بمنطقة القرن الأفريقي إيران؛ وذلك لاشتداد حدة الصراع السياسي والعسكري بين إيران وبعض الدول الإقليمية الشرق أوسطية ومنها السعودية والإمارات، وصراع التحالف العربي في اليمن، وهي الوجه المقابل لمنطقة القرن الأفريقي.
جيبوتي:
سعت طهران منذ عام 1999، على توطيد علاقاتها مع جيبوتي، وتحديدًا بعد تولي الرئيس إسماعيل عمر جيله، والذي أعلن مرارًا وتكرارًا طموح في توطيد علاقاته الاقتصادية والسياسية مع الجانب الإيراني.
وعملت إيران خلال ذلك على توثيق علاقاتها مع جيبوتي، منذ مطلع العقد الماضي، وذلك مع تولّي الرئيس إسماعيل عمر جيله عام 1999؛ حيث كان جيله يطمح إلى توطيد علاقات بلاده مع إيران.
مركز أهل البيت:
في عام 2014، أنشات إيران، أحد المراكز الشيعية الكبرى في جيبوتي، والتي ضمت عدة شخصيات شيعية في البلاد، وتطور النشاط الإيراني الشيعي مؤخرًا في جيبوتي، وصار في العلن بعد أن كان سريًّا، وذلك من خلال الأنشطة التي تقوم بها هذه المراكز الشيعية هناك، فعلى الرغم من خطر مثل هذه المنظمات، إلا أنها لا تلقى اعتراضًا رسميًّا من السلطات في جيبوتي، بل إن هذه المنظمات تتلقى دعمًا خارجيًّا سواء من إيران أو حتى عدد من المنظمات الدولية الشيعية المعنية بالأمر
إريتريا:
يرجع بداية العلاقات بين الجانب الإيراني والإريتيري، خلال الصراع في قضية النزاعات الحدودية بين إثيوبيا وإريتريا، التي استقلت عن الأخيرة عام 1991، والتي بلغت ذروتها في عام 2008، حينما زار الرئيس الإريتري أسياس أفورقي طهران، والتي صرح خلالها بما أسماه أهمية الاستفادة من الخبرات الإيرانية.
وفي عام 2009، دشنت طهران قاعدة بحرية لها في إريتريا تقع على باب المندب تستخدمها إيران حاليًّا في العديد من عملياتها لدعم ميليشيات الحوثيين في اليمن، عن طريق الوحدة 190 التابعة للحرس الثوري الإيراني، والتي يقودها بهنام شهرياري، والتي تمثل تهديد الأمن القومي العربي، وخاصة الدول الواقعة على ساحل البحر الأحمر.
ويعتبر ميناء عصب الإريتري، الذي يبتعد كيلومترات قليلة من مضيق باب المندب وخليج عدن، من أهم نقاط الوجود الإيراني في تلك المنطقة، ففي عام 2009، نصبت عددًا كبيرًا من بطاريات صواريخ بعيدة ومتوسطة المدى والصواريخ مضادة للطائرات.
الصومال:
في أغسطس 2011، كانت البداية الحقيقية والرسمية للوجود الإيراني في الصومال، حينما تواجه وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي أكبر صالحي إلى العاصمة الصومالية مقديشو، وذلك أثناء المجاعة التي ضربت الصومال عام 2011، وقامت آنذاك إيران ببناء وتجهيز مستشفى متكامل وإنشاء مخيم يتسع لألفي شخص ضمن مساعدات إنسانية بملايين الدولارات، وقال: إنه من خلال هذا المخيم ستتمكن إيران من تقديم المساعدات التعليمية والطبية التي يحتاج إليها الصوماليون.
وفي نوفمبر 2012، كانت الزيارة الثانية لصالحي، إلي مقديشو، وأكد الوزير الإيراني، أن بلاده ستعيد فتح سفارتها في الصومال بعد أكثر من عقدين من الزمان.
وخلال عام 2012، قال أحمدي نجاد: إن إيران تلتزم بالدفاع عن الشعب الصومالي، وأرسل السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة رسالة إلى الأمين العام، بأن كي مون، جاء فيها أن إيران سترسل سفينتين للبحرية الإيرانية للقيام بدوريات في الساحل الصومالي وخليج عدن لمدة خمسة أشهر؛ لمحاربة القراصنة الذين ينشطون في المنطقة ولحماية سفن الشحن الإيرانية.
حركة شباب المجاهدين وإيران:
وجدت إيران في حركة شباب المجاهدين الارهابية، الحصان الذي يمكن أن تمتطيه لتحقيق أغراضها الاستراتيجية؛ حيث صدرت العديد من التقارير الأممية الخاصة بفرض عقوبات على الحركة منذ العام 2012، والتي أشارت بمجملها بأن إيران تستغل الحركة في أنشطتها الإرهابية التي تضر بأمن البحر الأحمر، ومن هذه الأنشطة قيام إيران بتوظيف الحركة في تهديد الملاحة البحرية الدولية بصورة عامة، والأمريكية بصورة خاصة؛ من أجل إجبار الولايات المتحدة الأمريكية على نقل جزء من أسطولها البحري المرابط في مضيق هرمز إلى هناك.
هذا إضافةً إلي تقديم إيران الدعم لعمليات القرصنة التي تقوم بها الحركة، إلى جانب استخدام الحركة في نقل الأسلحة عبر مهربين إلى داخل الأراضي الفلسطينية لحركة الجهاد الإسلامي وحركة الصابرين.
وظهر تعاظم للتعاون بين الطرفين، بعد فرض عقوبات دولية على تجارة الفحم الصومالي في العام 2012، والذي تستخدمه الحركة في دعم عملياتها المسلحة، قامت إيران بتسخير الكثير من سفنها لتصدير الفحم الصومالي إلى الأسواق العالمية، مستخدمةً العلم الإيراني عليها، وفي مقابل هذا تقوم الحركة بتوريد مادة اليورانيوم إلى إيران، والذي تستخدمه بدورها في دعم أنشطتها النووية.
وفي دراسة أعدها الباحث محمد رمضان أبو شعيشع، تحت عنوان «الوجود الإيراني في القرن الأفريقي»، ونشرت في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية «أفايب» في عام 2018، قال: إن تسعى إيران لتكوين واستكمال الدوائر المفرغة من «الهلال الشيعي»، الذي لا يكتمل إلا من خلال سيطرة إيران على الجانب الجنوبي من هذا الهلال على حساب دول منطقة القرن الأفريقي ومضيق باب المندب على وجه الخصوص.
وأكد أن منطقة القرن الأفريقي تمثل بالنسبة للأمن القومي العربي أهمية استراتيجية خطيرة؛ إذ تضم المنطقة أهم منابع نهر النيل، وهو في دولة إثيوبيا، والذي يمثل نسبة 86% بمن إجمالي المياه الواردة من دول حوض النيل جميعًا.
وأضاف أن البحر الأحمر، يمثل أهمية كبرى للأمن القومي المصري، ويعتبر حلقة الوصل لمصر باتجاه أفريقيا وآسيا، ويتميز بأهمية جيوبوليتيكية؛ لما يحتويه من موانئ بحرية وإطلالة على طرق الملاحة البحرية للتجارة الدولية، وبالتالي تأمينه مسألة حياة للمصريين والعرب، والتي تسعى إيران من خلال تغذية ميليشيات الحوثية الموجودة في اليمن.