إلغاء العملة السورية.. تركيا تؤسس دويلة الإخوان في شمال سوريا
الأربعاء 11/ديسمبر/2019 - 12:09 م
طباعة
علي رجب
في إطار مخطط حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، تزداد محاولات تتريك المدن السورية الواقعة في الشمال السوري وسط مخاوف من مخطط تركي، لم تعد خافية غايته، ضمّ تلك المناطق إلى تركيا مستقبلاً، عبر تأسيس دويلة للإخوان في شمال سوريا، منعت عدة مجالس محلية في ريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة الموالية لتركيا تداول العملة السورية من فئة ألفي ليرة سورية اليوم الثلاثاء، حيث أعلن ما يسمى رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى التعامل بالعملة التركية والدولار بدلا من العملة السورية.
الليرة التركية
وأوضح انه تقرر العمل بالليرة التركية والدولار الأمريكي في مناطق الواقع تحت سيطرة الميليشيات الارهابية، مطالبة سكان المناطق ضرورة التخلص من هذه الفئة.
وأضاف أنه "تم تحديد مهلة شهر واحد من تاريخ صدوره للتخلص منها واستبدالها، على أن يتم تبليغ من يلزم كمحال الصرافة والتجار لتلافي الموضوع تحت طائلة المصادرة والإتلاف بعد انتهاء المدة".
وجاءت الخطوة وفق ما ذكره مصطفى عبر صفحته على “فيس بوك”، “بغية الحفاظ على القوة الشرائية للأخوة المواطنين وحماية أموالهم وممتلكاتهم وتسهيل التعاملات اليومية”.
عمليات التتريك
لم تتوقف حملة التتريك الممنهجة عند هذا الحد، بل ألزمت السكان استخراج بطاقات هوية جديدة، لاستخدامها في الدوائر الرسمية بالمدينة، متوعدةً المتخلفين عن حيازتها بالعقاب لتثير مخاوف استحواذ أنقرة على تلك المدن في استفتاء مستقبلي وضمها للأراضي التركية.
والاثنين الماضي اعلنت تركيا المساحة التي سيطرت عليها في شرق الفرات جراء عملية “نبع السلام” التي أطلقتها ضد “وحدات حماية الشعب” (الكردية) قبل أشهر.
وشهدت في مدن الشمال السوري المحتلة من قبل القوات التركية والميليشيات الموالية لها، عملية درع الفرات، وغصن الزيتون ونبع السلام، عملية تغيير ديمغرافي واسعة لهذه المناطق، بعد عمليات هجرة داخلية من قبل المقاتلين الموالين والمدعمون من تركيا، وكذلك عمليات هجير فقصرية للأكراد والمسيحيين والشيعة السوريين الموجودين في مناطق سيطرة الميليشيات الموالية لأردوغان في مدن حلب وإعزاز وعفرين ورأس العين وغيرها من المدن السورية المحتلة تركيا.
كذلك تشرف تركيا بشكل مباشر على المجالس المحلية التي تدير المناطق الواقعة بين جرابلس والباب وعفرين، وتتبع هذه المجالس لما يسمى بـ "الحكومة السورية المؤقتة" التي تتخذ من تركيا مقرًا لها، وتستلم رواتب موظفيها من الحكومة التركية.
الشريعة الاخوانية
وفي فبراير 2019 نشرت جماعة الإخوان الإرهابية في سوريا عبر موقعها الإلكتروني بيانًا حمل عنوان: "دور الجار التركي المأمول بين الحق والواجب" دعت فيه الجماعة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاحتلال سوريا بذريعة إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا.
ووفقا للبيان، قالت الجماعة الإرهابية: "إننا في جماعة الإخوان المسلمين نتوجه إلى جوارنا التاريخي الجيوسياسي في تركيا وإلى الرئيس رجب طيب أردوغان أن يمضوا على طريقتهم في نصرتهم لشعب مظلوم مخذول أطبقت عليه قوى الشر العالمي وما تزال تلاحقه بشرّها ومكرها وكيدها حلقة بعد حلقة، السيد الرئيس رجب طيب أردوغان المنطقة الأمنة بغير رعايتكم الإنسانية الحكيمة والكريمة لن تكون آمنة".
إن الورقة الإخوانية السورية ليست الوحيدة في يد تركيا، لكنها الورقة المضمونة فتركيا التي توغلت في الأراضي السورية تحت زعم محاربة “إرهاب” الأكراد، تحتاج الى مساندة من جماعة الإخوان المسلمين السورية، عبر مناشدتهم لتركيا بالتدخل، هذه المناشدة توفر غطاء شعبيا لتدخلها العسكري في المنطقة الأمنة، حتى باتت فعليا تسيطر على أرض دولة عربية وتهدد بالتدخل في العراق وتهدد العرب بالتحالف مع إيران.
كما يكشف بيان الإخوان أن ثمة عرقلة تركية مقصودة للمفاوضات الجارية بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” والتي يغلب على تكوينها عناصر من تنظيم “وحدات حماية الشعب” (YPG) الكردي، فتركيا تخشى الفراغ العسكري الناجم عن رحيل القوات الامريكية وانحسار داعش.
وبحسب المراقبون يتضح أن الجماعة استخدمت في بيانها الأسلوب الإنشائي المطعم بمصطلحات دينية لإظهار تركيا في دور الطرف الوحيد المدافع عن الشعب السوري، وتحدث البيان عن رد الجميل لأردوغان، عبر منحه الولاية على قطعة من الأراضي السورية، ولاية تعيد للأذهان أيام الحقبة العثمانية، ونصّبت الجماعة الإرهابية نفسها متحدثة باسم السوريين، لتختتم بيانها بدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السيطرة على شمال سوريا، بزريعة بناء "المنطقة الأمنة".
دويلة الإخوان
وتترسم ملامح الدويلة الاخوانية عبر وجود حكومة انتقالية في حلب وتتخذ من تركيا مقرا لها، وما يسمى "الجيش الوطني السوري" وهو تشكيل مسلح من عدة ميليشيات مدعومة تركيا، وكذلك مجلس محلية تسيطر عليها الميليشيات، اتخذا علم خاص بها، وايضا وجود مؤسسات تركية تعمل بشكل واسع في مناطق الميليشيات كالجامعات والبنوك والمؤسسات الأمنية والاقتصادية والثقافية.
وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، في مقابلة مع وكالة “الأناضول” الاثنين 9 ديسمبر الجاري، إن تركيا سيطرت على مساحة تقدر بطول 145 كيلومترًا وعمق 30 كيلومترًا في إطار عملية “نبع السلام”.
ويكتب الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي، مايكل يونج، من معهد كارنيجي للشرق الأوسط حول امتلاك تركيا تطلعات استعمارية جديدة في شمال سوريا، مشيراً إلى نيات تركية طويلة المدى في ضم الأراضي السورية إليها مرة وإلى الأبد، بل إن من يقرأ بعمق وتحليل لما يقول، يدرك أن تنظيم "داعش" لم يكن إلا أداة من أدوات تركيا، لتحقيق مطامعها التاريخية في الأراضي السورية، فالأراضي التي استولت عليها تركيا منهم باتت مجبرة على التعاطي باللغة التركية، والمستشفيات يتم فيها الإحلال والاستبدال بأي عنصر عربي، آخر تركياً، بينما تشي معطيات عدة، مثل إشارات السير التركية، وقوات الشرطة المدربة على أيدي أتراك، ومكاتب البريد التي بناها أتراك، إلى أن الدور التركي يتنامى باطراد وبشكل ينذر بالبقاء طويلاً، ودون خطة للانسحاب في المدى المنظور.