«إنجرليك وكورجيك».. ورقة «أردوغان» الرابحة دائمًا ضد أمريكا
الخميس 12/ديسمبر/2019 - 10:48 ص
طباعة
معاذ محمد
هدد مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، الأربعاء 11 ديسمبر 2019، بغلق قاعدتي «أنجرليك، وكورجيك» الأمريكيتين، واللتان توجدان بأنقرة، حال فرت واشنطن عقوبات على بلاده، بشأن منظومة «إس 400» الدفاعية الروسية، وفقًا للأناضول.
وقال «أوغلو»: إنه «إذا أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على خطوة سلبية ضد تركيا، فإن أنقرة سترد عليها»، مشددًا على أنه: «ينبغي على أعضاء الكونجرس الأمريكي أن يدركوا بأنهم لن يصلوا إلى نتيجة عبر الإملاءات».
وأضاف وزير الخارجية، أنه «في حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا، فإن أنقرة ستبحث مسألة الوجود الأمريكي في قاعدتي إنجيرليك وكورجيك»، مؤكدًا أن بلاده «منفتحة على بدائل لمقاتلات (إف 35) الأمريكية، بما في ذلك من روسيا».
وتعد قاعدتي «إنجرليك وكورجيك» ورقة ضغط دائمة من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على الولايات المتحدة الأمريكية، لقبول بعض القرارات التي تقدم عليها أنقرة، ولا تحظى بموافقة من قبل واشنطن.
قبول «نبع السلام»
على الرغم من اعتبار قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، حلفاء وشركاء لأمريكا في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهاب، إلا أنه في 9 أكتوبر 2017، أعلن «ترامب» سحب قواته من الشمال السوري، بعدما أعلنت تركيا شنها العملية العسكرية «نبع السلام» في المنطقة.
وبدا أن هناك تلاعبًا من قبل واشنطن بـ«الأكراد»، خصوصًا أن «ترامب» برر تخليه عنهم وعدم التعاون معهم في مواجهة التوغل التركي، في 10 أكتوبر 2019، قائلًا: «إنهم لم يساعدونا في الحرب العالمية الثانية، لم يساعدونا في نورماندي على سبيل المثال».
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، في تقرير لها، 16 أكتوبر 2019، أنه لا جدوى من التظاهر بأن «ترامب» لم يكن على علم بهدف «أردوغان» من غزو الشمال السوري، لافتةً إلى أنهما تحدثا هاتفيًّا في 6 أكتوبر 2019، قبل أن يأمر «دونالد» بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا.
في هذا التوقيت، كشفت تقارير أمريكية، نقلًا عن مسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن واشنطن تدرس خططًا لنقل نحو 50 قنبلة نووية خاصة بها، جرى تخزينها في قاعدة «إنجرليك» جنوبي تركيا، والتي تبعد نحو 400 كلم عن الحدود السورية، إبَّان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، عن مسؤول أمريكي، رفض الكشف عن اسمه، قوله: إن الأسلحة النووية باتت عمليًّا «رهينة» لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وحذرت الصحيفة ذاتها، في تقرير آخر، 22 أكتوبر 2019، «نيويورك من الثقة في أمر القاعدة الجوية، خصوصًا أنها تابعة للحكومة التركية، وإذا تدهورت العلاقات الأمريكية معها، فسيكون وصول واشنطن إليها غير مضمون».
عملية «عفرين»
وفي يناير 2018، نقل موقع «أورينت نت»، عن عبد القادر سيلفي، الصحفي المعروف بقربه من الحكومة «أردوغان» قوله: إن قاعدتا «إنجرليك وكورجيك» العسكريتين، كانا الورقة التي لوحت بها أنقرة في وجه واشنطن، والتي أسهمت في تخفيف حدة اعتراض الأخيرة على عملية «عفرين»، التي شنتها تركيا في الشمال السوري، ضد وحدات الشعب الكردية.
وفي هذه الأثناء، اعترف الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية بالجيش الأمريكي، أن تركيا أطلعت بلاده حول عمليتها العسكرية بمدينة «عفرين» السورية، مبررًا ذلك بأن بلاده لا تولي اهتمامًا خاصًا لهذه المنطقة، وأنها لا تقع بنطاق العمليات العسكرية لأمريكا.
وعلى غرار «نبع السلام»، أشار «فوتيل»، إلى أنه لا يعلم نوايا أنقرة من العملية، إلا أنه عبر عن قلقه من تأثيرها على مكافحة تنظيم داعش الإرهابي.
سياسة الضغط
وبعيدًا عن القاعدتين، تنتهج «تركيا» سياسة الضغط على الخصوم، في جميع القرارات التي تتخذها خلال الفترة الحالية.
في 11 نوفمبر 2019، اتفق وزارء خارجية الاتحاد الأوروبي، على فرض عقوبات اقتصادية؛ بسبب أعمال حفر تقوم بها أنقرة قبالة الساحل القبرصي؛ نظرًا لانتهاكها المنطقة الاقتصادية البحرية القبرصية، عقبها بيوم واحد، أكد «أردوغان» أن بلاده ستواصل إعادة مسلحي «داعش» الموقوفين لديها إلى بلدانهم، داعيًا «الأوروبي» إلى إعادة النظر في مواقفه من بلاده.
ونقلت «الأناضول» عن «أردوغان» قوله: إن تركيا «ستواصل إعادة إرهابيي داعش إلى بلدانهم، ولا يعنينا استقبالهم أو رفضهم لهم»، موجهًا حديثه إلى الاتحاد الأوروبي قائلًا: «عليكم إعادة النظر في مواقفكم من تركيا، التي تحبس هذا الكم من عناصر داعش في سجونها، وتضبطهم في الجانب السوري»، متابعًا: «لا تحاولوا تخويف تركيا بالتطورات في قبرص، فنحن لا نهتم بذلك، ونواصل طريقنا».
ووفقًا لوكالة رويترز، ذكرت أربعة مصادر رفيعة المستوى في حلف الناتو، الأربعاء 27 نوفمبر 2019، أن تركيا ترفض دعم خطة دفاعية للحلف، تخص دول البلطيق وبولندا، إلا بعد أن يمنحها الأخير دعمًا سياسيًّا أكبر في قتالها الوحدات الكردية بسوريا.
وأضافت المصادر، أن تركيا أمرت مبعوثها لدى الحلف بعدم اعتماد الخطة، مؤكدًا أنها تتخذ موقفًا متشددًا خلال اجتماعات ومحادثات خاصة، مطالبة الحلف بتصنيف مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية على أنهم «إرهابيون» في البيانات الرسمية.
ولكي تنفذ الخطة العسكرية للدفاع عن «بولندا، وليتوانيا، ولاتفيا، وإستونيا»، في وجه ما يوصف بـ«خطر الهجوم الروسي»، يجب الحصول على موافقة رسمية من كل الدول الأعضاء، وبدون موافقة أنقرة سيكون الموقف أصعب.