«المصالح الخماسية».. ماذا وراء قمة كوالالمبور؟

الخميس 12/ديسمبر/2019 - 10:53 ص
طباعة «المصالح الخماسية».. نهلة عبدالمنعم
 
يتزايد عدد الدول ذات الأغلبية المسلمة عن 57 دولة، هم تعداد المشتركين في منظمة التعاون الإسلامي التي تصف نفسها بالممثل الأول عن العالم الإسلامي،  إلا أن رئيس وزراء ماليزيا، مهاتير محمد، قرر دعوة زعماء أربع دول فقط، وهم «باكستان وقطر وتركيا وإندونيسيا» لمؤتمر إسلامي جديد، أطلق عليه «القمة الإسلامية بكوالالمبور 2019»، والمقرر عقدها خلال الفترة ما بين 18-21 ديسمبر.
وقد أدى هذا الإعلان إلى حدوث جلبة إعلامية وسياسية، أبرز ما فيها هو التساؤل حول العلاقات الاستراتيجية والمصالح المشتركة التي جمعت هؤلاء الخمسة للاجتماع على طاولة واحدة، وفي هذا التوقيت بالأخص.
أولاً: تركيا وماليزيا
شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا كبيرًا، مُظهرة حرص أردوغان على تطوير هذه الثنائية الدولية، ففي يناير 2014 قام رجب طيب أردوغان، وكان حينئذ يشغل منصب رئيس وزراء بزيارة لماليزيا، التقى خلالها نظيره الماليزي، نجيب تون عبدالرزاق، مؤكدين زيادة تعاونهما على المستوى السياسي والاقتصادي.
ومع وصول أردوغان لسدة الحكم في تركيا، أصبحت هذه العلاقة في تطور أكبر استغلالًا للبعد الديني الرابط لأغلبية سكان الدولتين والمصبوغ بهما الأحزاب السياسية الحاكمة لهما أيضًا، ما يعني أن الكيانين السياسيين يوظفان الدين في ملفاتهم السياسية وحشد التصويت الداخلي لصالحهم؛ ما يعمق التفاهم الأيدلوجي والاستراتيجي فيما بينهما، وهنا تتوافق الوجهتان الدوليتان حول الرغبة في تصدير صورة القيادة الدينية الإسلامية بما يمنحهما سيطرة روحية على بعض الدول الإسلامية، وبالأخص الضعيفة منها أو المتوافقة المصالح.
أما بخصوص المصالح الاقتصادية والتي تعد بالتأكيد المحرك الرئيسي لجميع التوازنات بالعالم، ذكر الموقع الرسمي لـ«وزارة الشؤون الخارجية التركية»ـ، أن استثمارات ماليزيا في تركيا وصلت في 2015 إلى 844 مليون دولار وبالطبع هي مرشحة للزيادة بالأعمال الاقتصادية  للشركات الخاصة التي أوصلت نسبة الاستثمارات إلى 2.5 مليار دولار أمريكي؛ إذ يعمل في تركيا حوالي 42 شركة ماليزية.
علاوةً على ذلك، فإن استثمارات تركيا في ماليزيا وصلت طبقًا للتقرير الرسمي للدولة إلى أكثر من 200 مليون دولار إلى جانب عدد من الشركات الكبرى، مع السماح لمواطني البلدين باجتياز الحدود الثنائية، دون الحاجة إلى تأشيرة رسمية لذلك.
بينما ذكر الموقع الإخباري «New Straits Times» في تقرير نشر في 27 يوليو 2019، أن إجمالي  التجارة بين البلدين وصل في 2018 إلى 2.38 مليار دولار تشمل البضائع المصدرة بينهما إلى جانب ما يضاف من استثمارت خاصة أخرى.
ثانيًا: تركيا وإندونيسيا
ترتبط البلدان بعلاقات وثيقة منذ آمد؛ إذ كانت أنقرة من أوائل الكيانات الدولية التي اعترفت بإندونيسيا، وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 1950، أي بعد خمسة أعوام فقط من حصول إندونيسيا على استقلالها.
ويحرص أردوغان على تمديد هذه العلاقات وبالأخص الاقتصادية؛ إذ يعتبر أن جاكرتا سوق استهلاكي كبير لمنتجاته وأعماله، فطبقًا لورقة بحثية قدمها معهد الشرق الأوسط عن العلاقات بين البلدين، تم الإشارة إلى تنامي حجم التجارة فيما بينهما بين 2004 و2012 إلى 14.8% ما مقداره 2.1 مليار دولار بعدما كان 623 مليون دولار فقط.
وفي يوليو 2019، نشرت «إندونيسيا اليوم» تصريح لوزير التجارة الإندونيسي، إنجارتيستو لوكيتا، حول تعهد بين البلدين لرفع حجم التجارة إلى 10 مليارات دولار باقتراب عام 2023.
كما تزعم وزارة الخارجية التركية، بأن حكومتها تساعد إندونيسيا في ملف مكافحة الإرهاب المنتشر بالبلاد، وهو ما يبدو غير جدي وغير فعال بشكل حقيقي، فالهجمات المتطرفة تتصاعد اضطراديًا  في المنطقة وكان آخرها في 3 ديسمبر، عندما استطاع أحد الأشخاص تفجير قنبلة في محيط القصر الرئاسي بجاكرتا، والذي تشتد حوله إجراءات الأمن.
ثالثًا: تركيا وباكستان
تتسم علاقات باكستان وتركيا بمزيد من التوافق والانسجام والمصالح المشتركة، فأولًا تتصف أغلبية مواطني البلاد بالتشدد وتُحكم الدولة بقانون التجديف الذي يعاقب على ازدراء الأديان، ولكن لمعتنقي الديانات الأخرى غير المسلمة، ونتيجة للانفصال الطائفي الذي تم بين الهند وباكستان في الخمسينات اشتدت النعرة المتشددة بالبلاد، وهو ما تجد فيه تركيا بعدًا أيدلوجيًا متوافقًا يرضي طموحات أردوغان التوسوعية.
وفي ذات الوقت، تقدم تركيا ما تمتلكه من أسلحة ومعدات عسكرية لإسلام آباد؛ ما يمنحها ميزة قتالية تزعزع بها الاستقرار  السياسي لجارتها بالهند، إذ تساعدها في بناء اسطول بحري بالقرب من مقر قيادة السلاح البحري للهند بما يصل إلى 2.3 مليار دولار، كما ارتفعت نسبة الصادرات العسكرية من تركيا إلى باكستان بـ400 مليون دولار.

شارك