صادرات السلاح إلى تركيا.. هل تضع الحكومات الأوروبية في مأزق أمام الناخبين؟
الخميس 12/ديسمبر/2019 - 11:13 ص
طباعة
أحمد سامي عبد الفتاح
مع تصاعد وتيرة الخلافات بين الاتحاد الأوروبي من جهة، وبين تركيا من جهة أخرى، على خلفية قيام الأخيرة بأعمال تنقيب غير شرعية عن الغاز في شرق البحر المتوسطـ، فضلا عن انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، ودعمها للتنظيمات الإرهابية، تتكشف بعض الحقائق المهمة أمام الناخب الأوروبي لكي يتمكن من إعادة هيكلة أولوياته الانتخابية في الفترة المقبلة، بما يشكل صالحه الخاص المتمثل في تحييد خطر الإرهاب المتنامى على القارة البيضاء.
مؤخرًا أصدر الرئيس التركي تهديدًا بأن دول شرق المتوسط لن تتمكن من تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا دون موافقة أنقرة، متناسيًا أن أسلحته يتم استيرادها من الدول الغربية، وهو ما يضع دولًا مثل ألمانيا وإيطاليا على سبيل المثال فى موضع حرج، إذ تعد الدولتان من كبار الدول المصدرة للأسلحة النوعية إلى تركيا.
ويتعاظم الخطر التركي على أوروبا من خلال دعم أنقرة التنظيمات المتطرفة، ومحاولتها قطع إمدادات الطاقة لأوروبا، مع العلم أن دول القارة العجوز تحاول توفير بديل شرق أوسطي للغاز لكي يحل محل الغاز الروسي، وهو الأمر الذي قد يسهم في تقليل نفوذ موسكو على أوروبا في بعض الملفات الشائكة، أهمها أوكرانيا وقضية القرم.
الأرقام تتحدث
في العام 2018، احتلت تركيا المكانة الأولى كأكبر مستورد للسلاح من ألمانيا، إذ بلغت عقود التسليح قرابة 120 مليون دولار، وفي مايو من نفس العام أيضًا، وافقت برلين على صفقة غواصات حربية، كما وافقت فى أكتوبر على صفقة سفن حربية تقدر بقيمة 28.5 مليون دولار .
وفي عام 2019، وصلت صادرات السلاح الألمانية إلي تركيا إلى أعلى مستوى لها في 14 عاما، حيث صدرت ما قيمته 277 مليون دولار خلال العشرة أشهر الأولي من العام، قبل أن تقوم بفرض حظر على توريد السلاح ردًّا على العدوان التركي على سوريا، ونشرت هذه المعلومات من قبل وزارة الاقتصاد الألمانية بعد طلب أحزاب اليسار الشعبوية.
ويؤكد هذا أن الدول الغربية خاصة ألمانيا لديها القدرة على ممارسة ضغوط سياسية على تركيا بوقف مبيعات الأسلحة النوعية التي تشكل قوام القوات المسلحة التركية، الأمر الذي سيدفع تصنيف الجيش التركي وقدراته العسكرية للتراجع.
إيطاليا نموذج آخر
وعلى الصعيد نفسه، تحدثت إحصائيات إيطالية غير رسمية في نوفمبر 2019، عن صادرات السلاح إلى تركيا خلال الأربع سنوات الأخيرة، إذ بلغت 25.2 مليون يورو في عام 2014، مقارنة بـ128.8 مليون يورو في 2015.
كما بلغت نسب الصادرات 133.4 مليون يورو في 2016، و266.1 في 2017، و362.3 في 2018، الأمر الذي يؤكد زيادة اعتمادية الجيش التركي على روما في تحسين القدرة القتالية لعناصره.
كما نشرت وكالة «سبوتنيك» الروسية تقريرًا في نوفمبر 2017 أكدت فيه أن مروحية "اتاك" التركية تم صناعتها بعد أن وقعت تركيا اتفاقية مع إيطاليا في 2009، بمقتضاها أمدت روما الجانب التركي بتكنولوجيا المروحيات، كما قامت بتصميم الطائرة قبل أن تقوم الاخيرة بتصنيعها، وهو ما يتنافى مع التصريحات الرسمية التركية التي تتباهي بصناعة هذه الطائرة متجاهلة تماما أنه بدون الدعم الإيطالي لما تمكنت هذه الطائرة من معانقة السماء.
وأشار تقرير آخر نشره موقع «دويتشه فيله» في نوفمبر الماضي أن تركيا تستورد 15% من حاجتها للسلاح من فرنسا، فضلا عن 17% من إسبانيا، مع العلم أن كلا الدولتين أوقفتا مبيعات السلاح الي تركيا على خلفية عدوان الأخيرة لشمال سوريا.
الاهتمام التركي بتسليح الجيش تزامن مع زيادة النفقات العسكرية من أجل تلبية رغبة الاستيراد من الخارج، ففي عام 2019، نشر موقع «تريدينج ايكونوميز» المختص في الشؤون العسكرية، تقريرًا جاء فيه أن الإنفاق التركي زاد بقرابة 2 مليار دولار في عام 2018 فقط، كما أشار إلى أن واردات أنقرة من السلاح بلغت 685 مليون دولار في عام 2018 فقط رغم الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد نتيجة تراجع قيمة عملتها المحلية في الوقت الحالي.
تقليل الضغط الأوروبي
ومؤخرًا، حاولت تركيا تنويع مصادر أسلحتها من أجل تقليل الضغط الأوروبي عليها، فلجأت إلى روسيا قبل عامين من الآن من أجل استيراد منظومة الدفاع الجوية «اس 400» التي تقول موسكو إنها واحدة من أفضل المنظومات في العالم.
وتضمن الاتفاق نقل تكنولوجيا التصنيع، على أن يقوم الطرفان بتصنيع بطاريتين في موسكو، وبطاريتين آخرتين في أنقرة.
واعتقدت «أنقرة» أنه سيكون بمقدرتها امتلاك أقوى طائرة في العالم وهى الطائرة الأمريكية «إف 35» إلى جوار منظومة الدفاع الجوية الروسية «اس 400»، لكنّ جاءت الرياح محملة لأنقرة بما لا تشتهي السفن، إذ قامت الولايات المتحدة بتوقيع عقوبات عسكرية على أنقرة، تم على أثرها استبعادها من برنامج انتاج «إف 35» التي تعد الأحدث في العالم.