إجراءات مكافحة الإرهاب بين «تحجيم» التطرف وحقوق المواطنة
الخميس 12/ديسمبر/2019 - 01:38 م
طباعة
شيماء حفظي
تصاعدت إجراءات الدول الأوروبية لوضع قوانين لمكافحة الإرهاب منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 ، ومع زيادة أعمال العنف والتطرف حول العالم، وارتباط تلك الظاهرة - أو محاولة البعض ربطها – بالمهاجرين، أثيرت قضية حول مدى ملائمة تلك القوانين لحقوق الإنسان والمواطنة.
وإجراءات مكافحة الإرهاب، هي تدابير أو أدوات تضعها الدول لمواجهة انتشار التطرف، وهي تلك التي تتعامل فيها قوات الأمن والاستخبارات وتتعامل بمراقبة الهواتف المحمولة والبريد الإلكتروني والمعاملات عبر الإنترنت إلى جانب معاملات الحسابات المصرفية وممارسات الاستقصاء الأخرى قد تم ممارستها في العديد من الدول الغربية.
وكإجراء لحماية حقوق الإنسان وخصوصية البيانات، دعت الأمم المتحدة، كهيئة دولية، الدول على مباشرة الشفافية في إطار الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب.
وأبرز المخاطر الواقعة بين إجراءات مكافحة الإرهاب وبين حقوق المواطنة، تتعلق بالأفراد من الأصول العرقية، وهو مانقلته دراسة أمريكية عن الباحث "راسل هاردن"، في مقال بعنوان «الحريات المدنية في عصر الإرهاب الجماعي»، إن الأفراد ذوي الأصول العرقية الذين يعيشون في بلدان مثل الولايات المتحدة تعرضوا لانتهاك حرياتهم المدنية بطريقة نمطية.
«نحن ندخل حقبة جديدة تكون فيها الحريات المدنية نمطية، أنا ومعظم المواطنين الأمريكيين الذين من المحتمل أن يقرأوا هذه الورقة يتمتعون بحماية أكبر لحرياتنا المدنية أكثر من غيرهم من مواطني الولايات المتحدة الذين يمكن تصنيفهم بسهولة على أنهم أمريكيون من أصل عربي أو للأسف، أمريكيون من أصل أفريقي»، بحسب «هاردين».
وعلى الرغم من أن هذا الورقة نشرت في عام 2003، لكن المخاطر التي تنطوي عليها إجراءات مكافحة الإرهاب في أوروبا، مازالت مستمرة ويمكن تعزية هذا الأمر إلى زيادة انتشار التطرف، وظهور تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي تمكن من جذب إرهابيين من المجتمعات الغربية، وأصبحت الدول تتعامل مع إرهابيين محتملين في البلاد، وخطر عائدين بعد انضمامهم لقتال التنظيم.
وفي دراسة أمريكية أجرتها «دارين وديفيس» و«بريان د. سيلفر» من جامعة ولاية «ميشيجان» الأمريكية، فحص المؤلفان الرأي العام بشأن المساس بالحريات المدنية من أجل أمن الدولة عبر استطلاعات رأي أجريت عبر الهاتف، وجدت أن المواطنين الأمريكيين يؤيدون حماية الحريات المدنية على الأمن الشخصي بشكل أكثر تجريدًا من المواقف الفعلية.
وردًّا على سؤال عام يتعلق بالتخلي عن بعض الحريات المدنية من أجل كبح الإرهاب في الولايات المتحدة، أيد 55٪ حماية الحريات المدنية.
وفي أطروحتها التي تحمل عنوان "المواطنة غير المتكافئة: أن تكون مسلمًا وكنديًّا في فترة ما بعد 11 سبتمبر «تتحدث بلجيت ناجرًا عن أن حقوق المواطنة للمسلمين الكنديين يمكن تقويضها لأنهم لا يستطيعون الوصول إلى الولاء والجنسية، وهي جوانب مهمة.
وتشير أيضًا إلى أنه يُنظر إلى الرجال المسلمين على أنهم بربريون وخطيرون، وتصور المسلمات على أنهن سلبيات ومضطهدات من قبل مجتمعاتهن، ونتيجة لتلك المفاهيم السائدة، يتعين على الشباب الكندي المسلم أن يستثمروا وقتًا طويلاً في ترسيخ أنفسهم كأفكار وعقلانية ومتعلمة وسلمية"، بحسب الباحثة.
وتشير دراسة بعنوان «جنون العظمة.. المواطنة والحريات المدنية ومكافحة الإرهاب»، للباحث "كارلوس أ. أباركا"، في جامعة "واترلو" الكندية، نشرت عام 2014، إلى أن الإجراءات التي يجب دراسة تأثيرها على المواطنة تشمل سلطة الاحتجاز دون تهمة للمواطنين الأجانب وزيادة فتراتها .
وطرحت الدراسة تساؤلات حول توقيت البدء في التمييز بين ما يخضع لمعايير مكافحة الإرهاب وما هو غير ذلك؟ مثل كيف نعرف أن أدوات مثل جمع البيانات ستتم في إطار سجل الهوية الوطنية، وهل ستستخدم بالفعل لمكافحة الأنشطة الإرهابية وليس لاستهداف مجموعات معينة أو حتى بيعها لشركات خاصة؟ ، مطالبة بمناقشة هذه المخاوف بين مستشاري السياسة والسياسيين على حد سواء.
وتؤكد الدراسة أن سياسات وبرامج مكافحة الإرهاب التي تنحرف عن الالتزام بحماية الحريات الفردية تلحق الضرر بالسياسة الخارجية والأمن القومي، كما يمكن أن تقلل من شرعية جهود الدول في مكافحة الإرهاب وتضعف الثقة في تصرفات الحكومات، وتعيق التعاون والدعم.
وختمت الدراسة بأنه لا يمكن تحقيق ممارسات مكافحة الإرهاب على نحو أفضل إلا عندما تؤخذ الحريات المدنية في الاعتبار