سحب القوات الامريكية والوثائق المضللة للرأي العام.. فرصة لتمدد طالبان

الإثنين 16/ديسمبر/2019 - 12:44 م
طباعة سحب القوات الامريكية حسام الحداد
 
كشف مسؤولون أمريكيون أن الولايات المتحدة تعتزم سحب نحو 4 آلاف جندي من أفغانستان، الأسبوع المقبل، أي ثلث عدد الجنود الموجودين هناك.
ونقلت قناة "إن بي سي نيوز" عن ثلاثة مسؤولين سابقين وحاليين أن إدارة الرئيس ترامب تعتزم إعلان سحب نحو 4 آلاف جندي من أفغانستان، الأسبوع المقبل، في حين ستترك بين 8 و9 آلاف من جنودها هناك.
وقالت إن الإعلان سيأتي بعد أيام من استئناف واشنطن محادثات السلام مع طالبان في العاصمة القطرية الدوحة، رغم إعلان مبعوث السلام الأمريكي الخاص إلى أفغاستان، زلماي خليل زاد، الأربعاء 11 ديسمبر الجاري، تعليق المحادثات "لفترة وجيزة"؛ بسبب تفجير تبنّته طالبان، الأربعاء، قرب قاعدة "باغرام"، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، جنوبي العاصمة الأفغانية كابل.
وتمتلك الولايات المتحدة حالياً بين 12 و13 ألف جندي في أفغانستان، فيما لم يحدد المسؤولون الأمريكان موعد سحب الجنود، لكن وصفوها بأنها عملية ستكون على مراحل ولبضعة أشهر.
وكان ترامب وصل إلى أفغانستان، قبل نحو أسبوعين، في زيارة غير معلنة، حيث التقى العسكريين الأمريكيين هناك والرئيس الأفغاني أشرف غني.
وقبل أسبوع، أعلنت قطر استئناف محادثات السلام بين الولايات المتحدة وطالبان بالدوحة، بعد 3 شهور من وقفها بقرار من الرئيس الأمريكي.
وتشهد أفغانستان، منذ الغزو الأمريكي عام 2001، صراعاً بين حركة طالبان من جهة، والقوات الحكومية والدولية بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى؛ ما تسبب في سقوط آلاف الضحايا المدنيين.
وتشن "طالبان" التي تسيطر على نصف البلاد تقريباً، هجمات شبه يومية ضد الحكومة، وترفض إجراء مفاوضات مباشرة معها؛ بحجة أنها "غير شرعية"، وتشترط بغية التوصل لسلام معها خروج القوات الأمريكية من البلاد.
ويرى عدد ليس بالقليل من متابعي الشأن الأفغاني أن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان ربما يكون فرصة ذهبية لحركة طالبان في السيطرة على مقاليد الأمور في أفغانستان مما يدخل المنطقة بأسرها في حالة جديدة من حالات التوتر والحروب سواء بين طالبان والحكومة الأفغاني أم بينها وبين باقي الحركات الإسلامية التي تريد موضع قدم في منطقة الشرق الأوسط
ويرجع البعض انسحاب القوات الأمريكية بعد كشف العديد من الوثائق الرسمية التي تؤكد على تضليل الرأي العام الأمريكي حيث أظهرت هذه الوثائق الرسمية حجم الخسائر الأمريكية الهائلة وتقييمات قاسية جراء حرب أفغانستان، التي استمرت أكثر من 18 عاماً متواصلة، بعد أحداث الـ11 من سبتمبر.
وقد كشفت الوثائق التي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، الاثنين 9 ديسمبر الجاري، وتشمل أكثر من ألفي صفحة، أن المسؤولين الأمريكيين دأبوا على تضليل الرأي العام بشأن حرب أفغانستان؛ الأطول في تاريخ البلاد.
وشملت الوثائق المنشورة، التي خاضت الصحيفة معركة قانونية استمرت ثلاث سنوات لنشرها، أحاديث لعدد من كبار القادة العسكريين والدبلوماسيين حاولت الحكومة إبقاءها بعيدة عن الجمهور.
وأكد الفريق متقاعد دوغلاس لوت، الذي قاد المجهود الحربي في عهد الرئيسين السابقين؛ جورج دبليو بوش، وباراك أوباما، في مقابلات أجريت في إطار المشروع العام 2015، أن الحرب أزهقت أرواح 2400 شخص.
وقال لوت: "ما الذي نحاول القيام به هنا؟ ليس لدينا أدنى فكرة بشأن ما نقوم به".
وكان لوت يشير إلى عدد القتلى الرسمي، وفق "البنتاغون"، من بين 750 ألفاً من أفراد الخدمة الذين تم نشرهم في أفغانستان منذ الغزو الأمريكي في عام 2001، في حين أصيب أكثر من 20 ألفاً آخرين.
وأنفقت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الدفاع "البنتاغون"، ووزارة الخارجية، ما بين 934 مليار دولار و978 مليار دولار على الحرب وجهود إعادة البناء، وفقاً لتقديرات أجرتها نيتا كروفورد، أستاذة العلوم السياسية والمديرة المشاركة لمشروع تكاليف الحرب في جامعة "براون"، حسبما ذكرت الصحيفة.
وبينت الصحيفة أن هذا المبلغ لا يشمل نفقات وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، أو وزارة شؤون المحاربين القدامى، أو غيرها من الوكالات ذات الصلة، الأمر الذي يجعل المجموع الحقيقي المحتمل يتجاوز تريليون دولار.
بدوره قال جيفري إيغرز، وهو أحد موظفي بوش وأوباما بالبيت الأبيض، وجندي سابق بالقوات الخاصة في البحرية الأمريكية: "علامَ حصلنا مقابل هذا الجهد بقيمة تريليون دولار؟ هل كان ذلك يستحق تريليون دولار؟".
وأضاف إيغرز: "بعد مقتل (زعيم تنظيم القاعدة) أسامة بن لادن، قلت إن أسامة ربما كان يضحك في قبره المائي وهو يفكر في حجم المبالغ التي أنفقناها على أفغانستان".
ويتعارض هذا التقييم الصريح مع الرواية العامة التي صدرت عن "البنتاغون" ووزارة الخارجية الأمريكية باستمرار؛ بأن الولايات المتحدة تحرز تقدماً في حرب أفغانستان، وأنها في الواقع تستحق التكاليف –سواء البشرية أو الاقتصادية- التي يجري احتسابها، بينما تستمر دون نهاية تلوح في الأفق.
من جانبه أقر جون سوبكو، رئيس مكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان الذي قاد المشروع، في تعليقات للصحيفة، بأن الوثائق تُظهر "أن الشعب الأمريكي تعرض للكذب باستمرار".
وتشهد أفغانستان، منذ الغزو الأمريكي عام 2001، صراعاً بين حركة طالبان من جهة، والقوات الحكومية والدولية بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى، ما تسبب في سقوط آلاف الضحايا المدنيين.
ومنذ عام تقريباً تجري حركة طالبان محادثات سلام مع الولايات المتحدة، ولكنها ترفض الاعتراف بالحكومة الأفغانية أو التفاوض معها.

شارك