تهديدات «داعش» لفرنسا.. مدينة النور تبتعد عن أعين طيور الظلام
الإثنين 16/ديسمبر/2019 - 01:12 م
طباعة
مصطفى محمد
كانت وما زالت فرنسا تمثل هدفًا أساسيًّا لتنظيم «داعش» وذئابه المنفردة، إذ أصبحت مدينة النور، التي شاركت بقوة في التحالف الدولي لردع التنظيم في سوريا والعراق، فعلى مدار عام كامل، لم يصدر التنظيم الإرهابي عبر المواقع التي ينتشر عليها «التليجرام»، تهديدًا واضحًا لفرنسا كما كان يفعل في السابق.
وبالرغم من ضعف الآلة الإعلامية للتنظيم الإرهابي بعد الضربات الموجعة التي تلقاها هذا العام كانت بدايتها هزيمته في سوريا رسميًّا، ومقتل زعيمه السابق «أبوبكر البغدادي» في أكتوبر 2019، فإن المخاوف الأوروبية تتزايد من التنظيم مع بدء الاحتفالات بالعام الجديد، خوفًا من الدواعش العائدين لتكرير الهجمات الدامية التي وقعت في 2015، وهجوم سوق عيد الميلاد في ستراسبورج خلال احتفالات العام الماضي.
هجمات دامية
خلال السنوات الماضية، شهدت مدينة النور، هجمات دامية، من قبل ذئاب داعش، التي اتبعت وصية المتحدث الرسمي السابق للتنظيم، «أبومحمد العدناني»، المقتول في أغسطس 2016، إثر غارة جوية نفذتها قوات التحالف الدولي بمدينة حلب السورية، قال مخاطبًا في تسجيل صوتي عام 2014«ابذل جهدك في قتل أي أمريكي أو فرنسي، أو أي من حلفائهم، فإن عجزت عن العبوة أو الرصاصة، فاستفرد بالكافر، وارضخ له بحجر أو انحره بسكين، أو اقذفه من شاهق، أو ادهسه بسيارة» - بحسب وصفه.
وفي 13 نوفمبر 2015، عاشت باريس يومًا داميًا، حيث استهدف ذئاب داعش عدة هجمات متزامنة في ستة أماكن حيوية، أبرزها ملعب «دو فرانس» لكرة القدم، ومسرح «الباتاكلان»، ما أسفر عن مقتل 130شخصًا، وجرح 368 آخرين، وكانت تلك الأحداث الأكثر دموية في تاريخ فرنسا، آنذاك.
كانت آخر الهجمات التي شنتها ذئاب «داعش» في فرنسا، في 12 ديسمبر 2018، حيث قام المدعو شريف شيخات البالغ من العمر 29 عامًا، بإطلاق النار في وسط مدينة ستراسبورغ بالقرب من سوق لبيع مستلزمات عيد الميلاد، وقتل 3 أشخاص، ولقي حتفه بعد أيام في عملية أمنية شنتها الشرطة الفرنسية في منطقة نويدورف ميناو بستراسبورغ على بعد نحو كيلومترين من موقع الهجوم.
فيديوهات وهمية
»ونراه قريبًا.. فتح باريس»، أبرز الفيديوهات التي نشرتها «مؤسسة العبد الفقير» الإعلامية التابعة للتنظيم الإرهابي على «التليجرام» 2018، تضمنت تهديدات واضحة وصريحة لفرنسا، بشن العديد من الهجمات بأراضيها، من خلال تركيب مشاهد حربية واقتباسها من اللعبة الشهيرة .«Call of Duty Modern Warfare 3»
الفيديو الذي بثه التنظيم الإرهابي خلال قوة آلته الإعلامية قبل سقوطها، تضمن العديد من المشاهد الوهمية المقتبسة من اللعبة الشهيرة، متضمنًا مشاهد اقتحام شوارع باريس ومعالمها الأساسية كـ"برج إيفل"، مستعينًا بكلمات صوتية لـ"العدناني" التي أطلقها في إبريل 2016 قائلاً: «إننا نريد باريس قبل روما وقبل الأندلس وقبل أن نسوّد عيشكم وننسف بيتكم الأبيض وساعة بيج بن وبرج إيفل».
ولم يكتف التنظيم بما سبق، بل نشر أيضًا مشاهد تمثيلية في الفيديو، الذي لم تتجاوز مدته ٦ دقائق، لهجمات وهمية لعناصره في باريس، منها مشهد لاستهداف سيارة تابعة للجيش الفرنسي، على أطراف المدينة، وتدخل الطائرات الحربية التابعة للتنظيم.
لم يكن هذا الفيديو هو الأشهر الذي بثه التنظيم الإرهابي عبر مواقعه ومنتدياته قبيل إغلاق العديد منها، بل كانت كلمة الداعشي المدعو «أبوقتال الفرنسي»، منفذ هجوم باريس الذي وقع في نوفمبر 2015، والتي قال فيها –حينذاك-: «والله لقد جئناكم بالذبح، وإن سكاكيننا تقترب من حناجركم، يومًا بعد يوم، ووالله لنقاتلنكم في قلب باريس وعند ركن برج إيفل».
«الإرهاب العادل» كان ذلك أحد الأمور التي تطرق إليها التنظيم الإرهابي لإثارة الرعب داخل أوروبا، وظهرت تلك الطريقة قبيل كأس العالم 2018، حيث بدأت لجان التنظيم في رصد عدد من الشخصيات البارزة في عالم المستديرة، وتهديدها علنًا باستهدافها، من أبرزها مدرب منتخب فرنسا «ديدييه ديشان»، الذي قاد فرنسا للفوز في كأس العالم 1998، انتقامًا من مشاركة بلاده في التحالف الدولي بسوريا والعراق ضد «داعش».
مخاوف من عودة المقاتلين
شكلت ظاهرة الفرنسيين الدواعش، العائدين خلال الفترة الأخيرة، الكابوس الأمني الذي يؤرق مراكز القرار السياسي في البلاد، حيث تنتشر مخاوف واسعة من أن يقوموا بتنفيذ عمليات إرهابية أكثر وحشية من سابقاتها، للانتقام من الهزائم العسكرية، التي تلقاها «داعش» في مختلف المناطق التي كان يسيطر عليها إبان الاحتفال بأعياد الميلاد.
وبحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب (مقره هولندا وألمانيا) فأن عدد الدواعش الفرنسيين الذين انضموا للتنظيم الإرهابي يقدربـ 1200 شخص، أغلبهم يقبع في سوريا، إذ يوجد 400 منهم في سجون قوات سوريا الديمقراطية "قسد" شمال البلاد.