أوروبا وتصاعد ظاهرة "الانتحاريات" بين التنظيمات الإرهابية
الخميس 19/ديسمبر/2019 - 12:56 م
طباعة
حسام الحداد
مشاركة المرأة في منظومة العنف لدى الجماعات السلفية الجهادية بدأت منذ سنوات مضت،
وعلى الرغم من أن توظيف الطاقات النسائية في التنظيمات والفصائل المسلحة ليس بالجديد، فإن انخراط النسوة في التنظيمات الجهادية المتطرفة ما زال أمراً مثار حيرة وإرباك وسخط. كما حدث مع حركة تحرير «نمور التأميل» في سريلانكا، التي اعتمدت في مواجهاتها على الأحزمة الناسفة، حتى بلغت القوة النسائية الانتحارية في صفوفها 60% بعد أن بحثت عن عنصر جديد إثر مقتل الكثير من التاميليين الرجال أو هجرتهم، فاليوم يحدث الاستخدام الانتقائي والنفعي للنساء الجهاديات من قبل التنظيمات الإسلامية المتطرفة وعلى رأسها «القاعدة» وما يسمى بـ «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) أمراً ملحوظاً.
مما زاد من حالة القلق التي تسود معظم الدول الأوروبية مع عودة مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي وأسرهم، وذلك رغم هزيمة التنظيم ومقتل أبرز قادته، إلا أن نساء التنظيم يمثلن خطرا كبيرا في ظل تمسكهن بأيدولوجية التنظيم المتطرفة.
واليوم هناك حالة من القلق تسود معظم الدول الأوروبية مع عودة مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي وأسرهم، وذلك رغم هزيمة التنظيم ومقتل أبرز قادته، إلا أن نساء التنظيم يمثلن خطرا كبيرا في ظل تمسكهن بأيدولوجية التنظيم المتطرفة.
وقد حذرت تقارير دولية من هذا الخطر حيث ان نساء التنظيم يشكلن بين 15 و20 % من أفراد الجماعات الإرهابية، و20 % من إجمالي المجندين الأجانب في صفوف هذه التنظيمات، بينما قال المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، في عام 2018 إن 13 % من الأجانب في داعش نساء.
وعلى مدار أعوام، اهتم التنظيم بكتائبه النسائية اهتماما خاصا، فشكل كتائب نسائية منها «كتيبة الخنساء»، التي لعبت دوراً في مناطق سيطرته، تحديدا في الرقة السورية، ولعبن أدوارا في تجنيد عناصر إرهابية من أوروبا، كما شكلن عنصر الجذب للشباب، وكذلك دورهن في تعذيب النساء اللاتي يرفضن الانضمام أو الانصياع لتعليمات التنظيم الإرهابي.
وفي كثير من الأحيان تتجاوز فعالية المرأة في الجماعات الإرهابية فاعلية الرجال، وذلك بفضل قدرتهن على التهرّب من إجراءات التفتيش والكشف الأمني، إضافة إلى الحصانة المجتمعية للمرأة. مما وضع الميليشيات النسائية في خانة القنابل الموقوتة المتنقلة.
وعادت نساء داعش إلى الواجهة مجددا، خلال شهر ديسمبر الجاري بعدما حذر تقرير، أصدرته مجموعة "جلوبسك" غير الحكومية في منتصف ديسمبر الجاري، من الخطر الذي تشكله نساء داعش.
وجرى إصدار نتائج التقرير بعد تدقيق في بيانات 326 من المتشددين الأوروبيين الذين تم أسرهم أو ترحيلهم أو قتلهم منذ عام 2015، من بينهم 43 امرأة.
وخلصت "جلوبسك"، التي تتخذ من سلوفاكيا مقرا لها، إلى أن "الداعشيات" يشكلن تهديدا خطيرا، كما أنهن مستعدات لشن هجمات في أي وقت.
وقالت "يتضح أن أكثر من 40 امرأة مدرجة في مجموعة البيانات لسن مجرد عرائس، لأن الدور الذي يلعبنه في الشبكات الإرهابية أكثر تطورا وتطلبا".
وتابعت "هؤلاء النسوة لم يكن فقط عرائس للمقاتلين في داعش، فبعضهن خططن لهجمات، وبعضهن يعملن على استقطاب مجندات، وهن ناشطات في مجال الدعاية، وينشطن كذلك في مجال التمويل".
ورصد التقرير محاولات بذلتها نساء داعش لإطلاق حملات تمويل جماعية، إضافة إلى دورهن كـ"ضابط لوجستي" لحماية المقاتلين، مما أكسبهن خبرة عسكرية.
من جهة أخرى، بحث التقرير العلاقة بين الجريمة والمتطرفين، بما في ذلك الحقيقة التي تفيد بأن العديد من المقاتلين لديهم سجلات إجرامية عادية.
ولدى تقديم التقرير، تم إبلاغ مسؤولي الاتحاد الأوروبي المرتبطين بالسياسة الأمنية بأن معظم المدانين في أوروبا بجرائم الإرهاب استمروا في ارتكاب جرائم مماثلة بعد إطلاق سراحهم.
وقال بارت شورمان، الباحث الأمني بجامعة ليدن بهولندا، الذي ساهم في إعداد التقرير "يمكن للموظفين الهولنديين بعد سنوات من العمل الإعلان أن اثنين فقط من السجناء تخليا عن التطرف".
وقال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية في أحدث تقاريره والصادر في 17 ديسمبر الجاري 2019، إن المؤشر العالمي للإرهاب لعام 2019 الصادر عن مركز السلام والاقتصاد، وهو أحد المراكز البحثية الكبرى المعنية برصد ومتابعة مؤشرات الإرهاب حول العالم، أوضح أن ظاهرة النساء الانتحاريات شهدت ارتفاعًا كبيرًا بداية من عام 2013 وحتى 2018 بما نسبته 30%، هذا على الرغم من أن نسبة العمليات الانتحارية التي قامت بها النساء تمثل 3% من جملة العمليات الانتحارية لعام 2018 ، بينما شكلت 5% من عام 1985 إلى 2018، إلا أن هذه النسبة تشير إلى تصاعد اعتماد التنظيمات الإرهابية على النساء في تنفيذ العمليات الانتحارية.
وأشار المرصد إلى أن هذا التناول من قِبل مركز السلام والاقتصاد يؤكد على ما سبق أن تحدث عنه المرصد في تقاريره من تصاعد ظاهرة استقطاب النساء في التنظيمات الإرهابية خاصة مع صعود تنظيم "داعش" بداية من عام 2014، فقد أوضح المؤشر العالمي للإرهاب أن العمليات الانتحارية التي نفذت من خلال النساء قدرت بـ 200 عملية إرهابية بداية من عام 2013 وحتى 2018، وكانت جماعة " بوكو حرام" هي الأكثر اعتمادًا على ظاهرة النساء الانتحاريات. إذ تعتبر جماعة "بوكو حرام" من أكثر التنظيمات اعتمادًا على النساء والقيام بخطفهن واستخدامهن في العمليات الإرهابية، فقد سبق أن أوضح تقرير صادر في أبريل 2018 عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، قيام الجماعة بخطف أكثر من 1000 طفلة في شمال شرق نيجيريا منذ عام 2013، كما أن الإرهاب في نيجيريا يتسم بأنه يشهد ارتفاع عمليات الخطف واستخدام النساء في هذه العمليات عبر إجبارهن على القيام بعمليات انتحارية من قِبل العناصر الإرهابية.
وأفاد المؤشر العالمي للإرهاب أنه من التنظيمات الأخرى التي من المتوقع أن تلجأ إلى ظاهرة الانتحاريات في المرحلة القادمة تنظيم "داعش"، كما أن التقرير أوضح أن العنصر النسائي في داعش ينتشر في 13% من عدد الفروع التابعة للتنظيم، فمع ظهور التنظيم في سوريا استعان بالنساء عبر منصات التواصل الاجتماعي من أجل تجنيد مزيد من السيدات عبر تقديم "خطاب ومادة إعلامية" يتم من خلالها تجنيد سيدات للذهاب إلى سوريا والانضمام للتنظيم.
وفي ذات السياق، أوضح المؤشر العالمي للإرهاب أن آسيا والمحيط الهادئ حصلت على أكبر نسبة من النساء اللائي انضممن إلى التنظيم بنسبة 31%، وسجلت أوروبا المرتبة الثانية بنسبة 24%، ومما يؤكد ذلك ما كشفه تقرير المؤشر عن لجوء "داعش" إلى الاستعانة بالنساء في العمليات الانتحارية وتنفيذه 4 عمليات انتحارية بواسطة النساء، هذا بالإضافة إلى 23 عملية انتحارية أخرى نفذت بواسطة سيدات ولكنها سجلت ضد مجهول.
ويحذر المرصد من تصاعد اعتماد التنظيمات الإرهابية على النساء في الآونة القادمة؛ نظرًا لأن النساء يسهل عليهن الحركة والتنقل بين المرتكزات الأمنية وغيرها، خاصة مع وجود تقارير تؤكد على لجوء التنظيمات الإرهابية إلى استهداف النساء واستقطابهن، حيث عاد 18% فقط من عدد النساء المنضمات إلى تنظيم "داعش" لبلادهن، الأمر الذي يجعلهن محل اهتمام داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، خاصة أن التقرير أكد على أنه من الناحية التاريخية فإن الهجمات الانتحارية التي كانت تنفذها النساء أكثر فتكًا بنسبة تصل إلى 5% من تلك التي يقدم عليها الرجال.