«ماكرون» في الساحل الأفريقي.. التحديات تواجه أهداف «عملية برخان»

الأحد 22/ديسمبر/2019 - 11:58 ص
طباعة «ماكرون» في الساحل أحمد عادل
 
في إطار المساعي الفرنسية للمساهمة في ضبط الأوضاع الأمنية بمنطقة الساحل والصحراء الأفريقية؛ إثر تمدد نشاطات التنظيمات الإرهابية، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمنطقة، التي افتتحها الجمعة 20 ديسمبر الجاري بزيارة إلى ساحل العاج؛ بهدف رفع الحالة المعنوية للجنود الفرنسيين، الذين باتوا هدفًا واضحًا في مرمى تلك التنظيمات.
وقد كان آخر تلك الاستهدافات، هجوم تبناه تنظيم «داعش» الإرهابي في 12 ديسمبر، استهدف معسكرًا في «إيناتيس» قُرب جمهورية مالي في الغرب الأفريقي؛ ما أسفر عن مقتل 71 عسكريًّا من جمهورية النيجر، سبقها إعلان فرنسا في 2 ديسمبر مقتل 13 جنديًّا من قواتها، في ارتطام مروحيتين خلال عملية مطاردة لمتطرفين جنوب شرقي مالي.
ويعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 22 ديسمبر، مع نظيره رئيس النيجر محمدو إيسوفو، جلسة مصغرة؛ لبحث التنسيق الأمني لدعم جهود مكافحة الإرهاب، والعلاقات الثنائية بين البلدين، قبيل انطلاق القمة المقرر عقدها يوم 13 يناير 2020، في بو جنوب غرب فرنسا، مع رؤساء دول الساحل الخمس.
وكان قصر الإليزيه، قد أعلن فى 17 ديسمبر، أنّ القمّة التي أُرجئت بسبب هجوم إرهابي في النيجر أوقع عشرات القتلى، ستُعقد في 13 يناير المقبل؛ بهدف مراجعة أهداف المشاركة العسكرية الفرنسية في المنطقة.
والقادة الأفارقة الخمسة الذين سيحضرون القمة هم رؤساء: مالي إبراهيم بوبكر كيتا، وبوركينا فاسو روك مارك كريستيان كابوريه، والنيجر محمدو إيسوفو، وتشاد إدريس ديبي إتنو، وموريتانيا محمد ولد شيخ الغزواني.
كما دُعِي للمشاركة في القمة أيضا كل من: الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، والممثل الأعلى للشؤون الخارجية يوسيب بوريل.
حرب طويلة
خلال شهر ديسمبر الجاري، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورانس بارلي: إن الحرب ستكون طويلة زمنيًّا؛ مشيرًة إلى أنه جارٍ دراسة كل الخيارات؛ من أجل توفير أكبر فعالية لعمليات محاربة الإرهاب في منطقة الساحل، وأن تحقيق أهداف عملية برخان (عملية عسكرية فرنسية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي قوامها 4500 عسكري)، سيكون في المدى البعيد، موضحة أن الوضع الأمني يتدهور، لكن قوة برخان التي تواكب القوات الأفريقية تحقق نجاحات.
وبعد تصاعد العمليات الإرهابية، تحرك الرئيس الفرنسي في اتجاهين، أولهما: طلب المساعدة من شركاء فرنسا الأوروبيين للانخراط إلى جانب باريس لوجستيًّا وميدانيًّا عبر تدريب قوة «G5» الأفريقية، المكونة من «موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد»، وثانيهما: دعوة ماكرون قادة البلدان الخمسة إلى قمة في جنوب غربي فرنسا؛ لبحث الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، وإعادة توضيح الإطار والشروط السياسية التي تتحكم في حضور فرنسا في بلدان الساحل مع قادة الدول الخمس الأعضاء في القوة الخماسية G5.
وبدأت فرنسا حربها ضد التنظيمات الإرهابية عام 2013، عبر عملية «برخان» التي أطلقتها في جمهورية مالي بغرب أفريقيا، وكان الهدف الرئيسي لها منع انتشار المسلحين، وتنقلهم من شمال مالي إلى العاصمة باموكو، وتحويلها لبؤرة إرهابية، ولاقت العملية في بدايتها نجاحات إلا أن الجماعات المتشددة عادت مرة أخرى، وعززت من وجودها.
وترى فرنسا أن حضورها العسكري في منطقة الساحل والصحراء، يكلفها ثمنًا باهظًا ماديًّا وبشريًّا، فعملية برخان وحدها تتكلف سنويا 700 مليون يورو(حوالى 775 مليون دولار أمريكي)، كما أن هناك مشاكل كبيرة تواجه باريس من الإعلام المضاد لها، والذي يلمح إلى أنها تسعى لحماية مستعمراتها القديمة في القارة السمراء.
الإرهاب في حضرة داعش والقاعدة
وتعد منطقة الساحل والصحراء الأفريقية واحدة من أهم  بؤر الإرهاب في أفريقيا، إذ ينشط بها إرهابيو تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، مستغلين حالة التردي الأمني، ومستفيدين من إمكانية التنقل بحُرية وسهولة بين بلدانها مثل مالي والنيجر؛ حيث اضطر عشرات الآلاف من السكان المحليين إلى الفرار، بسبب الهجمات المسلحة، إضافةً إلى الصراعات الطائفية.
كما عزز تنظيم «داعش» من وجوده في المنطقة، منذ أبريل 2019، عندما أعلن أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم الذي قُتل في نهاية أكتوبر 2019، مباركة وجود عناصره في تلك المنطقة، وتأسيس ما يُعرف بولاية غرب ووسط أفريقيا، ومنذ ذلك التوقيت، كثفت عناصر التنظيم المسلح وجودها من خلال شن عمليات إرهابية ضد المدنيين والعسكريين في تلك المنطقة.
أيضًا يتمتع تنظيم «القاعدة»، بحضور قوي في المنطقة؛ إذ تمكن من تشكيل أكبر تحالف له على مستوى العالم، وهو ما يُعرف بـ«نصرة الإسلام والمسلمين»، والذي تأسس في مارس 2017؛ نتيجة اندماج أربع حركات مسلحة في منطقة الساحل، وهي: (أنصار الدين، وكتائب ماسينا، وكتيبة المرابطين، وإمارة منطقة الصحراء الكبرى).
تخفيف الأعباء 
يرى محمد عز الدين، الباحث في الشأن الأفريقي، في تصريح لـ«المرجع» أن فرنسا ترغب في تخفيف الأعباء العسكرية التي يفرضها انخراطها في عمليات مكافحة الإرهاب في تلك المنطقة، خاصة في ظل استمرار هجمات التنظيمات الإرهابية.
وأضاف أن زيارة الرئيس الفرنسي لمنطقة الساحل الأفريقي، تأتي لعدة دوافع، أبرزها أهمية دول منطقة الساحل والصحراء، ومدى معاناتها من الإرهاب، وكذلك رفع الروح المعنوية للجنود الفرنسيين، بعد مقتل العديد منهم.
وأشار الباحث في الشأن الأفريقي إلى أن فرنسا تواجه عدة عراقيل في العمليات الأمنية التي تنفذها في الساحل الأفريقي، لعل أهمها المواجهة الفردية دون مساعدة أوروبية لها؛ خاصًة بعد إعلان تنظيم «داعش» الإرهابي تكثيف وجوده في تلك المنطقة، فضلًا عن ضعف جيوش دول الساحل والصحراء في مواجهة تمدد وانتشار التنظيمات الإرهابية.

شارك