«خلايا التماسيح».. إستراتيجية جديدة اعتمدها الإرهاب في 2019

الأحد 22/ديسمبر/2019 - 12:15 م
طباعة «خلايا التماسيح».. عمرو عبد المنعم
 
تعيش بعض المجتمعات الأوروبية مشاعر خوف ناجمة عن التهديدات الإرهابية، التي تنفذ بعضها كل عام رغم التشديدات الأمنية والمعلومات الاستخباراتية الاستباقية. فقد اعتمدت تنظيمات الإرهاب والعنف هذا العام 2019، على أكثر من استراتيجية للإرباك والإنهاك كما حدث فى هجمات عيد الفصح كولومبو بالسريلانكية؛ حيث استهدفت هذه الخلايا ثلاث كنائس متزامنة في عملية إرهابية منظمة أعلنت عنها داعش فيما بعد.
نفس هذه الطريقة انتهجتها طالبان في أفغانستان وشبه القارة الهندية، وأدى ازدياد النشاط الإرهابي في أفغانستان، إلى جانب إنهاء النزاعات في سوريا والعراق، إلى تغلب طالبان على داعش كأكثر الجماعات الإرهابية دموية في العالم بحسب المؤشر الذي أعده معهد الاقتصاد والسلام الدولي للإرهاب لعام 2019، كانت البداية عندما استهدف التنظيم أواخر 2018 بمناسبة أعياد رأس السنة الجديدة بناية سكنية في مدينة ماغنيتوغورك، في محافظة تشيليابينسكي بروسيا.
ووفقًا للتقارير الواردة من هناك فقد أدى التفجير إلى انهيار البناية المؤلفة من عشرة طوابق تمامًا، أسفر التفجير عن مقتل ما لا يقل عن 39 شخصًا، وإصابة عدد كبير بجروح جثث المصابين ما زالت مدفونة تحت الأنقاض أعلن التنظيم الإرهابي «داعش» مسؤوليته عنه بصحيفة النبأ فى 17 يناير 2019.
مؤخرًا وفي ديسمبر 2019 أعادت ثلاثة حوادث مشاهد الإرهاب إلى الأذهان، ففى بريطانيا وعلى جسر لندن تمت عملية طعن أدت إلى وفاة شخصين وإصابات بالغة فى آخر، وتمكنت الشرطة البريطانية من التصفية الجسدية للمتهم عثمان خان الذى ظهر وهو يرتدي سترة ناسفة وهمية تبنت داعش عمليته بعدها بساعات قليلة. وخلال نفس الأسبوع، أخلت أن الهيئة الوطنية لسكك حديد فرنسا، محطة مترو «جار دو نور» شمالي العاصمة باريس، إثر العثور على حقيبة بها مواد متفجرة. وبعدها بيوم واحد أعلنت الشرطة الهولندية، إصابة 3 أشخاص جراء عملية طعن نفذت فى شارع تجارى «جروت ماركسترات» وسط مدينة لاهاى بنفس طريقة حادث الجسر في بريطانيا. 
تماسيح الإرهاب
كشفت عمليات الإرهاب المنظم هذا العام إلى استراتيجية جديدة تبنتها معظم الجماعات الإرهابية المسلحة وهي ما عرفت بـ«خلايا التماسيح» وهي أعلى مراحل الموت الداعشية وتعد هذه الكتيبة من أهم الكتائب المُقاتلة في الفترة الأخيرة، وأهم صورها هي عمليات الانغماس.. «الانغماس بالالتحام»، وبـ«التلغيم»، و«التفخيخ»، والعملية الانغماسية يتدرب عليها الانغماسيون أو الانتحاري لمدة ستة أشهر متتالية حتى يسمح له بالتنفيذ ويختار له عملية يُطلق عليها (المربع صفر) أو (العملية الميتة) لأنها تنتهي بنهاية الانتحاري وليس لها علاقة بباقي المشتركين في العملية مما يعقد عملية الوصل إلى المنفذين يصعب الحصول بعدها على معلومات تخص العملية بعد التنفيذ .
النهج الجديد المعروف بخلايا التماسيح انتهجه (داعش) ليبث الرعب في نفوس الغربيين بـ(الانفراديين) أو (الذئاب المنفردة)، وهو ما اعتمدت عليه طوال العام ففي 27 مارس 2019 ألقت قوات الأمن النمساوية القبض على عراقي متهم بعمل إرهابي داخل خط السكة الحديدية الخاص بقطار ICE الألماني السريع بين مدينتي نورنبرغ وميونخ، بينما في 17 أبريل 2019 أعلنت شرطة مكافحة الإرهاب في إسبانية إفشال مخطط لتنفيذ هجوم بمدينة سيفيلا عاصمة مقاطعة إشبيلية؛ لكن من هو مؤسس فكرة الانغماس بالالتحام وطريقتها المعقدة هذه، هو أبو الحسن الفلسطيني والذي يُعد من أشهر من نظر لفكر الأعمال الإرهابية الانتحارية وحروب العصابات، وكان المفتي الشرعي لتنظيم (القاعدة) قبل ذلك، ويقال عنه إنه العقل المفكر وقائد جرائم قتل وخطف وابتزاز وقع معظمها خلال السنوات الماضية؛ لكن على ما يبدو، فإن ما نُسب إليه حتى الآن لا يشكل إلا نسبة صغيرة من خطورته الحقيقية.
"خلايا التماسيح".. وتردد في معظم المواقع الإرهابية أنه اختفى منذ 4 أعوام تقريبًا، وقد انتشرت كثير من الشائعات حوله. وأوضح إصدار لـ«داعش»، وفقًا لتقارير عديدة صدرت في 14 نوفمبر الجاري، أن التنظيم الإرهابي أعلن ما يسمى بـ«دليل قتل قادة العالم»، والذي حاول من خلاله توجيه رسائل إلى العناصر الموالية له بالتنكر فى صورة صحفيين وعمال نظافة وإداريين من أجل تسهيل دخولهم إلى أماكن يتواجد بها قادة عالميون أو مسئولون رفيعو المستوى من أجل استهدافهم وقنصهم والتخلص منهم. 
ورغم هذه العمليات فإن الإرهاب تراجع هذا العام عن الأعوام الماضية إذا تشير بيانات أعداد الضحايا للعام الرابع على التوالي، بعد أن بلغ الذروة في 2014؛ حيث انخفض بنسبة 52% منذ عام 2014، ليصل إلى 15،952 من 33،555 هذا العام بحسب معهد الاقتصاد والسلام الأمريكي الذي يصدر مؤشر الإرهاب العالمي منذ 7 سنوات؛ حيث أشار في تقريره إلى تراجع عدد قتلى الإرهاب بنسبة 15% عام 2018؛ حيث سقط العدد الأكبر من القتلى في العراق والصومال، على خلفية هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في العراق ومقتل خليفته فى سوريا والضربات الأمريكية التي استهدفت جماعة الشباب الصومالية في أفريقيا. 
تهديدات التنظيم و«خلايا التماسيح» والخطة البديلة لـ«قنص قادة العالم»، التي وضعها التنظيم مؤخرا تشير أنه على استعداد تام للعودة وبقوة في استهداف الواقع الأوروبي، وأن التهديدات لم تتوقف وأنها قابلة للتطور وخاصة لو وضعنا أن التنظيم في حالة ارتباك كبيرة بسبب خائرة للصف الأول من القادة المؤسسين للتنظيم وزعيم الخلافة المزعوم الذي قتل هذا العام، وهذا ما كشفت عنه عملية ضخمة تم السيطرة عليها في 4 ديسمبر 2019؛ حيث ألقت القوات الإسبانية القبض على خلية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي قرب مدريد، كانت تعد للانتقام لمصرع زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.   

شارك