الحياة السياسية التركية 2020.. المعارضة تنهي ألاعيب «أردوغان»
الإثنين 23/ديسمبر/2019 - 01:11 م
طباعة
محمد عبد الغفار
رغم القمع الشديد الذي مارسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد معارضيه، منذ حدوث الانقلاب المزعوم يوليو 2016، على أمل أن ينفرد بحكم بلاده، فإن ذلك لم يحدث بصورة كاملة، حيث ظهر حزب المستقبل إلى العلن، كبداية لمعارضة أخرى في الفترة المقبلة.
إرهاصات مبكرة
مر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بعدة أزمات داخلية خلال الفترة الماضية، ويمكن اعتبارها إرهاصات مبكرة تنذر بنهاية الحزب أو اهتزاز حكمه، ويمكن عرض هذه النقاط في الآتي:
1- انقلاب وهمي: ما زالت حقائق الانقلاب الوهمي الذي نفذه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تبرز إلى السطح، والذي حاول عبره أن يقنع الشعب أن بلاده تتعرض لمؤامرة من قبل رجال الجيش.
ولعل أبرز هذه الحقائق ما أعلن عنه رئيس شعبة مكافحة الإرهاب في جهاز الاستخبارات التركي السابق محمد أيمور، خلال لقاء تلفزيوني على قناة «خلق تي في» التركية، 26 نوفمبر 2019، أن ما حدث كان عملًا استخباراتيًّا بامتياز.
وأضاف رئيس شعبة مكافحة الإرهاب أن المتهم الأول بتنفيذ الانقلاب من قبل حكومة «العدالة والتنمية» يدعى عادل أوكسوز، هو عميل مخابراتي في الأساس، وبعد أن تم استغلاله في تنفيذ العملية، تم منعه من مغادرة تركيا، ويرجح أنه تمت تصفيته.
2- انسحابات بالجملة: اتسعت دائرة الانسحابات الكبرى من حزب العدالة والتنمية الحاكم، حيث خرج عدد من أبرز رجال رجب طيب أردوغان، مثل رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، ونائب رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية والاقتصاد علي باباجان.
وكان كلاهما من أبرز رجال الحزب الحاكم، ولم يكتف كلاهما بالانسحاب، ولكن أعلن رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو عن تقديمه طلبًا رسميًا لتسجيل حزبه الجديد في وزارة الداخلية، تحت اسم «حزب المستقبل»، وذلك في 12 ديسمبر 2019.
بينما أعلن نائب رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية والاقتصاد علي باباجان عن نيته تقديم أوراق حزبه الجديد، الذي لم يعلن عن اسمه، إلى وزارة الداخلية في القريب العاجل، ويرى مراقبون أن ذلك يمكن أن يتم في مطلع العام المقبل.
3- قائمة اتهامات جاهزة: لجأ الرئيس التركي إلى تجهيز قائمة اتهامات جاهزة للمعارضين، وذلك منذ الإعلان عن الانقلاب الوهمي في يوليو 2016، وكان هذا هو الهدف الأساسي لهذه المسرحية الأردوغانية.
وضمت القائمة اتهامات معلبة مثل الانضمام لجماعة فتح الله جولن، المعارض التركي الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية، ومعارضة العملية العسكرية التركية في شمالي سوريا.
انهيار حزب العدالة والتنمية:
وفقَا لبيانات المحكمة العليا التركية، والصادرة في 1 يوليو 2019، انخفض عدد أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم بمقدار 788 ألفًا و311 عضوًا، أي أنهم وصلوا إلى 9 ملايين و931 ألفًا و103 أعضاء، بعد أن بلغ عددهم 10 ملايين و719 ألفًا و234 عضوًا.
ثم انخفض عدد أعضاء الحزب مرة أخرى في الشهرين التاليين بمقدار 56 ألف شخص، وذلك في 9 سبتمبر 2019، ومتوقع أن يزيد هذا العدد بمرور الشهور، وذلك على خلفية خروج قيادات كبرى من صفوف الحزب وانضمامها إلى أوغلو وباباجان.
ولم يكن الانخفاض من نصيب الحزب الحاكم فقط، ولكنه امتد ليشمل رئيسه رجب طيب أردوغان، حيث كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «متروبول» للأبحاث واستطلاعات الرأي، أكتوبر 2019، أن نسبة مؤيدي أردوغان تراجعت بـ 36.3%,
كما أشارت المؤسسة في استطلاع سابق للرأي، يونيو 2019، إلى أن نسبة معارضي نظام أردوغان الرئاسي وصلت إلى 58.6% من المواطنين الأتراك، الذي يفضلون النظام البرلماني.
بزوغ نجم أحزاب جديدة
يمهد انطلاق حزب المستقبل لرئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، لظهور تشكيلات سياسية جديدة في الفترة المقبلة، ولعل أقربها خروج حزب علي باباجان إلى النور خلال الشهور المقبلة.
وتشكل هذه الأحزاب عامل ضغط كبير على نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خصوصًا مع تراجع نسبة المؤيدين له، والذين ستذهب أصواتهم إلى المنافسين المحتملين.
ومن المتوقع أن تنضم الأحزاب الجديدة إلى الجهات المعارضة للرئيس التركي والموجودين بالفعل، مثل حزب الشعب الجمهوري، والذي نجح في السيطرة على البلديات التركية الكبرى مثل: اسطنبول وأنقرة، خلال الانتخابات البلدية الأخيرة في مارس 2019.
انتخابات مبكرة
تطالب الأحزاب التركية الكبرى بضرورة عقد انتخابات مبكرة خلال الفترة المقبلة، على الرغم من أن أقرب انتخابات ستكون في عام 2023، لكن المطالب السياسية لم تتوقف في الداخل التركي.
وهو ما أعلن عنه صراحة رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، أكتوبر 2019، حيث طالب أعضاء لجنة الإدارة المركزية للحزب بضرورة الاستعداد للانتخابات المبكرة، وذلك عبر زيارة المدن والبلدات والتواصل مع المواطنين لإقناعهم برؤية الحزب.
وتوقعت مؤسسة MAK للدراسات والاستطلاعات المقربة من الحزب الحاكم في تركيا أن الانتخابات البرلمانية المبكرة يمكن أن تحدث في نوفمبر 2020.
ومن المتوقع أن يخسر حزب العدالة والتنمية عددًا كبيرًا من الأصوات خلال هذه الانتخابات، خصوصًا مع تراجع شعبية الحزب ورئيسه في الشارع التركي خلال الشهور الماضية.