تبييض وجه نظام الملالي.. «قمة كوالالمبور» تمنح إيران أوراقًا جديدة للمناورة
الثلاثاء 24/ديسمبر/2019 - 01:32 م
طباعة
محمد شعت
في الوقت الذي تعاني فيه إيران ما يشبه العزلة الدولية، وانهيار علاقاتها الخارجية، وتغيير المواقف الدولية تجاهها بسبب ميليشياتها الإرهابية، وتهديدها المستمر للملاحة الدولية، وتخبطها في التعامل مع مأزق العقوبات الأمريكية، إضافة إلى زيادة الوعي لدى الشعوب العربية بالدور الإيراني التخريبي، والمطالبة بإنهاء نفوذ طهران في هذه البلدان، جاءت قمة «كوالالمبور» في ماليزيا لتمنح إيران أوراقًا جديدة للعب في محاولة لتبييض وجهها أمام شعوب المنطقة.
تبييض وجه إيران
تعيش إيران خلال المرحلة الأخيرة عزلة دولية في ظل مواقف عربية ودولية ضدها بسبب سياستها وسلوكها المعادي لدول المنطقة، الأمر الذي سبب لها مأزقًا، خاصة أمام مؤيديها أو الكتل الموالية لها، التي بدأت تشعر بانزواء الدور الإيراني وتراجع نفوذها وخفوت صوتها، وذلك في الوقت الذي فشلت فيه أيضًا في إدارة علاقاتها الخارجية مع دول الغرب، بل وصل الأمر إلى تنديد الغرب بالسلوك الإيراني تجاه دول العالم، والقمع لموجة الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي انطلقت في 15 نوفمبر الماضي.
في ظل كل هذا الانهيار، جاءت قمة كوالالمبور التي تحمل غطاء إسلاميًّا، والتي تبدو وكأنها تكتل جديد يريد أن يمنح دورًا لدول يتراجع دورها بعد انكشاف مشروعاتها المزعزعة للمنطقة، وهي: "قطر – وتركيا - وإيران"، الأمر الذي اعتبرته طهران فرصة لترميم علاقتها الخارجية وحفظ ماء وجهها أمام الشعوب التي أدركت دورها، وفرصة جديدة لتصدير شعاراتها المزعومة، والتي يأتي على رأسها اهتمامها بقضايا الأمة الإسلامية، ومواجهة القوى العالمية.
إضافة إلى ماسبق، استفادت إيران أيضًا بالظهور وكأنها طرف في حلف دولي جديد قد يكون صاحب نفوذ وتأثير في الكثير من قضايا المنطقة حتى لو كان ذلك على غير الحقيقة، لكن طهران تعرف جيدًا كيف تستفيد من مثل هذه الفعاليات، وتسخير آلتها الإعلامية لتضخيمها وتفخيم الدور وتلميع القيادة باعتبارها قادرة في أي وقت على بناء تحالفات جديدة ومواجهة أي إجراءات دولية تتخذ ضدها رغم قسوتها.
تشويه العقوبات
مثلت العقوبات الأمريكية الأخيرة على إيران مأزقًا كبيرًا، ما ألقى بظلاله على جميع جوانب الحياة فى هذا البلد، بل زاد السخط الشعبي ضد النظام وسياساته، وعلى الرغم من محاولة مسئوليه فترات طويلة التقليل من تأثير هذه العقوبات، فإنهم وتحت وطأتها اعترفوا بتأثيرها، وأقروا بأن البلاد تعيش ضغوطًا غير مسبوقة، وأن الأزمة الحالية قد تكون الأصعب منذ حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران (1980 ــــ 1988).
وعلى الرغم من المأزق الذي تعيشه إيران بسبب هذه العقوبات، فإنها فشلت في الحشد الدولي ضدها، ومحاولة تصويرها باعتبارها "تعنتًا أمريكيا" ضدها، وتحقق لها ذلك في «قمة كوالامبور» التي زعمت بحث مشاكل الأمة الإسلامية، التي تسببت إيران في الكثير منها، ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية مواقف رافضة للعقوبات المفروضة على طهران.
لم تقتصر مواقف «قمة كوالامبور» على رفض العقوبات الأمريكية فحسب، إذ أكد رئيس الوزراء الماليزي، مهاتير محمد، أن بلاده المضيفة للقمة تنتقد وبشدة العقوبات غير القانونية المخالفة لقوانين الأمم المتحدة، مضيفًا: «واثقون من قدرة إيران على طي الطريق بالمخالفة للضغوط الأمريكية والأوروبية، ونحن بحاجة لاستذكار التجربة الإيرانية في إدارة الضغوط الأجنبية».
اختراق العالم السني
من أهم ركائز المشروع الإيراني هو تأسيس الهلال الشيعي، وهو ما تفاخر به مسؤولون علنًا، وبالتالي في سبيل تحقيق هذه الغاية استخدمت إيران المذهب الشيعي لتحقيق غايتها السياسية، وعملت على التمدد من خلال الولاء المذهبي، وبطبيعة الحال أدى ذلك إلى حالة صدام مع العالم السني.
ومع هذا العداء الإيرانى المعلن للعالم السني، إلا أن ظهورها ضمن تكتل جديد يضم قوى سنية، يمنح فرصة جديدة لاختراق هذا العالم تحت غطاء الشعارات التي رفعتها القمة، والتي كانت حسب مزاعم المشاركين فيها تتمثل في البحث في أزمات الأمة الإسلامية وإيجاد حلول لها، وهو الأمر الذي تجيد طهران استخدامه في الأساس، لكن هذه المرة جاء مدعومًا بتحالف أو تكتل يحمل غطاء إسلاميًّا، وبذلك تمنح القمة لها الكثير من الأوراق التي تساعدها في تخريب المنطقة وتفكيك الأمة.