تونس تُكذّب الديكتاتور العثماني.. وتتبرأ من الانضمام لاتفاق تحالف الشيطان "أردوغان – السراج"

الجمعة 27/ديسمبر/2019 - 01:30 م
طباعة تونس تُكذّب الديكتاتور فاطمة عبدالغني
 
زيارة غير معلنة تلك التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس مصحوبًا بترسانة من وزراء الدفاع والخارجية ورئيس جهاز المخابرات، وتحدث أردوغان خلال الزيارة عن استعداده لإرسال قوات إلى ليبيا في حال وافق برلمان بلاده، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار في ليبيا. 
موقف علق عليه الرئيس التونسي قيس سعيد بالقول "إنه شأن تركي ليبي لا دخل لتونس فيه".
وقالت الرئاسة التونسية في بيانٍ نشرته على صفحتها الرسمية بـ"فيسبوك": إن "تونس لن تقبل بأن تكون عضوا في أي تحالف أو اصطفاف على الإطلاق، ولن تقبل أبدًا بأن يكون أيّ شبر من ترابها إلا تحت السيادة التونسية وحدها".
وأضاف البيان: "أما التصريحات والتأويلات والادعاءات الزائفة التي تتلاحق منذ يوم أمس فهي إما أنها تصدر عن سوء فهم وسوء تقدير، وإما أنها تنبع من نفس المصادر التي دأبت على الافتراء والتشويه".
وتابعت البيان "إذا كان صدر موقف عكس هذا من تونس أو من خارجها فهو لا يلزم إلا من صرح به وحده، وأن رئيس الجمهورية حريص على سيادة تونس واستقلالها وحرية قرارها".
وشدد البيان على أن رئيس تونس قيس سعيد يعتبر سيادة بلاده "أمر لا يمكن أن يكون موضوع مزايدات أو نقاش، ولا توجد ولن توجد أي نية للدخول لا في تحالف ولا في اصطفاف".
وختمت الرئاسة التونسية: "على من يريد التشويه والكذب أن يعلم أنه لا يمكن أن يلهي الشعب التونسي بمثل هذه الادعاءات لصرف نظره عن قضاياه الحقيقية ومعاناته كل يوم في المجالين الاقتصادي والاجتماعي".
ولم تخلو زيارة أردوغان من مخاوف وتساؤلات عديدة طرحها الشارع التونسي حول فحوها ورمزيتها وتوقيتها، وما زاد المخاوف من هذه الزيارة هو شح المعلومات من حولها وإبقاء المواطن التونسي خارج أسوار مؤسساته التي انتخبها.
كما أثارة الزيارة مخاوف عدة أطراف سياسية تونسية، حيث حذرت أحزاب تونسية من تبعات الزيارة ومن نوايا تركيا خاصة ما تعلق منها بالملف الليبي فحزب مشروع تونس دعا الرئيس التونسي إلى النأي بالبلاد عن الاصطفاف مع محور تركيا وحكومة الوفاق في طرابلس، رافضًا ما اعتبره تحويل تونس إلى منصة سياسية لمحور دولي تتناقض مصالحة مع مصالح تونس ومع سلامة علاقاتها العربية والدولية.
أما الحزب الدستوري الحر فاستغرب من التعتيم على أخبار الزيارة، داعيًا إلى ضرورة إطلاع الرأي العام التونسي على القرارات المتعلقة بالسياسيات الخارجية.
واعتبر حزب العمال زيارة أردوغان لتونس مستفزة واصفًا إياه بجلاد الشعب التركي ومرتكب المجازر في سوريا، وشدد الحزب على أن مصلحة البلاد تقتضي عدم الانخراط في أي محور من المحاور الإقليمية والدولية في ليبيا.
ومن جهته أعلن حزب التيار الشعبي رفضه القاطع وقوف تونس مع طرف إقليمي بعينه، دون مراعاة مصالح الشعبين التركي والتونسي ومصالح الدول العربية المجاورة.
أما حزب أفاق تونس فدعا الرئيس إلى الالتزام بالثوابت التقليدية للدبلوماسية التونسية القائمة على مبادئ عدم الانحياز وحل النزاعات بالوسائل السلمية وتحقيق الأمن والاستقرار.
ومن جهتها رفضت حركة الشعب أي تدخل عسكري تركي في ليبيا لدعم الميليشيات المسلحة معتبرة أن ذلك يشكل تهديدًا للأمن القومي التونسي.
من ناحية أخرى اعتبر الكاتب الصحافي المختص في الشؤون السياسية نجم الدين العكاري، أن أردوغان جاء إلى تونس لتوسيع جبهة الداعمين له بعد الرفض الذي قوبل به الاتفاق الأخير بين حكومة الوفاق وأنقرة حول ترسيم الحدود البحرية وزيادة الدعم العسكري، وكذلك لقياس ردة فعل التونسيين شعبا وسلطة من إمكانية التدخل العسكري التركي في ليبيا ، الذي يستعد البرلمان للمصادقة عليه.
وبرّر العكاري في تصريح له تخوّفات التوانسة من أهداف زيارة أردوغان إلى بلادهم، من الغموض الذي صاحب الزيارة، إذ لم يتم التصريح بمطالب تركيا الحقيقية من تونس، وما إذا كانت تريد مساعدة من بلادنا لتكون منصة تسهل التدخل العسكري الوشيك، خاصة أن العديد من القوى الإقليمية في المتوسط لن تسمح بمرور البواخر والبوارج التركية إلى ليبيا، مشيرا إلى أنّ التونسيين يخشون من أن يكون أردوغان قايض طلب التعاون التونسي في ليبيا بملف الإرهابيين الموجودين لدى تركيا والتهديد بإعادتهم، أو بدعم الاقتصاد التونسي.
ومن جانبه اعتبر المحلل السياسي بسام حمدي، أن زيارة أردوغان إلى تونس تحمل دلالات كثيرة تتعلّق بأبعاد عسكرية وليست اقتصادية كما روّجت الرئاسة التونسية لذلك، مشيرا إلى أن ذلك ظهر من خلال طبيعة الوفد المرافق لأردوغان الذي اصطحب معه وزير الدفاع والخارجية ومدير المخابرات، وكذلك عدم إمضاء أيّ اتفاقية بين الجانبين.
وأضاف حمدي أن الرئاسة التونسية مدعوّة إلى تقديم توضيحات حول أسباب وأهداف الزيارة التي تمهد لعملية عسكرية في الأراضي الليبية، حتى لا تصبح ضمن مجموعة من الدول المعادية للجيش الليبي.
وأشار إلى أن أردوغان يبدو معزولا دوليّا تجاه موقفه من الأزمة الليبية خاصة بعد توقيعه الاتفاق المثير للجدل والشبهات مع حكومة الوفاق، باستثناء قطر التي تسانده، وبالتالي أراد من خلال زيارته إلى تونس أن يظهر للرأي العام أنّ دولة جارة لليبيا توافقه في موقفه وفي دعم حكومة طرابلس ورئيسها فايز السراج.
وإضافة إلى الجدل السياسي الذي أثارته هذه الزيارة أثير جدل آخر حول التعتيم الإعلامي المتعمد الذي قامت به رئاسة الجمهورية التونسية على الزيارة، بمنع الصحفيين من دخول قصر قرطاج، وتغطية الزيارة التي وصفها إعلاميون بالمقورة.
وردود الفعل كانت فورية من النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، حيث أصدرت النقابة بيانًا نددت فيه بسلوك رئاسة الجمهورية الإقصائي والانتقائي، محذرة من العودة لمربع التضييق على حرية الصحافة وحرمان المواطن من حقه في المعلومة.            

شارك