تركيا وتهديد أمن المنطقة.. والموقف العربي
الخميس 02/يناير/2020 - 01:48 م
طباعة
حسام الحداد
إن قراءة متأنية لسلوك النظام التركي القائم اليوم، والمتمثل أساسا في تصرفات زعيمه الأوحد ذي السلطة المطلقة أردوغان، وفي خطبه وتصريحاته وتهديداته ومغامراته شرقا وغربا وحروبه القائمة واستعداداته لحروب مفتوحة جديدة علنية أو مستترة في ثلاث قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، هذه القراءة السيكو- سياسية تكشف لنا دون شك عن "اللا مُصرّح به" "النائم في اللا وعي التركي" وهو الحلم في استعادة زمن السبي والخراج والانكشارية وزمن القراصنة والاعتداءات على سلامة البحرية العالمية، زمن الخلافة.
وردا على هذه السياسات التوسعية الغير محسوبة، خصوصا بعد شروع أردغوان في إرسال مرتزقة إرهابيون إلى ليبيا، أكد أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن التدخلات العسكرية غير العربية في الأراضي العربية تظل مرفوضة إجمالا من الدول العربية وذلك وفق ما ذكرت وكالة أنباء "الشرق الأوسط" المصرية.
ونقل مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة العربية عن أبو الغيط قوله "قرار الجامعة اليوم بشأن التطورات في ليبيا يعكس موقفا عربيا رافضا للتدخلات التي تُفاقم الأزمات وتؤدي إلى تعقيدها وإطالة أمدها".
وأكد مجلس الجامعة العربية، في بيان بعد اجتماعه بشأن ليبيا، على "الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها ولحمتها الوطنية ورفض التدخل الخارجي أياً كان نوعه".
وأعرب المجلس عن "القلق الشديد" من التصعيد العسكري الذي يفاقم الوضع المتأزم في ليبيا، مشدداً على "ضرورة وقف الصراع العسكري".
وأعلنت الجامعة العربية أن "التصعيد العسكري في ليبيا يهدد أمن واستقرار المنطقة ككل بما فيها البحر المتوسط".
وأشارت إلى أن "التسوية السياسية هي الحل الوحيد لعودة الأمن والاستقرار في ليبيا والقضاء على الإرهاب".
وكلف المجلس، الأمين العام بإجراء اتصالات مع الأطراف الدولية لمنع أي تدخل عسكري في ليبيا.
القرارات الدولية
وأكدت الجامعة على "خطورة اتخاذ أي طرف ليبي لخطوات أحادية الجانب تخالف الاتفاق السياسي والقرارات الدولية على نحو يسمح بالتدخلات العسكرية الأجنبية ويسهم في التصعيد بليبيا، ومنطقة المتوسط".
وطالب مجلس الجامعة "بدعم العملية السياسية من خلال التنفيذ الكامل لاتفاق الصخيرات، وأهمية إشراك دول الجوار في الجهود الدولية الهادفة إلى مساعدة الليبيين على تسوية الأزمة".
هذا وعقدت جامعة الدول العربية اجتماعا طارئا، الثلاثاء 31 ديسمبر 2019، على مستوى المندوبين حول تطورات الأوضاع في ليبيا. وانعقد الاجتماع بناء على طلب مصر.
وكان المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري قال مساء الإثنين 30 ديسمبر 2019، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يهدد أمن مصر ودول الجوار عبر "نقل المليشيات الإرهابية السورية إلى الأراضي الليبية".
وأوضح خلال مؤتمر صحافي أن "تركيا تنقل إرهابيين إلى ليبيا عبر مطاراتها وموانئها من خلال رحلات جوية غير مدرجة على قائمة الرحلات الاعتيادية من اسطنبول وأنقرة إلى طرابلس ومصراتة"، وأضاف "تركيا لا تهدد الأمن في ليبيا فحسب بل تهدد أمن المنطقة العربية بأسرها، فالميليشيات التي نقلتها تركيا في الفترة الأخيرة إلى الأراضي الليبية، تحمل جنسيات مختلفة، وولاء هؤلاء المقاتلين لتنظيم داعش الإرهابي".
وأكد أن "أردوغان يسعى لتأسيس قاعدة انطلاق صوب دول الجوار عبر السيطرة على كل منابع النفط والغاز في ليبيا، وهو يدعم داعش والقاعدة وعصابات الهجرة غير الشرعية ومهربي السلاح".
تطهير العاصمة
وتابع "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد أن يضرب عصفورين بحجر واحد، بإرساله المسلحين إلى ليبيا، أولاً للتخلص من هؤلاء المقاتلين الذين يشكلون عبئاً على بلاده، وثانياً السيطرة على خيرات ليبيا".
كذلك، شكر المتحدث باسم الجيش الوطني الدول الداعمة للقوات المسلحة الليبية، وتعهد "بتطهير العاصمة طرابلس من المليشيات التابعة لحكومة الوفاق والتركية في أسرع وقت".
ميدانياً، أكد المسماري أن قوات الجيش تمكنت من دخول مناطق رئيسية في العاصمة طرابلس، لافتاً إلى أن القوات على مشارف أهم الأحياء وهو حي الهضبة.
ويواصل الجيش الليبي معاركه ضد المجموعات المنتشرة في طرابلس، حيث سيطر على طريق المطار المؤدي إلى وسط العاصمة على بعد أربع كيلو مترات فقط.
حفتر في القاهرة
سياسياً، مع تصاعد التطورات على صعيد الأزمة الليبية، مع بدء البرلمان التركي مناقشة مذكرة تفويض لإرسال قوات عسكرية لدعم حكومة "الوفاق" برئاسة فايز السراج، زار الإثنين 30 ديسمبر، المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي، القاهرة لـ"ساعات عدة"، ناقش خلالها مع المسؤولين المصريين تطورات المعارك في الساحة الليبية و"جهود مكافحة الإرهاب والميليشيات المسلحة في محيط العاصمة الليبية، فضلا عن بحث مزيد من الدعم المصري".
وذكرت مصادر صحفية أن الجانب المصري "جدّد موقفه الثابت من دعم الجيش الليبي في حربه على الإرهاب"، مشيراً إلى أن المباحثات التي عقدت مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فضلا عن لقاءات متعددة مع قيادات عليا في الدولة، أطلع خلالها المشير الليبي المصريين على آخر التطورات على الأرض في محيط العاصمة الليبية طرابلس.
وأكدت تقارير صحفية أن حفتر طالب القاهرة بمزيد من الدعم السياسي أمام المجتمع الدولي في مواجهة الموقف التركي الساعي لإرسال قوات عسكرية إلى طرابلس، مشيرا إلى أن حفتر سيزور دولا أخرى، على رأسها اليونان، خلال الساعات المقبلة، لـ"بحث تداعيات التصعيد التركي الأخير والتدخل السافر في الشأن الليبي وتداعياته الخطيرة على أمن واستقرار ليبيا والمنطقة".
اتصال السيسي - ماكرون
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أجرى مساء الإثنين 30 ديسمبر 2019، اتصالاً هاتفياً بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تطرق فيه إلى الملفات الإقليمية، وخصوصاً تطورات الأوضاع في ليبيا.
وأكد السيسي ثوابت الموقف المصري الهادف إلى "استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، ودعم جهود مكافحة الإرهاب وتقويض نشاط المليشيات المسلحة، وكذلك وضع حد للتدخلات الخارجية غير المشروعة في ليبيا والتي من شأنها زيادة تفاقم الوضع". من جانبه أكد ماكرون سعي فرنسا لإيجاد حل سياسي في ليبيا، وقد اتفق الرئيسان على تكثيف الجهود الثنائية ومع الشركاء الدوليين للعمل على حلحلة الوضع المتأزم في الملف الليبي.
في إطار التشاور المتواصل بين مصر وإيطاليا حول ليبيا، اتصل وزير الخارجية المصري سامح شكري بنظيره الإيطالي لويجي دي مايو، وجرى التأكيد على ضرورة العمل على تكثيف الجهود في سبيل استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، مع رفض التدخلات العسكرية الأجنبية في الساحة الليبية، والتي من شأنها عرقلة مسار التوصل لتسوية سياسية شاملة تتناول معالجة جوانب الأزمة الليبية كافة.