بعد مقتل السليماني تهديدات أمريكية جديدة لإيران والعراق

الإثنين 06/يناير/2020 - 02:15 م
طباعة بعد مقتل السليماني حسام الحداد
 
رغم برودة الطقس إلا ان الأحداث الجارية تشعل الأجواء ويزداد لهيبها يوما بعد أخر، فبعد مقتل السليماني تزايدت ردود الأفعال الإقليمية والعالمية وأصبحت منطقة الشرق الأوسط بؤرة للصراع العالمي على مناطق النفوذ والسيطرة على الموارد الطبيعية فها هو ترامب في رده على قرار البرلمان العراقي إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد، يهدّد بفرض عقوبات على بغداد، مضيفا أنه إذا غادرت قواته فسيتعين على بغداد أن تدفع لواشنطن تكلفة قاعدة جوية هناك.
وأبلغ ترمب الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية "اير فورس وان" عائدا الى واشنطن بعد عطلة استمرت اسبوعين في فلوريدا، "لدينا قاعدة جوية هناك باهظة التكلفة بشكل استثنائي. لقد احتاجت مليارات الدولارات لبنائها منذ فترة طويلة قبل مجيئي. لن نغادر إلا إذا دفعوا لنا تكلفتها". وقال "إذا طالب العراق برحيل قواتنا ولم يتم ذلك على أساس ودي، سنفرض عليهم عقوبات لم يروا مثلها من قبل مطلقا. ستكون عقوبات إيران بجوارها شيء صغير".
كما توعد الرئيس الأميركي طهران بـ"انتقام كبير" اذا شنت هجوما على منشآت أميركية في الشرق الأوسط. وأوضح "إذا فعلوا أيّ شيء فسيكون هناك انتقام كبير"، مهدداً مجدداً بضرب مواقع ثقافية ايرانية، سائلا "لديهم الحق في قتل مواطنينا (...) وليس لدينا حقّ المسّ بمواقعهم الثقافية؟".
ومن جهة ثانية، سقطت 3 صواريخ كاتيوشا في بغداد وفق ما أكد الجيش العراقي، بعد التهديد الذي أطلقه ترمب بضرب مواقع ثقافية إيرانية، وذلك بعيد ساعات من انتهاء مهلة حدّدها فصيل موالٍ لإيران القوات الأميركية.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في وقت سابق أن "أي عمل عسكري أميركي مقبل ضد إيران سيكون ضمن إطار القانون الدولي، في حين نفت رئاسة الأركان الكويتية استخدام قواعدها العسكرية لتنفيذ هجوم على دولة مجاورة.
وقال بومبيو في حديث لقناة "إيه بي سي" الأميركية، "سنتصرف ضمن إطار القانون، أميركا سترد بضربات مشروعة ضد صناع القرار الفعليين الذين يديرون ضرب الأهداف الأميركية"، وتابع "لدينا كل الصلاحيات للقيام بما فعلناه".
وحسب تقارير صحفية متعددة أنه في مقابل تهديدات ترامب، هدّد مسؤول إيراني رفيع المستوى بتحويل تل أبيب وحيفا "إلى رماد" إذا ما نفّذت الولايات المتّحدة وعيدها بقصف 52 هدفاً في الجمهورية الإسلامية.
وقال محسن رضائي، رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران والقائد السابق للحرس الثوري، مخاطباً الرئيس الأميركي، "هل قلت في تغريدة إنّك ستهاجم 52 هدفاً في إيران؟".
وحذّر رضائي من أنّه إذا نفّذ ترمب وعده فإنّ "إيران ستحوّل حيفا والمراكز الحضرية الإسرائيلية إلى رماد بطريقة تمسح بها إسرائيل من على وجه الكرة الأرضية".
وأضاف في تغريدة على تويتر "إذا اتّخذت أميركا أدنى إجراء بعد ردّنا العسكري، فسنسوّي تل أبيب وحيفا بالأرض".
وكان ترمب حذّر السبت طهران من أنّ بلاده حدّدت 52 موقعاً في إيران ستضربها "بسرعة كبيرة وبقوّة" إذا هاجمت الجمهوريّة الإسلاميّة أهدافاً أو أفراداً أميركيّين، موضحاً أن بعض تلك المواقع هي "على مستوى عال جدّاً ومهمّة لإيران والثقافة فيها".
وأكّد الرئيس الأميركي أنّ "الولايات المتحدة لا تريد مزيداً من التهديدات"، موضحاً أن الرقم 52 يُمثّل عدد الأميركيّين الذين احتُجزوا رهائن في السفارة الأميركيّة في طهران على مدى أكثر من سنة أواخر عام 1979.
اتصالات دولية
وحسب "اندبندنت عربية" قد أجرى الرئيس العراقي برهم صالح اتصالاً هاتفياً بنظيره الإيراني حسن روحاني أكد فيه على ضرورة "ضبط النفس" والتحلي بالحكمة، بينما أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بياناً عبّر فيه عن قلقه "إزاء الأثر المزعزع للاستقرار لفيلق القدس تحت قيادة سليماني"، معتبراً أنه "من المهم أن تتجنب إيران اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى تصعيد الوضع وزعزعة استقرار المنطقة".
وأعلن ماكرون في بيانه أنه أكد لنظيره الأميركي "تضامنه الكامل مع الحلفاء"، مضيفاً أن "فرنسا مصممة على العمل مع الشركاء الدوليين والإقليميين لتهدئة التوتر". وشدد على أنه "يجب إعطاء الأولوية لقتال التحالف الدولي ضد داعش مع احترام سيادة العراق".
من جهة ثانية، تحدث وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي، مشدداً على أهمية السماح للتحالف الدولي بمواصلة قتال داعش في العراق وسوريا.
وأورد مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في وقت سابق الأحد أن رئيس الوزراء أبلغ لو دريان أن المسؤولين يعملون حاليا على تنفيذ قرار البرلمان العراقي بطرد القوات الأجنبية.
الشعب العراقي
وعلى مستوى الشارع العراقي فقد خرج متظاهرون في مدن عدة في العراق الأحد وهم يهتفون "لا للاحتلالين الأميركي والإيراني"، مطالبين بإبعاد بلدهم عن الصراع في ظل التوتر الذي بلغ أوجه بين طهران وواشنطن إثر مقتل قاسم سليماني.
ورفض المتظاهرون التدخلات الأميركية والإيرانية على حد سواء، مرددين هتافات ضد الوجود الأجنبي، في شوارع الناصرية والديوانية والكوت والعمارة، جنوب العاصمة.
وفي الديوانية، قال أحد المتظاهرين لوكالة الصحافة الفرنسية: "سنقف أمام الاحتلالين الأميركي والإيراني".
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "سلام لأرض السلام، خلقت للسلام وما رأت يوماً سلاماً"، تحت مروحيات الجيش العراقي التي تحلق فوق المحتجين.
ولطالما تجنب العراقيون الدخول في حرب بالوكالة بين طهران وواشنطن، لكن بعد عملية اغتيال سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وجد العراقيون أنفسهم عالقين وسط حرب محدقة قد تنفجر في أي لحظة.
وفي الناصرية، وقعت مواجهات بين محتجين رفضوا دخول مسيرة جنائزية لتشييع رمزي لسليماني والمهندس إلى شارع الحبوبي وسط المدينة، ما أدى إلى إصابة ثلاثة متظاهرين بجروح جراء إطلاق نار من قبل المشيّعين، وفقاً لمصادر طبية في الناصرية.
الخارجية العراقية
وأرسلت وزارة الخارجية العراقية شكوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن الدولي بشأن الضربات الجوية الأميريكية على أراض عراقية.
وقالت في بيان إن الشكوى تتعلق "بالهجمات والاعتداءات الأميركية ضد مواقع عسكرية عراقية، والقيام باغتيال قيادات عسكرية عراقية وصديقة رفيعة المستوى على الأراضي العراقية".
كما استدعت الوزارة السفير الأميركي لدى العراق، للتنديد بـ"انتهاك صارخ لسيادة" البلاد.
وأوضحت في بيان أنها أبلغت السفير ماثيو تولر أن "هذه العمليات العسكرية غير المشروعة التي نفذتها الولايات المتحدة اعتداء وعمل مدان يتسبب في تصعيد التوتر بالمنطقة".
الخارجية الإيرانية
وعلى مستوى الخارجية الإيرانية فقد حذّر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ترمب بعد تهديداته بضرب "52 موقعاً" إيرانياً بينها أماكن تاريخية، قائلاً "استهداف مواقع ثقافية هو جريمة حرب"، وكتب ظريف عبر حسابه على موقع "تويتر" أن الرئيس الأميركي الذي "انتهك بشكل خطير القانون" الدولي عبر اغتيال سليماني في العراق، "يهدد أيضاً بارتكاب انتهاكات جديدة للمعايير الملزمة للقانون الدولي".
وتلقى ظريف دعوةً لزيارة بروكسل، وفق ما أفاد وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل في بيان صدر الأحد حضّ فيه مرةً جديدةً على "خفض التصعيد" في الشرق الأوسط. وكشف بوريل عن الدعوة، التي لم يحدّد موعداً معيناً لها، في بيان عرض فيه مضمون المكالمة الهاتفية التي أجراها في نهاية الأسبوع مع ظريف وذكرها مساء السبت في تغريدة. وقال بوريل في التغريدة أنه بحث مع ظريف "أهمية الحفاظ على اتفاق فيينا حول النووي الإيراني الذي يبقى حيويا للأمن العالمي"، مؤكّداً تصميمه "على الاستمرار في لعب دوره الكامل كمنسّق والحفاظ على وحدة صف المشاركين المتبقين في الاتفاق دعماً له ولتطبيقه التام من قبل جميع الأطراف". 
نصرالله يهدد 
واعتبر الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، الأحد 5 يناير (كانون الثاني)، أن مقتل قاسم سليماني يمثّل "بداية مرحلة جديدة" في تاريخ الشرق الأوسط، قائلاً إن "الجيش الأميركي سيدفع الثمن". 
وفي إشارة إلى يوم الجمعة الذي قُتل فيه سليماني في قصف أميركي، قال إنه "تاريخ فاصل بين مرحلتين في المنطقة... هو بداية مرحلة جديدة وتاريخ جديد ليس لإيران أو العراق وإنما للمنطقة كلها".
وفي كلمة في بداية تجمّع في الضاحية الجنوبية لبيروت لتأبين سليماني، قال إن "مقتل سليماني ليس شأناً إيرانياً بل يعني محور المقاومة ويعني الأمة وهذا لا يعفي المحور من المسؤولية". ودعا كذلك العراقيين إلى ما وصفه بـ "تحرير بلادهم من الاحتلال الأميركي".
الخارجية البريطانية
ومن بين ردود الفعل الدولية على مقتل سليماني والوضع في المنطقة، أكد وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أن سليماني كان مصدر تهديد للمنطقة، واعتبر أن ثمة حاجة لخفض تصعيد الوضع في الشرق الأوسط وتجنب حرب غير مقصودة، ولفت إلى أن الطريق مفتوحة أمام إيران للدخول في دبلوماسية ذات مغزى.
سلطنة عمان
وحول الأحداث الملتهبة التي تجري في المنطقة، ذكرت وكالة الأنباء العمانية أن السلطنة تدعو الولايات المتحدة وإيران إلى "تغليب لغة الحوار" لتهدئة التوتر بينهما، ونقلت الوكالة عن بيان صادر عن وزارة الخارجية العمانية قوله "السلطنة تتابع باهتمام بالغ التطورات الأخيرة المؤسفة لحالة التوتر والتصعيد بين الولايات المتحدة وإيران وتدعو الطرفين إلى تغليب لغة الحوار والبحث عن الوسائل الدبلوماسية لحل القضايا الخلافية بشكل ينهي الصراع في المنطقة"، وأضاف البيان "كما تدعو السلطنة المجتمع الدولي لاغتنام ما عبر عنه الطرفان بعدم رغبتهما في التصعيد وذلك بتكثيف الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".

شارك