جرائم أردوغان .. التركمان ورقة تركيا للتغيير الديمغرافي في عفرين

الإثنين 06/يناير/2020 - 02:36 م
طباعة جرائم أردوغان .. علي رجب
 

تشهد منطقة عفرين شمال غربي سوريا إفراغ المدينة من مكونها الرئيسي "الأكراد"، مقابل توطين قوميات أخرى، في المقدمة منها القومية التركمانية؛ لما تمثله من صمام أمان لتركيا؛ إذ إن التركمان السورييين ينحدرون من أصل تركي، لتشكل صفحةة جديدة من جرائم نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوريا.

واستطاعت تركيا بمشاركة فصائل الجيش الوطني الموالي لها السيطرة على عفرين، وبسط نفوذها الأمني فيها، وسط انتهاكاتٍ قامت بها الفصائل من نهبٍ وسلبٍ وخطف، واستيلاءٍ على ممتلكات المدنيين وترهيبهم خلال الأشهر الأولى، الأمر الذي دفع الأكراد إلى مغادرة عفرين.

وتعد عفرين -تتبع إدارياً لمحافظة حلب-إحدى مناطق ثلاثة في الشمال السوري (الجزيرة كوباني، وعين العرب، وعفرين) أُعلنت فيها الإدارة الذاتية للأكراد عام 2015، وعلى خلاف المنطقتين الأخريين شرق الفرات، تكتسب عفرين ميزة خاصة وهي أن غالبية سكانها من الاكراد، بينما المنطقتان الأخريان ذواتا أغلبية عربية.

وفي أكتوبر 2018، أطلقت أنقرة هجوماً على مناطق كردستان سوريا، قبل إيقافها بعد أيام إثر اتفاقين مع أمريكا وروسيا، ومن بين الأهداف التي أعلنت عنها تركيا، حينها إعادة عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا وإسكانهم في تلك المنطقة، وهو ما أثار مخاوف سكان المنطقة الأصليين من تغيير ديموغرافي، حيث أن غالبية أولئك اللاجئين من أهالي جنوب سوريا.

وقد اتهمت منظمة حقوق الإنسان في عفرين، تركيا "بخلق الفوضى والفلتان الأمني بغية ترحيل من تبقى من السكان الكرد الأصليين، وتوطين أكثر من 600 عائلة خلال اليومين الماضيين.

وأوضح منظمة حقوق الإنسان في عفرين، في بيان لها، الاثنين 6 يناير 2020، حصل "بوابة الحركات الاسلامية" على نسخه منه، أن النازحين جراء القصف على مناطق محافظة إدلب من قبل الحكومة السورية وروسيا توجهوا إلى عفرين بسبب "غلق أبواب الحدود التركية أمامهم وتوجيههم نحو منطقة عفرين وتوطينهم فيها حسب الاتفاقيات والمصالح الإقليمية للأطراف الموقعة (تركيا _ الحكومة السورية المؤقتة _ روسيا _ النظام السوري)".

وأشار إلى "تحول النازح إلى مستوطن بشكل موضوعي خارج عن إرادته ولكن كان الهدف الأساسي للحكومة التركية والحكومة السورية المؤقتة وقادة الميلشيات المسلحة بغية تغيير التركيبة السكانية لأهالي المنطقة وإحداث التغيير الديموغرافي من جهة وإكراه المواطن الكوردي في العيش بمنطقته وقريته وحثه على الرحيل بشتى الطرق ومحاربته اقتصادياً في لقمة عيشه".

ولفتت المنظمة إلى توطين أكثر من 300 عائلة عنوة في ناحية بلبل خلال اليومين الماضيين وأغلبهم في القرى الشرقية للحدود الإدارية للناحية و الموازية للحدود التركية (عبودان _ شيخورز _ حفتار _ سعرينجكة _ دوراقلي _ بخجة _ علي كارو _ هيامو) و كذلك بحدود 250 عائلة في القرى التابعة لناحية معبطلي وأكثر من 50 خمسين عائلة في ناحية شران و العشرات من العائلات في ناحية جنديرس _ منها قرية كفرصفرة _ التي تسيطر عليها فصيل "لواء سمرقند".

وتوثيقاً للحصيلة، ذكرت المنظمة أنه تم توطين العوائل في منازل المواطنين نبي بن خليل نبي وزينب بنت مراد ونبي حسين المقيم فيه شقيقه المختل عقلياً، وليمان حاج عبدو بنت خليل، ومحمد حسين شيخو بجانب منزله الأساسي، وفيدان حاجي زوجة المرحوم حسين، وألماز محمد مراد آغا، إلى جانب "توطين عائلة في منزل أحد مواطني القرية الذي كان يشغله المواطن حسين محمد حسنو و طرده بعدما تدمر منزله أثناء الاجتياح التركي".


كما قالت المنظمة إن "عناصر فصيل السلطان سليمان شاه العمشات قامت بهدم عدد من المحلات التجارية العائدة لحرم الجامع التحتاني في بلدة شيه بهدف البحث عن الآثار واللقى دون رادع" وأمام أنظار القوات التركية.

وشددت على أن أنقرة تسعى "لإثارة النعرات العرقية و الطائفية والدينية بين المستوطنين والسكان الكورد الأصليين في المنطقة من خلال تقديم الدعم الإقتصادي و اللوجستي لهم على حساب المواطنين الكورد تمهيداً لإعطائهم أدواراً مهمة في الحياة اليومية ضماناً للحفاظ عليهم وتكريس بقائهم بعد الفراغ الحاصل نتيجة إرسال عدد كبير من العناصر المسلحة إلى ليبيا".


وفي العاشر من ديسمبر 2018، أصدر التحالف الوطني الكردي في سوريا بيانًا بعنوان «عفرين المحتلة تشهد تغييرًا ديموغرافيًّا ممنهجًا، جاء فيه أن عفرين «المحتلة من قبل السلطات التركية ومرتزقتها من الفصائل العسكرية الإرهابية تعتبر شاهدًا حيًّا على أفظع الانتهاكات لحقوق الإنسان؛ حيث تشهد هذه المنطقة الكردية تغييرًا ديمغرافيًّا ممنهجًا تشرف عليها سلطات الاحتلال التركي، من خلال تغيير الطابع الكردي للمنطقة بتبديل الأسماء الكردية لمعالمها، إضافةً إلى تهجير سكانها الأصليين، واستقدام المهجرين من مناطق ريف دمشق وإسكانهم في تلك المناطق، وكان آخر هذه الخطوات إقامة القرية الشامية، في خطوة أشبه بالمستوطنات العنصرية، وذلك إلى جانب عمليات القتل والاختطاف والتعذيب والسلب والنهب التي تحدث بشكل شبه يومي لأبناء شعبنا الكردي هناك، خاصةً الإيزيديين الذين عانوا الويلات على أيدي قوات الاحتلال ومرتزقتها».

وتابعت أن "تركيا تقوم بتأليب المستوطنين ضد الإداريين الكورد من أهل المنطقة وتشجيعهم للقيام بالاحتحاجات ضدهم بغية فصلهم وإبعادهم عن تقديم الخدمات لأهالي المنطقة".

وشنت تركيا وموالوها في مطلع 2018 عملية عسكرية على منطقة عفرين، وبعد شهرين وفي آذار من نفس العام سيطرت على المدينة وأطرافها، وانتشرت بعد ذلك المقاطع التي تظهر "ممارسات مسلحي الفصائل المعارضة ضد الأهالي من قتل واختطاف وتعذيب وسلب".


مع السيطرة على عفرين انشغلت وحدات خاصة تركية إلى جانب المخابرات العسكرية التركية، بوضع اليد على المقرّات الأمنية والعسكرية لوحدات حماية الشعب، واحتفظت بالوثائق كافة في الإدارة الذاتية.






التغيير الاداري والعسكري

 بعدئذ أنشأت تركيا عدداً كبيراً من المقرّات العسكرية، وكانت لا تزال تبني، حتى تحرير هذه الورقة في أواخر يونيو٢٠١٩، قواعد عسكريةً جديدةً يقع قسمٌ منها على الحدود السورية التركية، وآخر في مناطق شرق عفرين المقابلة لمنطقة الشهباء، التي تعتبر نقاط اشتباك مع الوحدات الكردية. أما أبرز تلك القواعد فهي مريمين، والمزرعة، وأناب، وكلبيري التي تُعَدّ أكبر القواعد العسكرية التركية في تلك المنطقة، إضافةً الى معسكر كفر جنة الذي يُجهَّز ليكون مهبطاً للطائرات المروحية التركية.


 


الواقع أن السياسة التركية نجحت عسكرياً بطرد وحدات حماية الشعب الكردية بشكل نهائي من جيب عفرين الملاصق لها، واستخدمت الفصائل السورية الموالية لها أداةً لتنفيذ سياسةٍ أمنيةٍ ممنهجةٍ أدّت إلى تهجير نصف سكان عفرين، عبر موجات من الاعتقالات والخطف مقابل فدية. فقد اعتقلت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها خلال عام أكثر من ٢٥٠٠ مدني، كان لا يزال قرابة الألف منهم قيد الاعتقال حتى مارس ٢٠١٩.


وقد وُجّهَت إلى معظم المعتقلين تهمة الانتماء إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي أو ذراعه العسكري، في حين قال أحد الناشطين من أبناء المنطقة إن منتسبي الحزب وعناصر الوحدات خرجوا كلّهم من المدينة.


كما شكلت تركيا مجلس مدينة عفرين المحلي من 35 شخصية موالية لها، يُقدَّر عدد السكان المحليين الأكراد بنحو ٣٥٠ ألف نسمة قبل معركة "غصن الزيتون"، ولكن هذا الرق تقريبا نخفض لأكثر ن النصف بعد الاحتلال التركي لعفرين وتوطين جماعات موالية لها.


 

التركيبة السكانية

وقد بلغ عدد المهجّرين الذي استقدمهم الاحتلال التركي إلى عفرين نحو  ٨٧٩٣٦، يشكّل مهجّرو الغوطة ٥١ %منهم، والنازحون من محافظة حلب ٢٠ %، وذلك بحسب إحصاءٍ دقيقٍ غير منشورٍ أجراه المجلس المحلي لعفرين بحلول أواخر مايو٢٠١٩. تُضاف إلى ذلك الإحصاء ٢٦٠٠ عائلة نزحت حتي مايو ٢٠١٩ بسبب المعارك في ريف حماة الشمالي.


التركمان

ولم يكتف الإحتلال التركي باستقدام هذا الكم من المستوطنين، بل سارع إلى إستقدام عوائل تركمانية من ريف حمص وحماه مؤخراً واستقدم أيضاً عائلات من قاطني المخيمات التي تقع في الجانب التركي وقام بتوطينهم في قرى وبلدات المقاطعة المحتلة، وبدأت بتقديم المساعدات اللوجستية لهم، بهدف القضاء على كردستانية المدينة وهويتها التاريخية. وتوزعت هذه العوائل على كل من نواحي شرا، بلبلة، موباتا، شيه، راجو وجندريسه، في حين نالت ناحية "بلبلة" النصيب الأكبر في التغيير الديمغرافي.


وحسب تقارير كردية استقدم الاحتلال التركي أكثر من (700 ) عائلة تركمانية إلى الناحية موزعة على قرى: بيباكه، كوتانا، قسطل مقداد، خللاكا، بركاشه، قورطا، قوطا، قرنه، وتشرف المجموعات الإرهابية على عمليات التوطين وبشكل مباشر ومنها فرقة الحمزات والسلطان مراد الإرهابيتين، المواليتين للاحتلال التركي إيديولوجياً وعسكرياً. وتترافق عمليات التوطين مع افتتاح المساجد والمدارس الدينية، التي تشرف عليها المجالس الإسلامية التركمانية والتي افتتحت عدة مقرات لها في قرى ونواحي مقاطعة عفرين المحتلة.


 وتأتي كل هذه الممارسات وسياسات التغيير الديمغرافي المنافية للقوانين والأعراف الدولية في ظل صمت دولي من قبل الجهات الدولية المعنية وأبرزها مجلس الأمن الدولي.

وقالت الناشطة الكردية جواهر عثمان إن ممارسات النظام التركي وعمليات التغيير الديمغرافي في عفرين والإرهاب المُمارس على الشجر والحجر ودعم المجموعات المرتزقة المجردة من الانسانية التي جاءت بهم إلى عفرين للنهب والسلب والخطف والإجرام, تصنف أكبرز الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي يجب ان يحاكم عليها نظام أردوغان.

كما حملت منظمة حقوق الإنسان في عفرين، نظام اردوغان مسؤوي الجرائم بحق اهالي عفرين، قائله : نحمل دولة الاحتلال التركي ورئيسها رجب طيب أردوغان باعتباره القائد العام للقوات المسلحة التركية، واللواء سليم إدريس القائد العام لما يسمى بالجيش الوطني السوري والرائد ياسر عبدالرحيم قائد الفصيل الذي قام باحتجاز الأسيرة جيجك كوباني المسؤولية القانونية كاملة عن جرائم الحرب التي ارتكبت ولا تزال ترتكب في شمال شرق سوريا بحق المدنيين الآمنين من قتل عمد وإعدامات ميدانية واستخدام للأسلحة المحرمة دوليا والمعاملة المهينة واللاإنسانية للأسرى وفقا للمادة (12) من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949.


شارك