تونس ومحاولات أردوغان السيطرة على شمال أفريقيا

الثلاثاء 07/يناير/2020 - 12:58 م
طباعة تونس ومحاولات أردوغان حسام الحداد
 
تطمح الدولة التركية بقيادة أردوغان إلى تحقيق حلم الإمبراطورية العثمانية الجديدة في الشرق الأوسط، ويسعون إلى فرض سيطرتهم على المنطقة بالتعاون مع الأخوان والسلفيين.
فأردوغان بصفته الراعي لمرتزقة داعش والقاعدة، تحالف مع هذه القوى، ولكن مخططاته فشلت بفضل مقاومة شمال وشرق سوريا.
والآن يسعى أردوغان إلى تنفيذ مخططاته عبر شمال أفريقيا، فلا زال في مخيلته ان شمال أفريقيا كانت مستعمرة عثمانية، وحالياً تسعى تركيا إلى استعمارها مجدداً.
وتشهد ليبيا تسارعاً غير مسبوق للأحداث، بالإضافة إلى التطورات الميدانية واحتدام الصراع للسيطرة على العاصمة طرابلس بين قوات الجيش الليبي والميلشيات التابعة لحكومة فايز السراج، في وقت تتكثف المساعي الدبلوماسية للحيلولة دون مزيد من التدهور للأوضاع في البلاد.
وتقف تونس وسط هذه التحولات في المنطقة، في وضعية المتفرج الفاقد أي رؤية سياسية، حيث عجزت دبلوماسيتها عن إيجاد حل أو موقف حاسم من الأزمة الليبية، واكتفت الرئاسة التونسية ببيان، على إثر مغادرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي قام بزيارة غير معلنة للبلاد منذ أسابيع، أكد ضرورة إيجاد حل سلمي للأزمة الليبية والتزام تونس برفضها التدخل الأجنبي في ليبيا.
حول الوقف التونسي وتأثره بأطماع أردوغان قال عبد الواحد المكني الأستاذ المحاضر في التاريخ المعاصر لـ "اندبندنت عربية" إن تونس للأسف لا تملك أي برنامج سياسي، ودبلوماسيتها الآن في مرحلة جمود، بسبب عدم وجود وزير خارجية، وأيضا لغياب سياسة خارجية واضحة، وأشار المكني إلى وجود إرادة لتغييب تونس عن الملف الليبي لأن من المفروض أن البلاد هي ضد أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي لأي دولة، سواء من الأتراك أو من غيرهم، وهو ما لم تعبّر عنه تونس صراحة في زيارة أردوغان، بل وصلت الأمور إلى حد الإهانات الرمزية للسيادة التونسية، على حد قوله.
واستدرك المكني قائلاً "بإمكاننا تدارك أمرنا لو توافرت الإرادة السياسية الحقيقية واستقلالية القرار، ولكن هذا ليس متاحاً في المدى القريب"، مشدداً على أنه لا توجد رغبة ولا إرادة أو خط سياسي واضح في السياسة الخارجية للعب هذا الدور الذي كانت تلعبه تونس منذ عهد بورقيبة إلى عهد زين العابدين بن علي.
وفي خصوص إمكان أن ينقذ رئيس الجمهورية قيس سعيد الدبلوماسية التونسية في التعاطي مع الأزمة الليبية، أكد المكني تورط الرئيس التونسي في الملف الليبي، إذ كان من المفروض أن يقول لا لأردوغان، ولا للتدخل التركي في ليبيا التزاماً بموقف البلاد الثابت منذ عشرات السنوات، وهو رفض التدخل الأجنبي واحترام سيادة الدول خصوصاً ان ليبيا دولة جارة، مشيراً إلى أن قيس سعيد فوّت على نفسه فرصة تأكيد مكانة وموقف تونس خصوصاً في الأزمة الليبية.
وحول تداعيات الوضع المتدهور في ليبيا على البلاد، أكد الإعلامي التونسي باسم الصّندي إنه في حال تفاقم الوضع أمنياً في ليبيا فستكون له ارتدادات سلبية على وضعنا الداخلي، على الصعد الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ولفت إلى التهديد المباشر لسلامة حدودنا الجنوبية الشرقية الممتدة على حوالى 500 كيلومتر مع ليبيا باعتبارها ستصبح خطوط تماس مع ميليشيات مسلحة وغير نظامية، كما أن الوضع الأمني المتوتر قد يدفع ببعض العناصر الإرهابية الخطيرة إلى محاولة التسلل إلى بلادنا.
أما على المستوى الاجتماعي، فقال الصندي إن تدهور الوضع هناك يعني عودة ما بقي من يد عاملة تونسية بهذا القطر الشقيق إلى أرض الوطن، ما يسهم في تعقيد الوضع الاجتماعي المحتقن أصلاً بالإضافة إلى تصدير عشرات الآلاف من اللاجئين إلى تونس ما يتطلب إحاطة اجتماعية وصحية ويقظة إضافية من كل الأطراف.
وعلى المستوى الاقتصادي، أوضح أن الاستنفار الأمني على الحدود واستقبال عدد كبير متوقع من النازحين، علاوة على تعطل حركة التبادل التجاري بين البلدين، كل ذلك ستكون كلفته باهظة على اقتصادنا الوطني المترنّح أصلاً.
أما على المستوى السياسي، تابع الصندي، فإن مزيداً من توتر الأجواء في ليبيا يعني توسيع رقعة الخلافات السياسية في البلاد بين قطبين، أحدهما يؤمن بشرعية حكومة السرّاج، وآخر يرى أن المشير خليفة حفتر هو الخيار الأفضل لتحصين ليبيا من خطر الجماعات المتطرفة.

شارك