مدينة سرت وأهميتها الاستراتيجية
الثلاثاء 07/يناير/2020 - 03:31 م
طباعة
أميرة الشريف
تعتبر مدينة سرت الليبية التي حررها الجيش الوطني الليبي من قبضة الميليشيات الإرهابية، سلاح قوة للجيش من جهة الشرق.
وتحمل سرت عدداً من الصفات التي تجعل السيطرة عليها مكسباً كبيراً وبالغ التأثير الاستراتيجي من الناحية الجغرافية، إذ توصف بأنها قلب ليبيا، فهي تقع في منتصف المسافة بين أهم مدينتين في البلاد بنغازي وطرابلس البالغة ألف كيلومتر، 500 كيلومتر عن كل منهما، والنقطة الرابطة بين الشرق والغرب والجنوب الليبي.
ومن الناحية العسكرية تشكل في الصراع الحالي، مفتاح الطريق إلى مصراتة من ناحية الشرق، إذ تبعد 300 كيلومتر عنها، وتعد نقطة إمداد لوجستي مركزية في اتجاه الغرب والجنوب.
كذلك اقتصاديا تشكل أهمية كبيرة، فتحت أرضها يوجد ما يعرف بحوض النفط والغاز الذي يحوي أضخم مخزون مكتشف منهما في ليبيا، وعليه دار الصراع طيلة السنوات الماضية بين فرنسا وإيطاليا لنيل السبق في الاستثمار فيه، وفيها ميناء حيوي ضخم، من ثم تسمح السيطرة عليها بتضييق الخناق على الإرهابيين وتغلق أمامهم أهم أبواب ومنافذ التمويل والدعم، يضاف إلى ذلك قربها الجغرافي من الهلال النفطي.
أما تاريخياً تعد مسقط رأس الرئيس السابق للبلاد معمر القذافي الذي كان يعدها لتكون عاصمة ليبيا ولم يمهله الأجل لتحقيق حلمه الذي جهز له لسنوات، حيث تم السيطرة عليها 2011 من داعش ومن بعده كتائب ميليشيات الوفاق التي طردت الدواعش في عملية البنيان المرصوص.
وتعتبر العملية التي تمت عبر 3 محاور من البحر ومن الشرق ومن الجنوب الغربي، خطة محكمة لقطع الإمدادات عن الجانب التركي، الذي يسعي لإرسال قوات عسكرية لمساعدة الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج.
وتقع سرت بين طبرق شرقا وطرابلس غربا، وتعتبر مفتاح السيطرة على ليبيا بكاملها، لكونها نقطة التقاء كافة ربوع المناطق اللبيبة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وقربها من موانئ وآبار النفط الرئيسية الثلاثة البريقة ورأس لانوف والسدرة، فضلا عن أنها تقع في إحدى المناطق الغنية بالنفط بين حقول سرت ومرادة وزلة.
كما تعتبر سرت من أكثر المدن الليبية امتدادًا على الشاطئ الجنوبى للبحر المتوسط، وفى داخلها العديد من المنشآت الاستراتيجية، مثل مطار القرضابية الدولى، وميناء سرت التجارى، وتضم المدينة أيضًا قاعدة جوية رئيسية، فى القرضابى، إذ يعد المطار والميناء من أهم المنافذ الرئيسية فى ليبيا على العالم.
ويعتبر تحرير سرت بداية فعلية لاقتراب نهاية معركة تحرير ليبيا، وقرب دخول طرابلس بشكل كامل، كما يعد تحريرها بداية للخسائر التسليحية التركية.
ويري محللون أن التخوف الأكبر هو انسحاب ميليشيات الوفاق إلى مدينة مصراتة وتحصنهم هناك مستغلين وجود قاعدة تركية بالمدينة، وهو الأمر الذي يشير إلي احتمالات توافد أعداد كبيرة من المسلحين والمقاتلين الأجانب لمدينة مصراته، وخلق بؤرة إرهابية هناك، تحتاج لمعركة أخرى من الجيش الوطني للقضاء عليها.
وتعتبر مصراتة التي تحالفت قبائل منها من أصل تركي "كراغلة" مع الإسلاميين إحدى أبرز أدوات السيطرة التركية على ليبيا.
ويعطي تحرير سرت دفعة معنوية كبيرة في عملية تحرير طرابلس من العناصر الإرهابية، حيث إن ميليشيات مصراته كانت تظن في نفسها أن مدينة سرت هي خط الدفاع الأول عن مصراته، وبتدمير هذا الخط الدفاعي سيكون الجيش ليس ببعيد عن مصراته، كذلك أصبحت هناك مرافق عسكرية بالمدينة تستطيع القوات المسلحة الليبية من خلال أن تنقل المعركة بشكل كبير جدًا لتطهير طرابلس، مثل المطار والميناء، وخاصة المطار، كون هذا المطار مجهز بشكل جيد ويربط بين شرق ليبيا وغربها.