معركة طرابلس.. بين نجاح الجيش وصراع الوفاق وأطماع أردوغان
الأربعاء 08/يناير/2020 - 01:47 م
طباعة
أميرة الشريف
مع النجاح الكبير الذي حققه الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، بعد تحرير مدينة سرت من قبضة الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق الوطني الموالية لجماعة الإخوان، بارك مجلس النواب الليبي في بيان له الانتصارات التي حققها الجيش الوطني في مدينة سرت، مؤكدا أن المدينة كانت قابعة تحت سيطرة الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية المتطرفة، داعيا القوات المسلحة إلى مواصلة تحرير كامل التراب الليبي من الميليشيات والجماعات الإرهابية، لينعم الوطن والشعب بالأمن والأمان والاستقرار.
ويعتبر تحرير مدينة سرت دفعة قوية للجيش الليبي تقوده إلي تحرير العاصمة طرابلس في وقت قصير.
كما أكدت لجنة الدفاع والأمن بالمجلس في بيان أخر لها، أنها تشد على أيدي القوات المسلحة للضرب بيد من حديد أماكن وجود الميليشيات المسلحة والمتطرفين، وكل من يدور في فلك الخيانة وجلب الاستعمار، ودعت أهالي سرت وكافة المسؤولين بها إلى إعلان تأييدهم للقوات المسلحة والالتفاف حول الجيش لبسط الأمن والاستقرار في المدينة.
وباركت الحكومة الليبية (المؤقتة سابقاً) الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة وتحريرها مدينة سرت، وقالت إن هذا النصر يبين لمختطفي العاصمة ومن تحالفوا معهم أن القوات المسلحة ستعيد طرابلس إلى أحضان الوطن.
من جانبه، أكد اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، أن تحرير مدينة سرت يعطي دفعة معنوية كبيرة في عملية تحرير طرابلس من العناصر الإرهابية، حيث إن ميليشيات مصراته كانت تظن في نفسها أن مدينة سرت هي خط الدفاع الأول عن مصراته، وبتدمير هذا الخط الدفاعي سيكون الجيش ليس ببعيد عن مصراته وطرابلس.
وأكد المسماري، أنه وصلته معلومة بانسحاب ميليشيات مصراته من طرابلس، ولكنه لا يعلم هل تم الانسحاب بشكل كلي أم جزئي، مؤكدًا أن قوات الجيش الليبي تتقدم بشكل جيد في منطقة صلاح الدين ووصلت إلى أول إشارة ضوئية في صلاح الدين، وبعد هذه الإشارة تبدأ حي الهضبة.
وأضاف المسماري، في تصريحات صحفية، أنه بتحرير مدينة سرت أصبحت هناك مرافق عسكرية بالمدينة تستطيع القوات المسلحة الليبية من خلال أن تنقل المعركة بشكل كبير جدًا لتطهير طرابلس، مثل المطار والميناء، وخاصة المطار.
ويري مراقبون، أن سيطرة الجيش الليبي على مدينة سرت الساحلية الاستراتيجية، تشكل ضربة لا يُستهان بها لحكومة فايز السراج على الصعيدين العسكري والسياسي، ونذيراً باقتراب سقوط معقل الميليشيات في العاصمة طرابلس، في يد القوات التابعة للمشير خليفة حفتر.
واعتبر محللون أن خسارة حكومة السراج للمدينة الواقعة وسط البلاد، يقلل من قدرة المسلحين المتشددين الداعمين لها، على وقف تقدم الجيش الوطني صوب العاصمة، بعد أن أدى ذلك إلى اقتراب خطوط الجبهة الأمامية من مدينة مصراتة، التي تتولى عادة تعزيز ميليشيات طرابلس بالمقاتلين، منذ إطلاق المشير حفتر حملته العسكرية الحالية في أبريل الماضي.
صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، نشرت تصريحات لـ "فولفرام لاخر" الخبير في الشؤون الليبية في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، قال إن السيطرة على سرت -التي شكلت لنحو عامين معقلاً لتنظيم داعش الإرهابي- تمنح الفرصة للجيش الوطني للوصول إلى مزيد من القواعد الجوية، ما يجعل بوسعها منع ميليشيات مصراتة، من شن هجمات على خطوط الإمداد الخاصة بقواته.
ويشير لاخر في هذا الشأن إلى قاعدة القرضابية الجوية الواقعة على مشارف سرت، التي دخلها الجيش الوطني الليبي أمس الأول، قبل أن تتقدم قواته إلى وسط المدينة، بعد هجوم خاطف سبقته ضربات جوية استغرقت بضع ساعات.
وقال المحلل إن انسحاب الميليشيات المتحالفة مع حكومة الوفاق من سرت «يشكل انتكاسة من الوجهة النفسية، (للسراج وحلفائه)، في ضوء أنه يجعل الحرب تدق أبواب مصراتة تقريباً، ويعزز عقلية الحصار المهيمنة على الأذهان» داخل ثالثة كبريات المدن الليبية من حيث عدد السكان، بعد طرابلس وبنغازي.
وربطت فاينانشيال تايمز بين توقيت تحرير المدينة، وإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل ذلك بساعات، أن نظامه بدأ إرسال قوات لدعم حكومة فايز السراج، مُشيرة إلى أن هذا التصريح مثلّ تصعيداً كبيراً في الحرب بالوكالة الدائرة في ليبيا» منذ سنوات.
وأكدت أن وصول القوات التركية إلى الأراضي الليبية ينذر بتصاعد خطير في الصراع الدموي الدائر هناك، وسيؤدي إلى تفاقم الخلافات بين أنقرة والعديد من القوى الإقليمية والدولية الرافضة، لدعم نظام أردوغان السافر للميليشيات المتشددة المتحصنة في طرابلس.
وأبرزت الصحيفة في الوقت نفسه توقعات محللين عسكريين بأن يستخدم أردوغان ميليشيات سورية متطرفة في العمليات العسكرية ضد قوات الجيش الوطني الليبي، كما فعل من قبل في سوريا نفسها.
وفي 4 إبريل الماضى، أعلن القائد العام للجيش الليبى المشير خليفة حفتر، بدء العملية العسكرية لدخول العاصمة الليبية طرابلس، والتخلص من الميليشيات المسلحة التابعة لتركيا التى تقف عائقا ضد أي تقدم سياسي.
وأكدت مصادر استخباراتية عسكرية ليبية، أن مطار معيتيقة فى طرابلس استقبل ثلاث رحلات طيران قادمة من أنقرة وإسطنبول، وعلى متنها عناصر إرهابية سورية، على متن الرحلة رقم "A330-202" التابعة لشركة "الأجنحة" التى يمتلكها الإرهابى عبد الحكيم بلحاج، قائد الجماعة الليبية المقاتلة، والمقيم فى إسطنبول، وكانت تحمل على متنها 50 عنصرا إرهابيا، ووصلت يوم الأحد الماضى إلى مطار معيتيقة فى طرابلس، والرحلتان الأخريان حملتا أرقام "A319- 112" قادمة من إسطنبول و"A320-214" قادمة من أنقرة، وتتبعان الخطوط الجوية الليبية، حيث وصلتا لمطار معيتيقة فى توقيتين متقاربين.
كما أكدت المعارضة السورية عن وجود أكثر من ألف مقاتل يتم تجهيزهم الآن فى تركيا لإرسالهم للمشاركة فى معركة طرابلس ، فى محاولة لتغيير المعادلة العسكرية داخل محاور القتال فى طرابلس، وعلى أقل تقدير وقف تقدم الجيش الليبى لحين بحث كيفية نقل قوات تركية إلى ليبيا.
تشهد الخريطة الميدانية العسكرية تغيرات سريعة خلال الأسبوع الماضى، وذلك مع ارتفاع حدة الاشتباكات بين الجيش الليبى وميليشيات الوفاق خلال الأيام الماضية فى جنوب طرابلس على محاور عين زاره، وجنوب قرهبولى والطريق السريع السوانى- العزيزية.
ونجح الجيش الوطنى الليبى بالسيطرة على مسجد الفرجان، وكذلك استطاع الجيش السيطرة على أكاديمية الشرطة شمال معسكر اليرموك.
كما تمكّنت قوات الجيش الليبى من السيطرة على مناطق القويعة، خواليق، زطارنة والزيانية فى محور شرق طرابلس و جنوب منطقة قره بولى.
هدف الجيش الوطنى من هذه التحركات التحكم بالطريق السريع لشرقى طرابلس، وقطع الاتصال بين طرابلس ومدينة مصراتة غرب العاصمة.
محور الطريق السريع السواني- العزيزية: سيطرة الجيش الليبى على كوبرى الزهراء، كما تمكن من السيطرة على الطويشة، ومتمركز حالياً على شرق الطريق السريع.
إلي ذلك، حققت فيه قوات الجيش التقدم الأهم خلال الأسبوع الماضى، بتأمينها طريق المطار ومحيطه، الذى يشمل مناطق مسجد صلاح الدين، معسكر النقلية، مسجد الزيتونة، كوبرى الفروسية ووصولا إلى منطقة خزانات النفط، لتصبح بذلك على أبواب أحياء أبو سليم والانتصار وصلاح الدين، وهى الأحياء الأهم فى قلب العاصمة، كذلك تستمر المعارك فى المناطق الواقعة شرقى طريق المطار، لتطهير منطقة مشروع الهضبة من أى تمركز للميليشيات.
و تنقسم محاور القتال فى طرابلس إلى محور رئيسى هو محور جنوب طرابلس، ومحاور فرعية تتوزع ما بين غرب العاصمة بجانب مواجهات خارج العاصمة فى شرق مدينة سرت وعلى حدود جنوب مدينة مصراتة.