حفتر.. يسقط كل رهانات أردوغان في شمال أفريقيا
الأربعاء 15/يناير/2020 - 02:13 م
طباعة
حسام الحداد
أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس الثلاثاء 14 يناير 2020، أن حفتر، غادر موسكو دون توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية في نفس الوقت أن وقف إطلاق النار في ليبيا يبقى ساريا إلى أجل غير محدد رغم رفض قائد الجيش الوطني الليبي توقيع اتفاق رسمي لأنه بحاجة إلى "يومين" إضافيين لدرسه.
وقد أعادت مغادرة قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر موسكو قبل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، خلط أوراق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان يراهن على هدنة لإيقاف تقدم الجيش الوطني الليبي نحو قلب العاصمة طرابلس وتمكين ميليشيات حكومة الوفاق من إعادة ترتيب صفوفها على ضوء الهزائم التي منيت بها في الفترة الأخيرة ومنها فقدانها السيطرة على مدينة سرت الساحلية التي تعتبر بوابة للبحر المتوسط وتحتل موقعا استراتيجيا لقربها من منطقة الهلال النفطي والموانئ النفطية الرئيسية.
ولتركيا طموحات نفطية أيضا كما يكشف اتفاق مثير للجدل وقعته أنقرة مع حكومة الوفاق الوطني يتيح توسيع حدودها البحرية في منطقة من شرق المتوسط تختزن كميات كبيرة من النفط تم اكتشافها في الأعوام الأخيرة.
وبين دخول تركيا الميدان الليبي ودفعها بمرتزقة وانتشار العديد من المجموعات المسلحة خصوصا مسلحين جهاديين ومهربي أسلحة ومهاجرين، تخشى الأسرة الدولية اتساع النزاع الليبي.
وتخشى أوروبا خصوصا تحول ليبيا إلى "سوريا ثانية" وتريد كذلك خفض ضغط تدفق المهاجرين على حدودها لأنها استقبلت في السنوات الأخيرة مئات الآلاف من المهاجرين الفارين من النزاعات في العالم العربي.
وقالت مصادر من البرلمان الليبي في طبرق إن وقف إطلاق النار الحالي لا يبعد الجيش الوطني الليبي من محيط طرابلس وأن قواته تبقى جاهزة للتحرك عند أي طارئ، محذّرة من أن الهدنة التي تدفع نحوها تركيا قد تكون فرصة لميليشياتها المتطرفة التي تقاتل إلى جانب حكومة الوفاق لاستقدام المزيد من السلاح والخبراء الأتراك.
وصف عضو مجلس النواب علي التكبالي في تصريح الاثنين لموقع 'ارم نيوز' الإخباري الإماراتي اتفاقية الهدنة في موسكو بأنها اتفاق للحصول على مكاسب آنية.
وأعلنت قيادة القوات الليبية المسلحة (الجيش الوطني) دعمها لمبادرة موسكو، إلا أن الحضور التركي في المشاورات ألقى بظلال ثقيلة على أي تفاهمات مستقبلية بين طرفي الأزمة في ليبيا.
وتأتي هذه التطورات بينما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي سبق أن كشف إرسال تركيا لمرتزقة من الميليشيات السورية الموالية لها لدعم ميليشيات الوفاق الوطني، أن عدد القتلى في صفوف أولائك المرتزقة ارتفع إلى 14 قتيلا منذ وصولهم إلى غرب ليبيا.
ويسعى الرئيس التركي على ما يبدو لكسب الوقت من خلال المشاورات التي انطلقت في موسكو بعد اتفاق مع روسيا، لإعادة ترتيب أوراق التدخل العسكري دعما لحكومة الوفاق الوطني التي يقودها فايز السراج.
إلا أن موقف المشير خليفة حفتر أسقط كل رهانات أردوغان من دون أن يعطي فرصة للحكومة التركية للمناورة مجددا بلعب ورقة التفاوض والإيحاء بأنها وسيط بمكن الوثوق به لتسوية الأزمة الليبية.
وقد أبقى حفتر بالفعل الباب مواربا للمضي قدما في جهود التهدئة إلا أنه لايزال يدرس اتفاق وقف إطلاق النار، وفق ما أكدت روسيا.
وأبقت قيادة الجيش الوطني الليبي قواتها في محيط طرابلس بعد أن علقت عملياتها العسكرية دعما لجهود تسوية الأزمة التي تقودها روسيا، لكن الحضور التركي في مشاورات موسكو سمّم الأجواء، حيث أن تركيا ليست طرفا محايدا في الأزمة وتدفع لتحصين الميليشيات المسلحة المتشددة في غرب طرابلس ومنحها متسعا من الوقت لإعادة ترتيب صفوفها بعد أن خسرت الكثير من مناطق سيطرتها أمام تقدم قوات الجيش الوطني الليبي.
وتشترط القيادة العامة للقوات الليبية العربية المسلحة (الجيش الوطني الليبي) تفكيك الميليشيات المتطرفة الداعمة لحكومة الوفاق. وتقول مصادر محلية من غرب وشرق ليبيا إن حكومة السراج ارتهنت البلاد للجماعات المتطرفة ولتركيا المدفوعة بأطماع استعمارية.
ويمكن للجيش الوطني الليبي استئناف عملياته العسكرية باتجاه قلب العاصمة طرابلس في أي وقت وقد أبقى قواته على أهبة الاستعداد للتحرك في حال فشلت جهود التهدئة وفق للشروط التي يطرحها ومنها تفكيك ميليشيات الوفاق.
وبالتوازي مع مسار مشاورات موسكو تسعى ألمانيا إلى جمع الدول المعنية بالشأن الليبي في مؤتمر بالعاصمة برلين في 19 يناير في محاولة للتوصل إلى حل سياسي للنزاع.
ووجهت برلين دعوات إلى 11 دولة للمشاركة في المؤتمر وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات والجزائر.
واللافت أن تونس التي تربطها علاقات جوار بليبيا وحدود ممتدة والأكثر تأثر بما يحدث في جارتها لم تدع حتى الآن إلى مؤتمر برلين.
وتستضيف تونس مقر البعثة الأممية الخاصة بليبيا واحتضنت في السنوات السابقة العديد من المؤتمرات حول الأزمة الليبية.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت المستشارة الألمانية ستوجه دعوة للجانب التونسي للمشاركة أم لا، لكن ايطاليا شدّدت الاثنين على ضرورة مشاركة تونس كونها من دول الجوار المعنية أكثر من غيرها بتطورات الوضع في ليبيا.