أردوغان يتصالح مع الاسد والمعارضة التركية تتهمه بوكيل إراقة دماء المسلمين

السبت 18/يناير/2020 - 11:00 ص
طباعة  أردوغان يتصالح مع علي رجب
 

يوما بعد يوم تتأزم الأوضاع بالنسبة لتركيا، فيما يتعلق بالملف السوري، حتى وصل الأمر إلى استعداد رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان للجلوس مع الرئيس السوري بشار الأسد، والذي سبق أن وصفه بـ"الإرهابي". هذا الاستشراف ليس توقعًا أو تخمينًا، وإنما استنادًا إلى الخطوة الرسمية الأولى التي شهدتها العاصمة الروسية موسكو خلال الأسبوع الماضي.


بالتزامن مع اتجاه الأنظار نحو موسكو التي شهدت اجتماعات ومفاوضات من أجل إعلان الهدنة ووقف إطلاق النار بين قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، كان هناك لقاء آخر في اليوم نفسه، بين رئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان، الذي يعتبر الصندوق الأسود لأردوغان، ورئيس جهاز الأمن الوطني السوري علي مملوك، الذي يعتبر الذراع الأيمن للرئيس السوري بشار الأسد. هذا اللقاء هو أول لقاء رسمي رفيع المستوى بين البلدين، يتم الإعلان عنه أمام الرأي العام العالمي، منذ اندلاع الأزمة السورية.


حسب مصادر تركية في حديثها لوكالة رويتز، فإن اللقاء تناول عددا من الموضوعات، من بينها وقف إطلاق النار في إدلب، والتعاون المشترك لمواجهة تنظيم وحدات حماية الشعب الكردي(YPG) . أما المسؤولون الأتراك الذين قدموا معلومات حول الاجتماع للميليشيات والتنظيمات المسلحة التي تقاتل في وجه الجيش السوري النظامي في إدلب، فقد أوضحوا أن الاجتماع تناول "سبل تعزيز السلام، وليس العلاقات مع دمشق". بل وأكدوا أنه لم يتم بحث أي موضوعات أخرى مثل تسهيل تقدّم قوات النظام السوري إلى إدلب، وأن الحرب لن تنتهي أبدًا في حال تحولها إلى حرب عصابات.


بعد عام واحد من دخول موسكو على خط الأحداث في سوريا، خلال عام 2015، بدأت الرياح تهب على عكس ما تهوى السفينة التركية، واضطرت أنقرة لإقناع المسلحين والمقاتلين للتنازل باستمرار. تراجعت تركيا وخسرت كلا من حلب وحماة واللاذقية، بالإضافة إلى أجزاء مهمة من إدلب، في المقابل احتلت أجزاء من الأراضي السورية، من خلال عمليات عسكرية، مثل درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام. ولكن تركيا بدأت بالتزامن مع تقدم الجيش السوري نحو الشريط الحدودي تجري لقاءات سرية مع الجيش السوري والقوات الروسية، حتى لا تفقد ما سيطرت عليه من الأراضي في شمال سوريا.


الرئيس السوري بشار الأسد أيضًا أوضح في تصريحات سابقة، أن مثل هذه اللقاءات والاجتماعات عقدت بين البلدين قبل ذلك مرتين أو ثلاثة مرات في سوريا، بينما عقد لقاء غير رسمي واحد أو أكثر أيضًا داخل سوريا. أما تركيا فتتجنب التأكيد على صحة هذه الادعاءات.


أما بالنسبة للقاء الأخير، الذي أجري بوساطة روسية في 13 يناير الجاري في موسكو، وأقر به الطرفان، فيكشف أن هذه اللقاءات باتت تتم بشكل علني وصريح؛ وبهذا يكون أردوغان قد تراجع عن تصريحاته السابقة، التي قال فيها: "لن ألتقي بالأسد".


آخر تصريحات أردوغان في هذا الصدد كانت ردًا على دعوة زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كيليجدار أوغلو، للقاء الأسد، فقال أردوغان خلال اجتماع عُمَد القرى في دورته 45 بتاريخ 8 فبراير 2018: "ما الذي سنبحث مع قاتل نحو مليون إنسان".


وسبق أن قال أردوغان خلال زيارته للعاصمة التونسية في 27 ديسمبر 2017: "قطعًا لا يمكن السير مع الأسد فيما يحدث في سوريا. لماذا؟ كيف يمكن ذلك مع رئيس سوريا الذي قتل ما يقرب من مليون من مواطنيه؟ كيف سنحتضن مستقبلنا معا؟ هل يريد الشعب السوري أن يرى شخصا كهذا على رأس السلطة؟ أقولها صراحة وبوضوح إن الأسد هو إرهابي يمارس إرهاب الدولة".


لم تكن تلك هي التصريحات الأولى لأردوغان التي أكد فيها رفضه التفاوض مع الأسد أو لقائه، وإنما قال أيضًا في تصريحاته بتاريخ 26 نوفمبر 2015: "نحن نعلم جيدًا أن الضرر الأكبر الذي يسببه داعش يلحق بالإسلام والمسلمين؛ ولكن يجب النظر إلى الأمر على أنه لا فرق بين إرهاب تنظيم وإرهاب دولة. الأسد هو شخص يمارس إرهاب الدولة في بلده".


الرئيس السوري بشار الأسد لم يقف مكتوف الأيدي أمام تصريحات وهجوم أردوغان عليه، وإنما وجه انتقادات حادة له، في العديد من تصريحاته، فقال في أحد التصريحات بتاريخ 11 ديسمبر2019، ردًا على سؤال حول احتمالات لقائه بأردوغان: "لن أشعر بالفخر، إذا اضطررت في يوم من الأيام لفعل ذلك".


وخلال زيارته لإدلب في 22 أكتوبر الماضي، قال أيضًا: "إن أردوغان لص، ويقوم الآن بسرقة أراضينا".


كما اتهم أردوغان في تصريحات له في 18 فبراير 2019، بأنه جندي مأجور صغير تابع للأمريكان، على حد قوله.


ولكن مع ربط خيوط الأحداث معًا، يرى الخبراء والمتخصصون أن أردوغان سيجلس للتفاوض مع الأسد، من أجل ضمان عدم إخراجه من الأراضي السورية التي يسيطر عليها، وحتى يتمكن من الحيلولة دون أن تحقق قوات الجيش السوري المزيد من التقدم، وذلك في ظل عدم تمكنه من تحقيق أي تقدم مما يريده في ليبيا، وكذلك في حالة سقوط إدلب خلال فترة قصيرة. أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي تحول إلى مركز الآمر الناهي بالنسبة لبشار الأسد وأردوغان فيما يتعلق بسوريا، فيتحين الفرصة المناسبة لإجراء هذا اللقاء.


وكان ألكسندر لافرنتييف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، قد قال بالتزامن مع عملية "نبع السلام" التي نفذتها القوات المسلحة التركية على شمال شرق سوريا في أكتوبر الماضي: "هناك اتصالات بين تركيا وروسيا بوساطة روسية".


المعارضة التركية اعتبرت اردوغام متاجرا بدماء المسلمين وقاتل لهم، وهو التصور الصادم لانصار أردوغان والتنظيم الدولي للاخوان الذي يصور الرئيس التركي بالمدافع الاول عن المسلمين.


وقد قال زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو، إن الغرب كما أستخدم تركيا أردوغان في أشعال النار في سوريا، الأن يستخدمون أردوغان لأشعال النار في ليبيا، وأضاف أن دماء المسلمين تسأل في الشرق الأوسط، ومن يعطيهم السلاح هم روسيا وأمريكا، والأن أصبحنا (تركيا أردوغان) وكلاء في اراقة دماء المسلمين بالمنطقة.


وتساءل كمال كليجدار أوغلو: "من يحدد سياستنا؟ وزارة الخارجية: لا.. الرئاسة؟ كلا.. (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين هو من يحدد سياستنا إن كان في ليبيا أو في سوريا".

شارك