بمنطق "التآمر".. حركة "النهضة" تعرقل مسار الانتقال الديمقراطي في تونس

الأحد 09/فبراير/2020 - 12:41 م
طباعة بمنطق التآمر.. حركة فاطمة عبدالغني
 
خمسة أحزاب أخذت من وقت رئيس الوزراء التونسي المكلّف إلياس الفخفاخ أربع ساعات متتالية لمناقشة التعديلات المقترحة بشأن اتفاق تشكيل الحكومة وأسماء الوزارات المقترحة من قبل تلك الأحزاب، وتأتي الجولة الجديدة من المفاوضات وسط جو سياسي مشحون بين بعض الكتل.
فبعد أن رضخ الفخفاخ لضغوطات حركة النهضة – ذراع الإخوان في تونس- بإشراك حزب "قلب تونس" في المفاوضات، نفى الحزب أن يكون هدف اللقاءات هو الحصول على حقائب وزارية.
وأكد رئيس حزب قلب تونس، نبيل القروي، إثر لقائه بالفخفاخ، الجمعة 7 يناير، إن "حزبي لا يطالب بحقائب وزارية كما لا يشترط أن يكون في الحكم"، مبيناً أن "منح حزبي الثقة لحكومة الفخفاخ من عدمه، يعود إلى قرارات الهياكل اعتماداً على البرنامج المقترح للحكومة ومدى تطابقه مع رؤية الحزب القائمة على مقاومة الفقر"، وفق قوله.
كما حذر القروي من اتباع الفخفاخ نفس الأسلوب الذي اعتمده الحبيب الجملي، موضحاً أن "تشريك بعض الأحزاب التي لا وزن لها في البرلمان لن يؤدي إلى النجاح في تكوين الحكومة". 
أما التيار الديمقراطي فقد غادر أمينه العام محمد عبو الاجتماع مع الفخفاخ معبرًا عن نيته عدم المشاركة في الحكومة.
وأعلن محمد عبو، في تصريح له عقب لقاءه الفخفاخ الجمعة، أن حزبه لن يكون ضمن فريق رئيس الوزراء التونسي المكلف بتشكيل الحكومة، في ظل معادلة التوافق بين حزبي "قلب تونس " وحركة النهضة.

وبين في معرض تحليله بأن الحياة السياسية وصلت لحد قياسي من الفساد، داعيا إلى "ضرورة تطبيق القانون على كل الأحزاب التي تحوم حولها شبهات تمويل أجنبي".
وأوضح عبو، في تصريح إعلامي، أن الفخفاخ اقترح بعض الأسماء التي قد تكون ضمن الفريق الحكومي المرتقب، لكن التيار يرى أنها لا تحقق الأهداف المرجوة، وفق تقديره.
وفي تصريح إعلامي إثر لقائه الفخفاخ الجمعة قال النائب عن ائتلاف الكرامة، سيف الدين مخلوف، إن رئيس الحكومة المكلّف قد رفض مقترحاً من كتلته (19 نائباً) بمنح حقيبة الداخلية، معتبراً أن "نصيب الائتلاف من الحقائب الوزارية كان هامشياً".
في المقابل، صرح القيادي بحركة النهضة، عماد الحمامي، أن حزبه قدم للفخفاخ مقترحات لشخصيات وكفاءات حزبية من الصف الأول وكفاءات سياسية مستقلة لشغل مناصب وزارية بالحكومة، مؤكداً أن الحركة "مع تحييد وزرات السيادة"، مشدداً على أن "مسار تشكيل الحكومة في خطواته الأخيرة".
ورغم هذا يرى المراقبين أن حركة النهضة الإخوانية في تونس لا تتوقف عن بث سمومها في الساحة السياسية والتلون في المواقف، ما أدى لتراجع شعبيتها، خاصة مع ارتباطها بكل شبهات الإرهاب والتطرف. 
وأوضح المراقبون أن حركة النهضة، المنتمية فكرا وممارسة إلى نسيج التنظيم الدولي للإخوان، تحمل في منهجها منطق "التآمر"، وتضع كل العراقيل أمام إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.

وفي المقابل يبدو أن إلياس الفخفاخ لن يكون باللقمة الصائغة لحركة النهضة الإخوانية والتي تسيطر على غالبية البرلمان، فقد أكد الفخفاخ في مناسبات عدة أنه لن يستجيب لضغوط النهضة، لافتًا إلى أنه غير مدين لأي من الأحزاب.
 وبحسب تقرير لقناة "مباشر قطر"- لسان المعارضة القطرية- أفاد التقرير أن صلابة الفخفاخ أصابت حركة النهضة بالهزة القوية، حيث أكد خبراء أن الحركة باتت تشهد انقساما واضحا في آرائها إزاء حكومة رئيس الوزراء المكلف، لتنقسم الحركة الإخوانية إلى صقور يتقدمهم رئيس الحركة راشد الغنوشي الذي يهدد بمعارضة تمرير الحكومة الجديدة، وفريق آخر من الحمائم يدعون لتجنيب المصالح الشخصية والعبور بالبلاد من هذه الأزمة، بل ويطالب بعضهم بإقصاء الغنوشي عن الحياة السياسية.
ولفت التقرير إلى أن قيادات داخل الإخوان تتهم الغنوشي بالاستبداد بالرأي، وأن قراراته تجاه الحكومة هي قرارات تعبر فقط عن مصالح ضيقة وعائلية، فملفات الفساد المطروحة في السيرة السياسية لرئيس حركة النهضة أصبحت مصدر قلق من أصدقائه قبل خصومه.  
وأكد التقرير على أن هذا الانقسام داخل الحركة عمقته التوجهات الجديدة لحكومة إلياس الفخفاخ القريبة معنويا وأدبيا من رئيس تونس قيس سعيد، والرافضة لسطوة الإخوان ، وهو ما أثار حفيظة صقور الإخوان التي تريد أن تجعل من الفخفاخ مجرد منصب سياسي يدور في فلكها، وفق مراقبون تونسيون.
في المقابل لا تزال بعض الأطراف ممسكة بخيط أمل في المضي قدمًا نحو تشكيل حكومة، إذ ليس مطروح على حركة الشعب سوى تفاهمات بشأن التفاصيل
وبحسب تقارير إعلامية يواجه إلياس الفخفاخ طريقًا وعرة من المواقف السياسية المتقلبة والمناورات التي لا تتوقف، فكل الأطراف السياسية المحيطة به تسعى إلى فرض أجندتها بطريقة تعيد رسم المشهد كليًا، ما يزيد من صعوبة تحكمه بزمام الأمور.
ولم يبقى أمام إلياس الفخفاخ سوى أقل من أسبوعين لتشكيل حكومة طال انتظارها إلا أنه وفي كل مرة يقترب فيها من تحقيق توافق مستقر تظهر عراقيل جديدة تؤجل الحسم في حكومة الفرصة الأخيرة قبل الاضطرار إلى إعادة الانتخابات.  

شارك