بدء المرحلة الأولى من اتفاق "خفض العنف" وسط اشتباكات بين "طالبان" وقوات الأمن الأفغانية
الأحد 23/فبراير/2020 - 02:18 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
بحلول الساعات الأولى من يوم أمس السبت 22 فبراير دخلت المرحلة الأولى من الاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان حيز التنفيذ، وذلك قبل أسبوع من التوقيع رسمياً على اتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في 29 فبراير، تتبعه مفاوضات أفغانية – أفغانية.
ويأتي اتفاق الهدنه في إطار المساعي الرامية لوضع نهاية للحرب الدائرة من سنوات لهذا البلد الذي مزقته النزاعات المسلح. لكن الكثير من الشكوك تحوم حول مدى فعالية هذا الاتفاق، وسط مخاوف من أن أي انسحاب لواشنطن، قد يعيد أفغانستان لحكم طالبان.
وبحسب ما جاء في تقرير الأمم المتحدة أمس السبت قتل العام الماضي وحده نحو 3500 مدني وجرح 7 آلاف آخرون بسبب الحرب الدائرة بين الأطراف المتنازعة.
وقال الممثل الخاص لبعثة الأمم المتحدة تداميشي ياماموتو: "تأثر جميع المدنيين في أفغانستان شخصياً بطريقة أو أخرى من العنف الجاري".
وأضاف، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية: "من الضروري أن تستغل جميع الأطراف هذه الفرصة لإيقاف القتال، لأن السلام تأخر كثيراً. تجب حماية حياة الناس والانخراط في جهود السلام".
ويعقد الأفغان آمالهم بتطبيق الهدنة لمدة أسبوع تمهد لتوقيع الاتفاق رسمياً بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في نهاية الشهر الجاري تضع حداً لـ19 عاماً من الحرب.
وتهدف هذه الهدنة الجزئية أو "خفض العنف" إلى إثبات حسن نية المتمردين قبل أن يوقعوا اتفاقاً تاريخياً مع واشنطن حول انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية من البلاد مقابل ضمانات أمنية، تقدمها طالبان.
وتريد واشنطن تجنب أن تصبح أفغانستان من جديد ملاذاً للمتطرفين، ويفترض أن يفضي الاتفاق أيضاً إلى بدء مفاوضات أفغانية تهدف إلى تقرير مستقبل البلاد، بينما كانت حركة طالبان قد رفضت طوال 18 عاماً التفاوض مع السلطة الحاكمة معتبرة أنها "دمية" تحركها واشنطن.
الاتفاق بين الطرفين، يفترض أن يتم توقيعه بالأحرف الأولى السبت المقبل، شرط تراجع الهجمات على كل الأراضي الأفغانية، كما تشترط واشنطن مسبقاً.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: "ما إن يتم تطبيقه (خفض العنف) بنجاح، حتى يسير الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان قدماً".
ويشير بومبيو إلى الوعد الذي قطعه الرئيس دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية في 2016 بسحب الجيش من هذا البلد الذي لم يعد الوجود الأمريكي فيه يحظى بشعبية.
ومن جانبه، صرح وزير الدفاع الأمريكي مايك إسبر في تغريدة بأنه إذا لم تبرهن طالبان على "التزامها بخفض حقيقي للعنف"، فإن الولايات المتحدة "تبقى مستعدة للدفاع عن نفسها وعن شركائها الأفغان".
وأكد بومبيو في بيان: "نستعد للتوقيع في 29 فبراير"، بينما أفادت طالبان في بيان بأن الأطراف المتحاربة ستخلق "وضعاً أمنياً مناسباً"، مؤكدة أن الجانبين اتفقا بعد مفاوضات طويلة توقيع الاتفاق الذي أنجز بحضور مراقبين دوليين.
من ناحية أخرى، قال الرئيس أشرف غني إن "خطواتنا المقبلة بشأن عملية السلام ستعتمد على تقييم أسبوع خفض العنف... قوات الأمن الأفغانية ستبقى في وضع دفاع نشط خلال هذا الأسبوع".
ورحبت موسكو على الفور "بالحدث المهم" للسلام، بينما عبر حلف شمال الأطلسي عن ارتياحه لاتفاق يمهد الطريق إلى سلام دائم، لكن يبدو أن هناك خلافاً، فقد كتب المتحدث السياسي باسم طالبان سهيل شاهين في تغريدة، أن "الاتفاق” سيعني رحيل "كل" القوات الأجنبية من أفغانستان.
وينتشر بين 12 و13 ألف عسكري أميركي في أفغانستان، حيث خاضت الولايات المتحدة أطول حرب في تاريخها، كما تنتشر قوات لدول أجنبية أخرى في هذا البلد.
وصرح أحد أعضاء طالبان في إقليم مايوند بولاية قندهار (جنوب) لوكالة الصحافة الفرنسية: "تلقينا أوامر من قادتنا تطلب منا الاستعداد لخفض أعمال العنف بدءاً من السبت".
لكن حافظ سعيد هدايت القيادي الآخر في الحركة في قندهار، أكد لوكالة الصحافة الفرنسية أن خفض المعارك لن يطبق سوى "في المدن والطرق الرئيسية"، موضحاً أن هذا يعني أن العنف قد يستمر في بعض الأقاليم الريفية.
وعلي صعيد متصل وقعت اشتباكات بين مسلحين من حركة طالبان وقوات الأمن الأفغانية في عدة مناطق من البلاد يوم السبت بعد إعلان ”خفض العنف“ لكن تلك الأحداث لم تثر قلق الجانبين.
ووفقا لما ذكره متحدث باسم الشرطة المحلية ورئيس المجلس البلدي فقد هاجم مسلحون من طالبان القوات الأفغانية في إقليم بلخ في الساعات الأولى من صباح يوم السبت.
وبحسب وكالة رويترز أكد المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد وقوع الهجوم في رسالة صوتية أرسلها لرويترز. وقال إن قافلة للقوات الأفغانية حاولت دخول منطقة تسيطر عليها الحركة.
كما أكد المتحدث باسم طالبان وقوع اشتباكات مماثلة في مناطق أخرى من البلاد، مضيفا أن تفاهم خفض العنف يتعلق بأفعال معينة ويشمل مناطق محددة، وقال مجاهد إن كل أحداث يوم السبت لا تعتبر انتهاكا لهذا التفاهم مشددا على أنه "ليس وقفا لإطلاق النار".
ولم ترد تفاصيل بعد عن وقوع قتلى أو مصابين في تلك الاشتباكات.
وفي تلك الأثناء حدد الجنرال سكوت ميلر، الذي يقود القوات الأمريكية ومهمة الدعم الحازم غير القتالية بقيادة حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، للصحفيين صباح أمس السبت ما قد يشكل انتهاكا لاتفاق خفض العنف.
وقال ميلر وبجواره كل من وزيري الدفاع والداخلية الأفغانيين "الأمر يتعلق بالتوجهات التي يمكن ملاحظتها والتي تظهر انخفاضا في العنف وأنا على ثقة أننا سنتمكن من استيعاب ذلك يوما بيوم وكلما مرت الأيام سيكون لدينا فهم أفضل لطبيعة تلك التوجهات"، بحسب رويترز
ويرى المراقبون أن أي هدنة ستكون محفوفة بالمخاطر، محذرين من أن جهود وقف إراقة الدماء في أفغانستان تشوبها تعقيدات ويمكن أن تفشل في أي وقت.
لكن الأسوأ هو أن تستغل الأطراف المتحاربة الهدنة لإعادة تنظيم صفوفها وتحسين موقعها في ساحة المعركة.
وقال المحلل البارز لدى "مجموعة الأزمات الدولية" أندرو واتكينز لفرانس برس إن خفض العنف "لا يزال الخطوة الأولى فقط".
وأضاف "ستكون هذه المحادثات طريقا صعبا، لكنها المسار الأفضل من أجل تسوية النزاع الأفغاني بشكل سلمي".
وكان تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة طرد حركة طالبان من السلطة بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وخاض المتمردون الذين كانوا يحكمون كابل منذ 1996 وحتى أكتوبر 2001، حملة متواصلة أودت بحياة أكثر من 2400 جندي أمريكي وعشرات الآلاف من أفراد قوات الأمن الأفغانية. وأنفقت واشنطن أكثر من ألف مليار دولار في هذه الحرب التي قُتل فيها أكثر من 10 آلاف مدني أفغاني منذ 2009، حسب أرقام الأمم المتحدة.