تعويضات ضحايا العمليات الإرهابية... هل تعيق رفع السودان من قائمة الإرهاب؟

الثلاثاء 25/فبراير/2020 - 12:50 م
طباعة تعويضات ضحايا العمليات روبير الفارس
 
ابدت المحكمة العليا الأميركية الاستعداد  للحكم على السودان بتعويضات تبلغ 4.3 مليار دولار لمقيمي دعوى يتهمون الخرطوم بالتواطؤ في هجومي تنظيم القاعدة على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، واللذين أسفرا في عام 1998 عن مقتل 224 شخصا.

واستمع ثمانية قضاة على مدى نحو ساعة للدفوع في دعوى أقامها مصابون وأقارب قتلى في الهجومين استئنافا لحكم محكمة أدنى درجة صدر عام 2017 وحال دون قيام المدعين بتحصيل التعويضات التأديبية التي صدر بها الحكم على السودان إلى جانب نحو ستة مليارات دولار أخرى تعويضا عن الأضرار.كما قالت وكالة رويترز

ووجه القضاة أغلب أسئلتهم إلى محام يمثل السودان. وأثار القضاة المحافظون والليبراليون على السواء شكوكا في دفع السودان بأنه لا يمكن الحكم عليه بتعويضات تأديبية.

ويحاول السودان الذي تمزقه صراعات مسلحة واضطرابات التخفيف من مسؤوليته عن الأضرار التي نجمت عن الهجومين.

وهناك 12 أميركيا بين قتلى هجومي السابع من أغسطس عام 1998 اللذين أسفرا أيضا عن إصابة آلاف.

وأقام دعوى الطعن 567 شخصا معظمهم من غير الأميركيين لكنهم كانوا موظفين أو أقارب موظفين لدى الحكومة الأميركية.

وعبرت دورين أوبورت (58 عاما) التي كانت تعمل موظفة هجرة في السفارة الأميركية بالعاصمة الكينية نيروبي وقت الهجوم هناك والتي أصيبت بحروق وجروح، عن شعور بالتفاؤل بعد استماع المحكمة للدفوع. وقالت "ننتظر العدالة".

وحثت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المحكمة على الوقوف إلى جانب المدعين، بعكس موقفها في قضية أخرى صدر فيها حكم في مارس 2019، حين منعت المحكمة الأميركية العليا البحارة الأميركيين الذين أصيبوا في تفجير المدمرة الأميركية يو أس أس كول على يد تنظيم القاعدة في عام 2000 من الحصول على 314.7 مليون دولار تعويضات من حكومة السودان لدورها المزعوم في الهجوم.

وبغالبية ثمانية قضاة مقابل واحد ألغت المحكمة قرارا لمحكمة أدنى درجة كان يتيح للبحارة الحصول على التعويضات من بنوك تضم أرصدة سودانية.

ورغم تبرئة السودان من تلك القضية، إلا أنه قرر الدخول في اتفاق مع أسر الضحايا في محاولة لاستيفاء الشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية لرفع اسمه من قائمة الإرهاب.

وأعلنت وزارة العدل السودانية، الشهر الجاري، عن اتفاق يقضي بدفع السودان تعويضات لمتضرري الهجوم على المدمرة الأميركية "يو أس أس كول".

وكانت الأشهر الماضية قد شهدت  مساعي سودانية عديدة لرفع اسم الدولة عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، ومن ضمن هذه المساعي زيارة رئيس الحكومة عبدالله حمدوك لواشنطن.

ظهرت أيضاً بعض البشائر من خلال اجتماع رئيس مجلس الدولة عبدالفتاح البرهان مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، كما أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تحدّث إلى البرهان ودعاه لزيارة واشنطن.

لكن مشهد المدّعين من ضحايا السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا وهم يقفون في الصف الطويل أمام المحكمة العليا الأميركية يكاد يقضي على هذه الآمال.

في الصف الطويل وقف أحد الذين أصيبوا إصابات طفيفة وكان يعمل في السفارة الأميركية في دار السلام، وقد وصف لـ”العربية.نت” كيف نجا وقال إنه عبر قبل لحظات مكان الانفجار، ثم وقعت المأساة وأصيب بجروح طفيفة ومات العشرات.

كان في الصف الطويل أيضاً أقرباء لضحايا وهم يطالبون بتعويضات، خصوصاً أن السودان متهم بأنه كان يقدّم الدعم لتنظيم القاعدة خلال التسعينات، وأن التنظيم نفّذ الهجمات على السفارتين في دار السلام ونيروبي بدعم من حكومة الخرطوم آنذاك.

وأقرّت المحاكم من قبل تعويضات للمتضررين تصل إلى أربعة مليارات وثلاثة مئة مليون دولار، لكن أحد محامي الضحايا وعائلاتهم أكد أن هذه الأموال هي فقط تعويض عن الضرر، وأن القضية أمام المحكمة العليا تطالب أيضاً برقم مماثل كعقوبة للسودان عن دعمه للإرهاب، وبذلك تصل التعويضات المطلوبة إلى ثمانية مليارات و600 مئة مليون دولار.

قضية قانونية
المحكمة العليا الأميركية تنظر إلى هذه القضية من وجهة نظر دستورية، والسؤال المطروح عليها ينحصر في أن المدّعين يطالبون بتعويضات بناء على قانون صادر في العام 2008 فيما الهجمات وقعت قبل ذلك بعشر سنوات ويجب أن تقرر المحكمة العليا هل من الممكن تطبيق القانون بمفعول رجعي، وهل أن الحكومات الأجنبية محمية من بنود القانون الصادر عام 2008 أم لا؟

كان من اللافت جداً أن المحكمة العليا طلبت رأي الحكومة الأميركية في تطبيق هذه القوانين، وقد أدلت إدارة ترمب برأيها القانوني في رسالة إلى المحكمة العليا، ويقول رأي محامي الدولة إنه من الممكن تطبيق القانون، أو أقله، هكذا ينظر المدّعون إلى الرأي القانوني للحكومة الأميركية.

تأخير لأشهر
مع انتهاء المرافعة أمام المحكمة العليا، ينتظر الأطراف جميعاً قرارها، وهو منتظر خلال فترة عمل المحكمة، وينتهي في أوائل الصيف، وهذا يعني تأخيراً لعدة أشهر، وبعده أشهر أكثر، لكي ينفّذ السودان قرار المحكمة ويدفع أقلّه 4.3 مليار دولار أو 8.6 مليار دولار.

واعتبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو منذ أيام أن مسألة رفع العقوبات تتعلّق ليس فقط بقضية الهجمات الإرهابية في دار السلام ونيروبي بل أيضاً بتعويضات مماثلة تتعلّق بالهجوم الإرهابي على السفينة الحربية يو اس اس كول في عدن.

التعويض أولوية أميركية
مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية قال لـ”العربية.نت”: “إننا منخرطون في حوار ناشط مع السودان لتطوير علاقتنا الثنائية بما في ذلك السياسة، والمتطلبات للنظر في إمكانية إلغاء التصنيف في خانة الدول الداعمة للإرهاب”. وأضاف أن “إلغاء التصنيف مسألة متعددة الخطوات وتتعلّق بتلبية السودان لمتطلبات الحالة ومقاييس السياسة”، وأشار إلى أن الكونغرس يقوم بدور في هذه الحالة.

وبذلك، سيتحتم على السودان - كما اكدت شبكة رصد السودان - الانتظار لوقت طويل لكي تلغي الحكومة الأميركية تصنيفه “دولة راعية للإرهاب”، فمن جهة تقول حكومة الرئيس الأميركي إن الولايات المتحدة رفعت الحظر المالي والتحويلات منذ العام 2017 وإن ما تبقى كعقوبات مالية يستهدف سبعة أشخاص لهم علاقة بالنزاع في دارفور، لكن المسؤول في وزارة الخارجية أضاف “أن التعويض لضحايا الإرهاب يبقى أولوية لدى الحكومة الأميركية”.

شارك