الحكومة التونسية الجديدة... ولادة عسيرة وآفاق ضبابية

الجمعة 28/فبراير/2020 - 01:36 م
طباعة الحكومة التونسية فاطمة عبدالغني
 
بعد 14 ساعة من النقاش وبعد مخاض عسير خرجت حكومة إلياس الفخفاخ للنور، حيث منح مجلس نواب الشعب التونسي أمس الخميس 27 فبراير الثقة لحكومة الفخفاخ بأغلبية 129 صوتا مقابل رفض 77 وامتناع نائب واحد. وبعد ذلك أدى رئيس الحكومة و32 وزيرا، بينهم أربع وزيرات وكاتبتا دولة، اليمين أمام رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال موكب رسمي في القصر الرئاسي بقرطاج.

وتضم حكومة الفخفاخ 15 عضوا منتمين لأحزاب سياسية يسارية وليبرالية وإسلامية، و17 مستقلا، بينهم أصحاب حقائب السيادة (الدفاع والداخلية والعدل والمالية).

وحصل حزب النهضة، الحزب الأول في البرلمان على ست حقائب، لكنه لم يمنح الوزارات التي كان يريدها. كما تشارك في الحكومة أحزاب أخرى، منها التيار الديمقراطي (ثلاث وزارات)، وحركة الشعب (وزارتان) وتحيا تونس (وزارتان).

في المقابل، لم يشارك حزب قلب تونس في الحكومة لعدم دعوته للمشاركة فيها، وهو حالياً قوة المعارضة البرلمانية الرئيسية.

ويتنظر التونسيون البدء في تنفيذ وعود رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ الذي سيواجه تحديات اقتصادية واجتماعية كبرى في ظل نقابات قوية ومجتمع مدني غاضب.

وبحسب المراقبون مرت حكومة الفخفاخ من اختبار منح ثقة في البرلمان مرورًا جاء بعد مفاوضات عسيرة تعرض فيها الفخفاخ إلى مساومات من حركة النهضة حبست أنفاس التونسيين لآخر اللحظات وما تبقى الآن هو البدء في الانجاز تحت رقابة معارضة واسعة وقوية.

وفي هذا السياق قال المحلل سليم الكراي لوكالة الصحافة الفرنسية إن "السؤال المطروح الآن هو بشأن هامش المناورة المتاح لهذه الحكومة، ما سيمكن من قياس نجاعتها".

من ناحية أخرى كتبت صحيفة "لوتن" الناطقة بالفرنسية: "للصبر حدود.. والجميع يترصد هذه الحكومة الجديدة عند المنعطف، وسط تململ ينذر بالتفاقم".

ويقول الكاتب السياسي التونسي محمد بوعود في تصريح له، إن حكومة الفخفاخ ورغم حصولها على الثقة فإن نسيجها الداخلي هو نسيج "هش" وحزامها الخارجي "ملغوم".
وأكد أن الائتلاف الحزبي المكون لها مختلف جوهريا على مستوى الرؤية الاقتصادية، خصوصا فيما يتعلق بهوية الاقتصاد وملف خصخصة المؤسسات.

وقال الرئيس التونسي قيس سعيد في موكب أداء اليمين: "ليس هناك من شك على الإطلاق بأن أهم تحدي هو الوضع الاقتصادي والاجتماعي، فالفقر والبؤس وانسداد الآفاق أمام الجزء الأكبر، هي المعركة التي يجب أن نخوضها معا بعزم لا يلين، وإرادة واضحة وصادقة". مشددا على أهمية محاربة الفقر والفساد المستشري في أغلب المؤسسات والقطاعات.
وتابع سعيد: "ليس هناك من شك من أن أهم قضية يجب معالجتها هي قضية الفساد، ووضع حد لهذه الظاهرة، التي استشرت في كل مكان. ستكون المعركة طويلة ومضنية وشاقة". 

وبخصوص التحديات الكبيرة التي تنتظر الحكومة الجديدة، أوضح عدد من المراقبين وأعضاء الحكومة الجديدة وأنصارها، أن التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة ستكون بالأساس اقتصادية ومالية واجتماعية، واعتبروا أن من بين نقاط قوة رئيس الحكومة أنه يمتلك مع عدد من وزرائه شبكة علاقات مالية دولية تؤهلهم لتوفير ما تحتاجه البلاد من استثمارات وودائع وقروض على المدى القصير والمتوسط، تمهيدا لتحسين مناخ الاستثمار، وفرص خلق الثروة، وتحسين القدرة الشرائية للطبقات الشعبية والوسطى.

في نفس السياق، اعتبر وزير الطاقة الجديد المنجي مرزوق، وهو خبير دولي في الاقتصاد الرقمي، أن من بين نقاط قوة الفريق الحكومي الجديد أنه يضم عددا من الخبراء العالميين في مجالات اقتصاد المعرفة، وإدخال الإصلاحات الرقمية في الإدارة ومؤسسات المالية والجباية والطاقة والاتصالات.
لكن يبقى السؤال الذي يؤرق الجميع بعد تشكيل هذه الحكومة هو معرفة مدى قدرتها على الصمود طويلا بسبب اختلاف ولاءات أعضائها. 

شارك