واشنطن وطالبان يوقعان اتفاقًا تاريخيًا يمهد لإنهاء 18 عاماً من الحرب الأفغانية

الأحد 01/مارس/2020 - 12:40 م
طباعة واشنطن وطالبان يوقعان فاطمة عبدالغني
 
في إطار المساعي الرامية لوضع نهاية للحرب الدائرة منذ سنوات لهذا البلد الذي مزقته النزاعات المسلح. وقعت الولايات المتحدة، أمس السبت 29 فبراير، اتفاقاً تاريخياً مع حركة طالبان، لسحب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهراً، في خطوة نحو إنهاء أطول الحروب الأمريكية المستمرة منذ 18 عاماً، وتبدأ بعدها الحركة مفاوضات مباشرة مع كابول، ويعلق مواطنوها آمالاً واسعة على الاتفاق لإنهاء سنوات طويلة من سفك الدماء.
لكن بحسب المسؤولين، فإنّ التحدي الرئيسي يكمن في صعوبة تشكيل وفد موحد يجمع الحكومة الأفغانية والمعارضة والمجتمع المدني في ظل الخلافات القائمة حول نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
 وتمت مراسم توقيع الاتفاق، بحضور شخصيات من عدة دول، وذلك عقب تهدئة لمدة سبعة أيام أعلنتها واشنطن وطالبان، وانتهت أول من أمس الجمعة، أي قبل يوم من التوقيع الرسمي على الهدنة الدائمة أمس السبت.
ووقع الاتفاق في الدوحة المبعوث الأمريكي الخاص بأفغانستان زلماي خليل زاد، والمسؤول السياسي لطالبان الملا عبد الغني بارادار. وحضر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، مراسم التوقيع. 
وفي تلك الأثناء، وصل وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، إلى كابل، في زيارة قال مسؤولون وخبراء إنها تهدف إلى طمأنة الحكومة الأفغانية على التزام الولايات المتحدة تجاه أفغانستان.
الاتفاق الموقّع ليس اتفاق سلام كونه لا يشمل السلطات الأفغانية الرسمية، لكنه يمهّد الطريق لسحب كامل الجنود الأمريكيين.
وبحسب الاتفاق ستبدأ القوات الأمريكية فوراً الانسحاب التدريجي، على أن ينخفض عديد الجنود من 13 ألفاً إلى 8600 خلال 135 يوماً. وستقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بسحب جميع قواتها من أفغانستان خلال 14 شهراً وفي حال التزمت جميع الأطراف ببنود الاتفاق. 
وستمتنع الولايات المتحدة مستقبلا كذلك عن استخدام القوة ضد أفغانستان أو التهديد بذلك أو التدخل في شؤونها الداخلية.
وينص الاتفاق كذلك على بدء المحادثات بين طالبان وجميع الأطراف الأفغانية اعتبارًا من العاشر من مارس، وبموجب الاتفاق سيناقش المشاركون في المحادثات موعد ووسائل تطبيق وقف دائم وشامل لإطلاق النار.
واتفقت الولايات المتحدة مع طالبان على تبادل آلاف السجناء في "إجراء بناء الثقة" يتوقع أن يتزامن مع بدء المحادثات بين طالبان والجانب الأفغاني.
ويحض الاتفاق طالبان على منع جماعات من بينها تنظيم "القاعدة" من استخدام أفغانستان منصة لتهديد أمن الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها. وينص أن على طالبان منع هذه المجموعات من "التجنيد والتدريب وجمع الأموال" وأن عليها عدم استضافتها في أفغانستان، ويمنع على طالبان كذلك من تقديم وثائق سفر أو أخرى قانونية لهذه المجموعات.
ومن جانبه، حض وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، حركة طالبان على الالتزام بوعودها بقطع العلاقات مع تنظيم القاعدة، ومواصلة محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
واعتبر بومبيو خلال تصريحات صحفية على هامش توقيع الاتفاق أنه "أفضل فرصة للسلام في جيل كامل".
وقال بومبيو: "التزموا بوعودكم حيال قطع العلاقات مع القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وواصلوا محاربة تنظيم داعش حتى الانتصار عليه"، مشيرا إلى أن واشنطن قضت على تنظيم القاعدة في أفغانستان.
فيما أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت، بالاتفاق، مشيرا إلى أنه سيجتمع بشكل شخصي مع قادة الحركة في المستقبل القريب.
وقال ترامب، خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، أمس السبت، إنه: "على دول الجوار لأفغانستان المساعدة في الحفاظ على الاستقرار، هناك عقب الاتفاق الذي قد يمهد الطريق لانسحاب القوات الأمريكية والأجنبية بشكل كامل، وخطوة لإنهاء الحرب الدائرة هناك منذ 18 عاما".
من جهته، قال الرئيس الأفغاني، أشرف غني بمؤتمر صحفي في كابول: "نأمل أن يؤدي السلام بين أمريكا وطالبان إلى وقف دائم لإطلاق النار. تتطلع البلاد إلى وقف كامل لإطلاق النار". 
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش بالاتفاق، واعتبره تطوراً مهماً في سبيل التوصل إلى تسوية سياسية في أفغانستان، مؤكداً ضرورة الحد من العنف في البلاد. وطالب الاتحاد الأوروبي بعدم تفويت الفرصة الحالية للمضي نحو السلام الشامل.
 وقبل ساعات من توقيع الاتفاق، أمرت طالبان، جميع مقاتليها، "بالامتناع عن شن أي هجوم... من أجل سعادة الأمة". وقال ذبيح الله مجاهد، وهو متحدث باسم الحركة، "نأمل أن تظل الولايات المتحدة ملتزمة بوعودها خلال التفاوض واتفاق السلام، وهذا هو المهم". وأضاف أن استمرار تحليق الطائرات العسكرية الأجنبية فوق الأراضي الخاضعة لسيطرة طالبان، أمر‭‭ ‬‬مثير‭ ‬للقلق واستفزازي".
ومن جهته، رحب حلف شمال الاطلسي(ناتو) بالتقدم الذي تم احرازه صوب تحقيق السلام في أفغانستان وأعلن أن الاتفاق سيؤدي إلى تقليص الوجود العسكري للحلف منذ أمد طويل في البلاد.
وقالت الدول الأعضاء في الحلف في بيان "التقدم الذي تم احرازه مؤخرا بشأن تحقيق السلام يمهد الطريق لتقليص العنف ولإجراء مفاوضات بين الأطراف الأفغانية.. للتوصل إلى اتفاق سلام شامل."
وأضاف البيان: "ندعو طالبان لاغتنام هذه الفرصة للسلام."
وتابع "في هذا السياق، سيقوم التحالف وشركاؤه في مهمة الدعم الحازم بتنفيذ التعديلات القائمة على شروط ، بما في ذلك خفض مستوى وجودنا العسكري".
وذكر البيان: "حلفاء الناتو يتوقعون الآن بدء محادثات داخل أفغانستان تفضي إلى اتفاق سلام دائم يضع حدا للعنف، ويحمي حقوق الإنسان، ويدعم سيادة القانون ويضمن ألا تكون أفغانستان مجددا ملاذا آمنا للإرهابيين".
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج للصحفيين في كابول: "ذهبنا معاً في 2001 وسنعدل (مستويات القوات) معاً وسنرحل معاً عندما يحين الوقت، لكننا لن نرحل إلا عندما تكون الظروف مواتية".

شارك