صفعة علي وجه الإخوان.. "إيريني" تحطم آمال الميليشيات في ليبيا

الجمعة 03/أبريل/2020 - 01:16 ص
طباعة صفعة علي وجه الإخوان.. أميرة الشريف
 
 في ظل حالة التوتر التي يشهدها العالم حاليا، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد في أوروبا ودول العالم، ما زال الاهتمام الأوروبي بالأزمة الليبية علي رأس أولويتها، فبين ترحيب الجيش الوطني الليبي وغضب الإخوان وتحفظ حكومة فائز السراج في طرابلس، أطلق الاتحاد الأوروبي، بصورة رسمية، عملية إيريني ، وهي مهمة بحرية جديدة في البحر المتوسط تهدف إلى إنفاذ حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، وذلك بعد أن منعت إيطاليا عملية سابقة مدعية أن السفن الحربية نقلت مهاجرين إلى شواطئ أوروبا.
وشنت وسائل الإعلام الإخوانية هجوماً كاسحاً على إيريني باعتبار أنها تقطع طريق الإمداد على الميليشيات المسلحة.
وأثارت العملية حالة من الجدل بين الدول الأعضاء في الاتحاد، وتحفظات روسية على تلك العملية التي أتت كبديل لسابقتها صوفيا، فيما استقبلتها أطراف النزاع في الداخل الليبي بتباين في المواقف، ما بين تحفظ واستياء من جانب حكومة الوفاق المدعومة من تركيا، في مقابل ترحيب قوات الجيش التابعة للقيادة العامة بقيادة خليفة حفتر.
المهمة الأوروبية الجديدة، التي تحمل اسم إيريني، وتعني سلام باليونانية، كانت من بين تعهدات مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية في يناير الماضي، بإنشاء قوة بحرية لمراقبة حظر توريد السلاح لليبيا، لكن الخلافات بين الدول الأعضاء للاتحاد عرقلت التوصل إلى اتفاق لإنشاء البعثة بديلًا لعملية صوفيا، التي كان أنيط بها، من بين مهام أخرى، مراقبة تنفيذ القرار الأممي. لكنها توقفت قبل عام وسط انقسامات عميقة بين الدول الأعضاء بشأن عمليات إنقاذ المهاجرين.
وفي 26 مارس، سجلت المفاوضات الأوروبية انفراجة على هذا الصعيد، مع توصل سفراء دول الاتحاد الأوروبي إلى حل وسط لإطلاق عملية جديدة تتألف من عناصر جوية بحرية، للسيطرة على حظر الأسلحة، وعلى غرار سابقتها صوفيا سوف يكون مقر قيادة المهمة الجديدة في روما، وسيتولى قيادتها الأدميرال فابيو أجوستيني، وتمتد فترة التفويض الأولية للمهمة لسنة واحدة ، ولا يزال العمل جاريًا لتحديد مساهمات الدول وقواعد الاشتباك والنظام التشغيلي للعملية.
وحسب بيان الاتحاد الأوروبي، ستستعين العملية إيريني بالوسائل الجوية والأقمار الصناعية، إضافة إلى تفتيش السفن في أعالي البحار قبالة السواحل الليبية، وستتولى العملية الأوروبية مهاما إضافية مثل رصد وجمع المعلومات حول الصادرات غير الشرعية للنفط ومنتجاته المكررة من ليبيا، إضافة إلى تدريب خفر السواحل وحرس الحدود في ليبيا، وكذلك محاربة تهريب البشر.
لكنها لا تضطلع بأي مهمة بحث أو إنقاذ مهاجرين غير شرعيين في المتوسط، وفي حال إنزال أي شخص يجري إنزاله في الموانئ اليونانية، ومن هناك سيتم إرساله إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وفقًا لدبلوماسيي التكتل. وإذا أدت العملية في نهاية المطاف إلى تشجيع عبور المهاجرين، يمكن اتخاذ القرار بتعليق دورياتها البحرية.
ويقول رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيف بوريل، إن العملية تمتلك إمكانية بحرية وجوية، كما تتمتع بقدرات على استخدام معطيات الأقمار الصناعية لمراقبة حركة التهريب على طول الساحل الليبي، مضيفا أن المهمة الأوروبية الجديدة ليست حلًا سحريًّا للأزمة الليبية.
وأعربت بعض الدول الأوروبية عن مخاوفها من هذه العملية وعلى رأسها روسيا، التي استبقت الإعلان الأوروبي عن إطلاق إيريني بالمطالبة بتفويض جديد من الأمم المتحدة لتلك المهمة البحرية، إذ قال سفير روسيا لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيزهوف، لمحطة فيليت الألمانية: يجب أن تشارك جميع الأطراف في ذلك الحل، ولا يمكن أن يكون هناك حل بالقول إن ما يسمى بالحكومة المعترف بها دوليًّا جيدة والمعارضة سيئة. وليس حظر الأسلحة، فقط المفاوضات يمكن أن تحل الأزمة في ليبيا.
 في الوقت نفسه، لن يتعاون حلف شمال الأطلسي ناتو في هذه المهمة كما كان الحال مع عملية صوفيا التي أُطلقت العام 2015 بمهام مختلفة.
ويري مراقبون، أن هذه العملية على جميع الداعمين الدوليين والإقليميين للتسلح في ليبيا يبقى موضع شك ، وفي هذا السياق بدا الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل شديد التحفظ والحذر تجاه اتهام تركيا بالمسؤولية عن انتهاك القرار الأممي بحظر توريد السلاح لليبيا، مؤكدًا أن عديد الأطراف تفعل ذلك، ولا يمكن اتهام طرف بعينه.
ويتوقع الباحث في معهد الولايات المتحدة للسلام، التابع للكونغرس الأميركي، نايت ويلسون عدم تنفيذ التدابير بشكل شامل أو بطريقة محايدة بسبب تضارب المصالح بين مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وأضاف، خلال جلسة نقاشية من أجل وقف الأسلحة سيكون على الدول الأوروبية مواجهة الحلفاء، أو سيتعين عليهم المخاطرة بإغضاب تركيا، التي لها نفوذ على الأوروبيين بقدرتها على إدارة تدفقات المهاجرين شمالًا إلى الاتحاد الأوروبي.
وانتقد الباحث الأميركي اقتصار مهمة المراقبة النشطة للاتحاد الأوروبي، بفرض حظر الأسلحة قبالة السواحل، حيث شحنات الأسلحة استمرت عن طريق الجو والبحر في التدفق.
وتباينت مواقف أطراف الحرب في العاصمة طرابلس،  فكان التحفظ والاستياء هو رد فعل حكومة الوفاق، التي أجرى وزير خارجيتها محمد الطاهر سيالة، اتصالا هاتفيا مع سفير الاتحاد الأوروبي في ليبيا، وقال على نحو واضح إن تطبيق القرار بهذا الشكل يضعه موضع اتهام بأن المستهدف بالرقابة هي حكومة الوفاق في إغفال وتجاهل تام لأي رقابة على عملية تسليح قوات القيادة العامة.
كذلك أبدي خالد المشرى، رئيس مجلس الدولة الليبى والقيادى فى حزب العدالة والبناء الذراع السياسى لجماعة الإخوان الإرهابية، قلقه من العملية حيث قال إن "الاتحاد الأوروبى يصر على مراقبة البحر فقط ويغض طرفه عن تنفيذ أية إجراءات لمراقبة الحدود البرية الشرقية والجنوبية لليبيا والتى تدخل منها مختلف شحنات السلاح المختلفة والمقاتلون، وكذلك تجاهل عمليات الشحن الجوى للسلاح والمرتزقة عبر طائرات الشحن التى تهبط فى مطار بنينا وقاعدة الخادم بشكل مستمر أمام أنظار العالم، الأمر الذى يلقى بظلال الشك حول نوايا ههذ العملية ويفتح باب التساؤلات على مصراعيه حول الأهداف الحقيقية من ورائها"، حسب زعمه.
وندد رئيس حزب التنمية والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في ليبيا محمد صوان، بالعملية.
ودعا مجلس الدولة المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق للإضطلاع بدوره فى المطالبة بتفسير واضح لهذه العملية والإحتجاج لدى ما يمارسه الاتحاد الأوروبى.
في المقابل، كان الترحيب هو رد فعل قوات الجيش التابعة للقيادة العامة على لسان مدير إدارة التوجيه المعنوي، الذي اعتبرها مهمة للأمن القومي الليبي والدولي.
 وقال المحجوب الحظر يعتبر مسألة مهمة، لأنه يمس الأمن القومي ليس الليبي فقط، بل الدولي.
وفي وقت سابق، تشكلت مهمة بحرية للاتحاد الأوروبي، "العملية صوفيا"، بعد أن بدأ عشرات الآلاف من المهاجرين محاولة عبور البحر المتوسط في رحلات قد تكون محفوفة بالمخاطر عام 2015 بحثا عن حياة أفضل في أوروبا.

 

شارك