اقتصاد التنظيم الدولي وكورونا.. ما هو مصير أموال الإخوان في العالم؟
باتت الاقتصاديات العالم في حالة ارتباكوسط مخاوف من إفلاس العديد من الدول، في آثار مترتبة على انتشار فيروس كورنا المستجد، "كوفيد-19"، ولكن بات السؤوال الأهم الى أي مدى يمكن أن يؤثر فيروس كورونا على اقتصاد اتنظيم الدولي للإخوان في ظل اقتصاد الجماعة الضخم حول العالم واقدرتهم على تمرير اموال بطريقة غير مشروعة وأسلوبهم الخاص في "غسيل الاموال" ونقل رؤس الأموال من دول إلى دول عبر شركاتهم ومؤسساتهم الاقتصادية والمالية حول العالم.
اقتصاد بالمليارات
يمكن إلقاء نظرة على حجم الاقتصاد الاسلامي، والذي يجيد الإخوان التحركمن خلال بشكل كبير، تشير تقديرات إلى ان حجم الاقتصاد الاسلامي حول العالم وصلت إلى قرابة 1200 مليار دولار أمريكي عام 2011.
ويرى الخبير الاقتصادي المصري عبد الخالق فاروق، في كتابه "اقتصاديات الإخوان في مصر والعالم"؛ أنّ "موارد التنظيم تتحدد في ثمانية موارد؛ هي اشتراكات الأعضاء، والتبرّعات من الأفراد والمؤسسات، وأموال الزكاة، وأرباح المشروعات خارج مصر وداخلها، والتي أدارها يوسف ندا، إلى جانب عنصرين، هما: أموال الإغاثة الإسلامية الدولية، وأموال الجهاد".
وكشفت فاروق في كتابه حصيلة الأرباح السنوية لمشروعات وشركات التنظيم داخل مصر، وهو الرافد الثالث لمصادر ثروة الإخوان وتشمل مليار جنيه سنويا، وحصة التنظيم من أرباح مشروعاته خارج مصر تبلغ 5 مليارات جنيه، تليها أموال الإغاثة الإسلامية التي تمول برامج رعاية متعددة الأغراض وتتراوح ما بين 100 مليون و130 مليون جنيه إسترليني، ثم أموال ما يسمي "الجهاد وكان الحجم التقديري للأموال التي تمر عبر تنظيم الإخوان المسلمين خلال فترة الحرب الأفغانية يتراوح بين 50 مليون دولار و100 مليون دولار سنويا.
وتابع أن من نتائج هذا الحصر أن حصيلة الإيرادات المجمعة سنوياً لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر لا تقل عن 8,2 مليار جنيه.
وتقدر حجم الاستثمارات التي تتحرك فيها الجماعة من خلال أهم رجالها؛ أمثال يوسف ندا، وخيرت الشاطر، وحسن مالك، بنحو 100 مليار جنيه، حسب الكتاب، كما أن هذه هي الأرقام المعلنة، وهو ما يؤكد أن الأرقام الحقيقية ربما زادت على ذلك بكثير.
وكانت لجنة التحفظ والحصر والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين، أصدرت في 11 من سبتمبر 2018، قرارًا بالتحفظ على 1589 عنصرًا من العناصر المنتمية والداعمة لتنظيم الإخوان، وكذلك 118 شركة، و1133 جمعية أهلية و104 مدارس و69 مستشفى و33 موقعًا إلكترونيًا وقناة فضائية ينتمون للجماعة المحظورة، وتحويل هذه الممتلكات والأصول إلي الخزانة العامة للدولة، تقدر بـ300 مليار جنيه، 16.7 مليار دولار.
في تقريرٍ تم نشره على موقع "المركز الأوروبي للدراسات ومكافحة الإرهاب"، يقول الباحث حازم سعيد: "تمثل أوروبا الحاضنة والملاذ الآمن لجماعة الإخوان المسلمين، المحظورة، التي نجحت في تأسيس شبكة علاقات من جنسيات مختلفة، تداخلت فيها المصاهرات السياسية بالعلاقات الشخصية، وجمعتها الخطط والأهداف، وامتدت نشاطاتها في أوروبا عبر مؤسساتٍ ومراكز كثيرة".
وذكر الأستاذ الجامعي والباحث، سمير إمغار؛ في دراسته المعروفة، بعنوان "الإخوان المسلمون في أوروبا: دراسة تحليلية"، أنّ "الجماعة تمكنت من تأسيس 500 مؤسسة، في ثمانية وعشرين بلداً أوروبياً، وذلك بفضل اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا؛ حيث يعدّ فرعها الأصيل ألمانياً، وهو من تأسيس سعيد رمضان، العام 1957".
اهم الانشطة الاقتصادية للاخوان
ينشط الاخوان في كل اوجه الأنشطة الاقتصادية، من الاكل والشرب إلى النقل والسفر والسياحة، ويغلب عليها الانشطة الاستهلاكية.
فيتركز مجال الاستثمار الإخواني في السودان في الزراعة والصيد وصناعات الزجاج، وفي كينيا تركز في تجارة الأجهزة المنزلية والاتصالات وصناعة الأثاث، و أسسا حسن مالك وخيرت الشاطر شركة ضخمة في ميناء مومباسا في كينيا في تسعينيات القرن الماضي بمبلغ 800 مليون دولار لنقل الحاويات، وتوسعت الشركة وأصبح لها مقرات في عدد من الدول منها ماليزيا وبريطانيا وتركيا وجنوب إفريقيا حتى وصل رأس مالها عام 2014 نحو ١،٥ مليار دولار، وفقا لتقرير لقناة العربية.
وفي الصومال تركز نشاط الإخوان في الزراعة وإقامة مزارع الإنتاج الحيواني أما في جنوب إفريقيا فقد ركز الإخوان نشاطهم في التنقيب عن الذهب من خلال الشراكة مع شركة إنجليزية.
وفي امريكا اللاتينية تشنط شركات الاخوان في مجال صناعة السلع الغذائي وعلى رأسها تجارة "حلال" وتصدير اللحوم ومنتجاتها الى الدول العربية والاسلامية.
وفي دول المغرب العربي يتركز نشاط الإخوان في الصيد وتعليب الأسماك والعقارات.
وكشف أحمد عطا الباحث في منتدى الشرق الأوسط للدراسات عن أن التنظيم الدولي قرر بعد ثورات الربيع العربي الدفع باستثمارات في بعض دول شمال إفريقيا خاصة ليبيا وتونس، وكان الدافع وراء ذلك هو سيطرة الأجنحة السياسية للتنظيم في تلك الدولتين، مضيفا أن إخوان ليبيا بقيادة خالد البشري فتحوا الطريق لمحفظة استثمارية إخوانية ضخمة بلغت ٤ مليارات دولار، وتركزت في التصنيع وشركات الصرافة وتحويل الأموال والتجارة أما في تونس فتركز نشاط الإخوان في الصيد وتعليب الأسماك والعقارات.
وفي شمال شرق اسيا ينشط الاخوان في صناعة الالكترونيات واستيراد وتصدير الاجهة الألكترونية، بالاضافة الى صناعة الملابس، وصناعة الصيد وتعليب الأسماك.
شركات "أوف شور"
وتعتمد جماعة الاخوان في ادارة اقتصادها الضخم على نوذج شركات "أوف شور"، حيث بدأت جماعة الإخوان في ستينيات القرن الماضي، الاعتماد على شركات الأوف شور التي تشتهر بكونها غير خاضعة للرقابة والمساءلة القانونية.
وأسس يوسف ندا (أحد قادة التنظيم الدولي للإخوان؛ وأحد المسؤولين عن إدارة الملف الاقتصادي للجماعة) أولى شركات الجماعة بنظام الأوف شور؛ في جزر البهاما.
وتسمح دول وجزر عدة بتكوين شركات الأوف شور، وتمنحها مميزات أكثر في السرية، وتسمح لها بتجاوزات أكبر في اللعب بالأموال، مثل :قبرص، وكوستاريكا، وبنما، وسنغافورة، والبهاما، وبرمودا، وفيرجن".
ولا يتطلب تأسيس شركة "أوف شور" وجود مقر، وعادة ما ترتبط تلك البنوك بالاقتصاد السري، والتهرب من الضرائب، واختفاء مصادر أموال عملائها، واعتمدت جماعة الإخوان في بناء هيكلها الاقتصادي بشكل كبير، على بنوك الـ"أوف شور" في جزر البهاما.
ويرى مراقبون أن اقتصاد الاخوان ما بعد كورونا قيد تجه الى إمرين، الأول خسارة غالبية رأسما الإخوان في ظل خسائر الدولة الكبيرة، وانجاه الحكومات في مختلف دول العالم الى مصادرة الاموال.
السيناريو الثاني هو تخضم شركات الإموال وتحقيق مكاسب كثير، خاصة في ظل نشاط الاخوان في اقتصاد المواد الغذائية والتي قد تنشك تجارتها خلال المرحلة الالية وفترة ما بعد كورونا، إلا أن هذا السيناريو قد لا يتحقق في حالة دخول الحكومات على خط توفير السلع الغذائية لموطنيها بشكل مباشر دون الاعتماد على الشركات والمؤسسات الخاصة.