الخزانة التركية خاوية.. وأردوغان يجبر الشرطة على التبرع لمكافحة تفشي فيروس كورونا

الثلاثاء 07/أبريل/2020 - 01:14 ص
طباعة الخزانة التركية خاوية.. فاطمة عبدالغني
 
في أعقاب التسارع غير المسبوق بعدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد ارتفع عدد الإصابات بتركيا إلى 30217 حالة إصابة، فيما زاد عدد ضحايا الفيروس إلى 649 حالة بعد وفاة 75 مواطنًا تركيًا.
وفي محاولة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمساعدة المتضررين من التدابير الوقائية التي تتخذها بلاده لمواجهة تفشي فيروس كورونا، أعلن إطلاق حملة تضامن وطنية.
وقال أردوغان في كلمة له عقب اجتماع مع الحكومة، إنّ الحملة التي أُطلق عليها "نحن نكفي لأنفسنا" هدفها تقديم دعم إضافي إلى مواطني تركيا ذوي الدخل المحدود المتضررين جراء تدابير مكافحة كورونا. وحث أردوغان أعضاء الحكومة والنواب والمسؤولين ورجال الأعمال على المشاركة في الحملة.
وتلبية لحملة التبرعات التي دعا إليها أردوغان، أرسلت السلطات التركية عريضة لمديريات الأمن لتحديد المبلغ الذي يتبرع به كل شخص. 
وفي الوثيقة التي وزعت على مديريات الأمن، طُلب من كل فرد الالتزام بالمبلغ المحدد، وذلك تلبية لحملة "التضامن الوطنية"، وذلك لتقديم تبرعات للمواطنين بعد سحبها من خزانة الدولة.
وأوضحت الوثيقة التي نشرها الصحفي إسماعيل صايماز مبلغ المساعدات المحدد لكل شخص في المديريات، حيث جاء فيها: "بعد حملة التضامن الوطنية التي دعا إليها الرئيس أردوغان تم تحديد مبلغ المساعدات في مديريات الأمن على أن يدفع مديرو الأمن من الدرجة الأولى 500 ليرة ومديرو الأمن من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة 250 ليرة؛ ويدفع رئيس المفتشين والمفتشون ونواب المفتش 150 ليرة، ويدفع الضباط 100 ليرة.
من ناحية أخرى أكد المذيع التركي بقناة فوكس نيوز فاتح برتقال على أن السلطات استقطعت تبرعات إلزامية من رواتب أفراد الشرطة لمكافحة فيروس كورونا المستجد، حيث ذكر برتقال المبلغ المقتطع تم تحديده وفقا لرتبة كل شرطي.

وقال برتقال في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر "تسعيرة تبرع أفراد الأمن في حملة التضامن الوطني: 100 ليرة للشرطي و150 ليرة للمفوض و250 ليرة للقيادات من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة و500 ليرة لمدير الأمن من الدرجة الأولى. وتم مطالبتهم بملء بيانات العريضة. هل ادعاءات اقتطاع هذه المبالغ بدون إشعار رسمي صحيحة؟".
وتابع أن وزارة التعليم التركية أصدرت تعليمات إلى موظفيها بالتبرع لحملة التضامن الوطني التي أطلقها الرئيس، وتأتي هذه الخطوة عقب إبلاغ شركة أنابيب البترول التركية موظفيها بخصم 400 ليرة من راتب شهر أبريل للتبرع للحملة.
هذا وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا على نطاق واسع نسخ لعرائض وقعها أفراد من الشرطة التركية موجهة إلى فرع الخزانة بالمدينة التي يقيمون بها، تتضمن طلبًا بخصم مبلغ مالي لصالح حملة التبرعات التي أطلقها أردوغان، بينما تعالت أصوات تفيد بإجبار الشرطيين على التبرع.
نشره تسعيرة التبرعات للحملة حسب الرتب أثار موجة من الجدل فجرها الإعلام التركي مطالبًا بكشف حقيقة إجبار الشرطيين على توقيع عرائض تفيد تنازلهم عن المبالغ المستقطع من الرواتب.
الأمر الذي دفع وزير الداخلية التركي سليمان صويلو لنفي علمه بإجبار أفراد الشرطة على اقتطاع مبالغ من رواتبهم لصالح حملة التبرعات أردوغان. 
كما نفى وزير الداخلية التركي تلك المزاعم قائلًا "هذا شيء تنفذه فروع مديرية الأمن في مختلف المدن بل والأقسام فيما بينها. هناك حملة قانونية تنفذها الدولة وقد يكون هناك بعض الرفاق داخل الأجهزة الأمنية يرغبون في دعمها بهذه الطريقة. أنا لا أتدخل في هذا الأمر، لكنهم غير مجبرين على التوقيع على هذه العرائض".
ومن جانبه انتقد المرشح الرئاسي السابق عن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، محرم إنجه تشبيه أردوغان لحملة التبرعات التي أطلقها لمكافحة فيروس كورونا بأوامر "المسؤولية الوطنية" التي أصدرها مصطفى كمال أتاتورك خلال حرب الاستقلال، داعيا الرئيس للتبرع بقيمة إحدى طائراته الخاصة التي تبلغ نصف مليار دولار لصالح الحملة.

وكان أردوغان قد ربط خلال حديث سابق له بين حملة التبرعات التي أطلقها من أجل مكافحة فيروس كورونا بحملة بالتكاليف المالية (الالتزامات الوطنية أو الضرائب الوطنية)، وأوامر "المسؤولية الوطنية" التي أصدرها مصطفى كمال باشا، باستخدام السلطة التشريعية الممنوحة له بموجب القانون لتلبية احتياجات الجيش والاستعداد لمعركة صقاريا، وهي واحدة من نقاط التحول في حرب الاستقلال عام 1921.
وأوضح إنجه أن ما جمعته الدولة من المواطنين خلال تلك الفترة ضمن الالتزامات الوطنية ردته مرة أخرى عقب حرب الاستقلال. وقال "إذا لم تستطع أنت سداد تلك التبرعات المقدمة مرة أخرى فالمقارنة هنا خاطئة"، 
وأضاف المرشح الرئاسي السابق موجها حديثه إلى أردوغان "أن التبرعات التي جمعتها من المؤسسات المجتمعية بلغت حتى الآن 230 مليون دولار، بينما سعر الطائرة الخاصة التي تركبها يبلغ 500 مليون دولار".
من ناحية أخرى، أوضح رئيس الوزراء الأسبق ورئيس حزب المستقبل التركي أحمد داود أوغلو خلال كلمة له نشرها في مقطع فيديو عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن هذا التشبيه "خاطئ وخطير، وأوامر المسؤولية الوطنية هو نظام تعبئة لدولة مستنفذة الموارد من أجل استخدام مواردها الأخيرة، لا يوجد داعي لتلك الحماسة. ما يتوجب عمله هو إعطاء ثقة للشعب".
وأضاف داوود أوغلو "لنضع كل شيء جانبًا ونجعل احتياجات العاملين بقطاع الصحة في الأولوية، لنحميهم هم وأسرهم. الفنادق اليوم فارغة، دعنا نخصص هذه الفنادق للعاملين بالصحة. هناك مخاطرة في استخدامهم لوسائل النقل العامة. إذا لزم الأمر لنمنحهم راتب مزدوج. ويجب توفير حقوق العاملين في المستشفيات الخاصة بالطريقة نفسها".

ودعا داوود أوغلو من يحكمون تركيا بضرورة اتخاذ تدابير تشمل الاقتصاد ككل واتخاذ تدابير عاجلة حول استثمارات الجسور والطرق السريعة وتأجيلها إلى السنوات القادمة وتخصيص كافة الإمكانيات لمكافحة فيروس كورونا المستجد. كما أكد على ضرورة مراجعة ميزانية 2020 قائلًا "ينبغي إعطاء أولوية الإنفاق في الميزانية للصحة، وإمدادات الغذاء، والتعليم، والمعونة الاجتماعية".
وانتقد داوود أوغلو تصريح وزير التجارة التركي روهصار بيكجان بشأن ترتيبات عملية بيع الماسكات قائلًا "واجب الدولة ليس بيع الكمامات ولكن توفيرها. إذا قال وزير أننا سنبيع ماسكات فهذا يكشف ضعف الدولة".
وقال داوود أوغلو "لا يمكن إيقاف من يريدون المساعدة في تلك الفترة. جمع التبرعات من قبل الدولة شيء خاطئ. يجب على الدولة الإشراف على المساعدات فقط. يجب جمع التبرعات من قبل المنظمات الغير حكومية والإدارات المحلية".
ومن جانبه قال رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليتشدارأوغلو،: "حملة التبرعات هذه لها هدف آخر وهو وضع الخزانة، فخزينة الدولة خاوية، لذلك أرسل أردوغان أوامره بالتبرع  بالأموال وقال (الدولة تنهار والخزينة خاوية ولا يوجد أموال فاعطوا المال للدولة). وأنا أطلب من الشعب التبرع للدولة حتى يساعدوا العاطلين عن العمل والعائلات المحتاجة، إلا أن النظام لن يجعل الشعب يثق فيه لأن هناك مشكلة حقيقية لأن الأموال التي تبرعوا بها من قبل لعائلات الشهداء لم يُعرف حتى الآن إلى أين ذهبت".
وتحدث كليتشدار أوغلو عن قرار وزير الداخلية بإلغاء حملة التبرعات التي دعت إليها البلديات، وقال إن هذا غير قانوني ويخالف قانون البلديات، وأضاف أن الأموال التي تأتي من التبرعات لن تحل الأزمة ولن تنقذ تركيا من وضعها الراهن، وهذا يدل على أن النظام السياسي الحالي لم يدرك عمق الأزمة.

شارك