تغيير ديمغرافي..أردوغان يواصل مخطط التلاعب بالهندسة الاجتماعية في سوريا
كشف تقرير جديد عن استمرار سياسة الاحتلال
التركي في شمال سوريا ، بعمليات التغيير الديمغرافي، واعادة عملية التوزيع السكاني
في عفرين وتل أبيض ورأس العين "كوباني" والمناطق الواقعة تحت الاحتلال
التركي والفصائل المتطرفة الموالية له، على حساب أهالي الأصليين لهذه المناطق.
وللأسبوع الثاني
على التوالي تواصل تركيا جمع النازحين السوريين في منطقة البوابة الحدودية بمدينة جرابلس
تمهيدا لنقلهم عبر أراضيها إلى مدينتي تل أبيض ورأس العين، بينهم عوائل المسلحين الموالين
لها ضمن ما يسمى الجيش الوطني، ضمن المرحلة الثانية في مخطط التغيير الديمغرافي الذي
تنفذه في شمال سوريا.
المخطط الذي باشرت
تركيا في تنفيذه منذ سيطرتها العسكرية على مقاطعتي تل أبيض ورأس العين وثم نقل آلاف
أسر المسلحين الموالين لها لتوطينهم في منازل السكان الأصليين، واصلت تركيا تنفيذ المرحلة
الثانية منه حيث كشفت ثلاثة مصادر تواصلنا معها أنّ السلطات التركية بدأت منذ ساعات
الصباح يوم الأربعاء 8 أبريل 2020 بنقل عائلات المسلحين الموالين لها ضمن الفيلق الأول
في الجيش الوطني السوري لتوطينهم في مقاطعة تل أبيض.
وذكر مركز توثيق
الانتهاكات في شمال سوريا-منظمة غير حكومية- انه وصل 31 باصاً حتى الآن أغالبهم من عوائل المسلحين قادمين
من معبر كلس العسكري إلى معبر أقجه قلعة تمهيد للعبور إلى مدينة تل أبيض، وبلغ عدد
الأشخاص 1250 وهم عوائل من سكان الغوطة الشرقية وإدلب و حمص وحماة وحلب قادمين من إدلب
وبقية المدن السورية عبر الأراضي التركية، وأشارت المصادر أنّ تدفق عوائل المسلحين
سيتواصل حتى نهاية شهر أبريل الجاري، والعدد المقدر نقله عبر تركيا إلى مدينتي تل أبيض
و رأس العين هو 6 آلاف.
واوضح المركز
في بيان له نشر بتاريخ 14 أبريل 2020، أن تركيا
فتح المزيد من الطُّرق خلال الفترة القادمة لاستقدام المزيد من عوائل فصيلي أحرار الشرقية
والجبهة الشامية، إلى مدينتي سري كانيه (رأس العين) و(كري سبي) تل أبيض وقامت بالفعل
بفتح معابر جديدة لتسريع وتسهيل دخولهم وتأتي هذه الخطوات ضمن مساعي حثيثة تبذلها تركيا
لفرض واقع جديد في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا عموما.
و لفت مركز توثيق الانتهاكات إلى انه بدءاً من 9 أكتوبر عام 2019، شهدت المنطقة
الواقعة شرق الفرات (شمال شرق سوريا)، إلى حد كبير، تبدلات جذرية وعميقة وتغييرات عسكرية
أفضت لحدوث تغييرات ديمغرافية كبرى، خلقت فوضى بعدما كانت المنطقة تعتبر الأكثر أمناً،
واستقرارا على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، تلاها عدد من التغييرات الإدارية والاقتصادية
والاجتماعية والقانونية والسياسية والأمنية على المستوى المحلي. وفور سيطرة تركيا على
المدينتين عمدت وعلى مراحل إلى نقل آلاف أسر المقاتلين في الجيش الوطني وأقربائهم من
العرب والتركمان إلى منازل المدنيين الأكراد والعرب والأرمن وغيرهم في مسعى لملء الفراغ
الذي أحدثه هجومها وتسبب في نزوح سكانها وتهجيرهم، ضمن خطة المنطقة الآمنة المزعومة.
وأوضح أن طموحات تركيا في هاتين تل أبيض ورأس العين قديمة، وكانت مرتبطة بمحاولات سابقة
عديدة، فهي من دعمت بداية فصائل الجيش الحر (كتائب الفاروق) الارهابية للسيطرة على
مدينة تل أبيض مع انهيار قوات الحكومة السورية في محافظة الرقة وريفها في 18 سبتمبر
2012 وكانت وراء الهجوم الذي شنته فصائل الجيش الحر وجبهة النصرة بتاريخ 21 يوليو
2013 على مقرات وحدات حماية الشعب، وتهجير سكانها الأكراد كما واتهمت بالوقوف وراء
أحداث رأس العين والاشتباكات التي اندلعت فيها مع مساعي تحالف (جبهة النصرة، الجيش
الحر) من أجل السيطرة عليها وانتهت الاشتباكات بهزيمة جبهة النصرة.
وقال مركز توثيق الانتهاكات إن هدف تركيا الخبيثة
كشفها كذلك الرئيس التركي رجب طيب أردغان في ثلاث مناسبات متتالية، الأولى حين تحدث
في كلمة ألقاها بتاريخ 24 أيلول 2019 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تناولت عزمه
إقامة ما وصفها بـ (منطقة آمنة) في شمال سوريا بعمق يتجاوز 20 كم لتوطين 2 حتى 3 مليون
من اللاجئين السوريين المقيمين في بلاده فيها، الرئيس التركي تحدّث بالتفصيل عن طموحاته
في تلك المنطقة، كاشفاً عن خطة قد تكون بمثابة التهجير القسري لآلاف السوريين من المنطقة
حيث يسكنها الأكراد مقابل توطين سوريين من المحافظات السورية فيها ضمن سياق التطهير
العرقي للأكراد بداعي أنّهم خطر على أمن تركيا القومي.
كما أشار الرئيس
التركي في تصريحات تلفزيونية في أكتوبر 2019 إلى المنطقة الممتدة ما بين مدينة تل أبيض
ورأس العين/سري كانيه قائلاً : “في الحقيقة تلك المنطقة ذات مساحة ضخمة، والأهم أن
نحكم سيطرتنا عليها وأن نجهّز فيها حياة تحت السيطرة، بالإضافة إلى أنّ العرب هم الأنسب
للعيش في تلك المنطقة فهي ليست ملائمة لطبيعة معيشة الكرد، لأن تلك المناطق صحراوية
(بريّة) على حد وصف الرئيس التركي. “
وقدّر معهد دراسات
الحرب، عدد المقاتلين الأتراك في الشمال السوري، لاسيما إدلب، وريفها، خلال الشهرين
الماضيين، بنحو 20 ألفاً. وأشار إلى أن التحركات التركية اعتمدت على القوات الخاصة،
والوحدات المدرعة، وفرق "الكوماندوز"، إضافة إلى الوحدات التي شاركت في العمليات
التركية السابقة في عفرين، بما في ذلك لواء "الكوماندوز الخامس" المتخصص
في "حرب المدن".
وتنوعت أهداف تركيا
من وراء ذلك، فعلى مستوى ما أسمته المصالح الاستراتيجية انطلقت أنقرة من ادعاء الرغبة
في الانتقام لمقتل 36 جندياً تركياً في غارة للجيش السوري في إدلب في 27 فبراير2010
، كوسيلة لضرب تمركزات الجيش السوري، والعمل على شرعنة التواجد التركي العسكري المباشر،
والسيطرة على الأرض والموارد السورية، بما تشمله بعض المناطق من مخزون طاقة.
وكان استخدام مبررات
الرغبة في الانتقام وتهدئة حدة الغضب الشعبي، بعد سقوط المزيد من القتلى في صفوف الجنود
الأتراك، وسيلة أخرى من أجل العمل على تحييد القدرات الجوية السورية، وإرسال نظم دفاع
جوي متوسطة المدى من طراز (MIM-23
HAWK)
إلى إدلب، في محاولة لإقامة منطقة حظر جوي، لمنع قوات الجيش السوري من شن غارات جوية
على القواعد العسكرية التركية في الشمال السوري.
من جهته أكد المرصد
السوري لحقوق الإنسان، عبر مصادر موثوقة له، أن تركيا تواصل عملية التغيير الديمغرافي
التي شرعت فيها في المناطق التي سيطرت عليها في شمال سوريا، حيث أكدت مصادر مطلعة أنه
يتم نقل عدد من سكان الشمال السوري إلى مدينتي "تل أبيض" و"رأس العين"
اللتين خضعتا لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن عملية "نبع السلام"
العسكرية التركية.
وأشارت المصادر
إلى أنّ القوات التركية بدأت تنفيذ عمليات نقل المواطنين ممن يرغبون الانتقال إلى تل
أبيض، حيث تنطلق سيارات مرافقة يوميا في الصباح وفي المساء بعد تسجيل أسماء الراغبين
في الانتقال، ويتم نقلهم من جرابلس إلى الحدود مع تركيا ثم إلى تل أبيض بصحبة ممتلكاتهم
وأغراضهم، بحجة أنهم يعودون إلى مناطقهم الأصلية عبر تركيا.
وسيطرت تركيا والفصائل
السورية الموالية لها إثر هجوم أطلقته في 9 أكتوبر واستمر أسابيع عدة ضد المقاتلين
الأكراد في شمال شرق سوريا على منطقة حدودية واسعة بطول نحو 120 كيلومتراً بين مدينتي
تل أبيض (شمال الرقة) ورأس العين (شمال الحسكة).
وحذر مركز توثيق
الانتهاكات من ضرب تركيا المكونات الاجتماعية والتلاعب بالهندسة الاجتماعية، دون الاكتراث
بالتبعات الكارثية، والانتباه إلى مدى تعقيد النسيج الاجتماعي في المنطقة الذي تكون
على مدى عقود، حيث تتعدد الأعراق والديانات فيها نتيجة لعدة عوامل وأحداث مرّت عليها
وساهمت في أن تكون بالشكل الذي عليه اليوم، ولطالما كانت المنطقة ملاذاً آمناً لكل
شخص يسعى لتأسيس عائلة أو عمل أو مكان للعبادة. كما تستأثر المنطقة على عدد من المدن
ذات طابع متنوع وتركيبة سكانية متنوعة متفاهمة حيث يسكنها آشور وأرمن وعرب وكرد وشيشان،
تعكس حياة سكانها وتآلفهم تنوع وحيوية المنطقة.
وشدد مركز توثيق
الانتهاكات على ان أي خطة لتغيير النسيج الاجتماعي والسكاني في شمال سوريا سوف تؤدي
إلى اختلال كبير في المنطقة ويمكن أن تشكل جرائم تهجير قسري ترقى لأن تكون جرائم ضد
الإنسانية وسيخلق وضعا من الفوضى لن يمكن ضبطه.
أضاف أنّ تركيا
ترتكب جرائم عبر ممارستها هذه والتي تعتبر بحسب القرارات الدولية انتهاكات خطير لحقوق
الإنسان، وانتهاكا للقوانين الدولية. وفيما يلي أهم النصوص الواردة في القوانين والمعاهدات
الدولية التي تحظر الاستيطان وتمنع المساس بالحقوق والأملاك المدنية والعامة في البلاد
المحتلة.