مستغلاً كورونا .. أردوغان يسعى لإحياء أجندته الاستعمارية العثمانية في السودان
السبت 18/أبريل/2020 - 08:50 ص
طباعة
فاطمة عبدالغني
بدأت الحكومة التركية تستخدم سلاح فيروس كورونا بشكل جيد من أجل تقديم تنازلات، وعمل دعاية جديدة لها مع بعض البلدان، فأرسلت المساعدات واللوازم الطبية إلى بعض البلدان بحجة مساعدتها في منع تفشي فيروس كورونا المستجد، وتعد السودان من البلاد التي وضعتها تركيا هدفًا لها لإعادة بسط أيديها عليها مرة أخرى وإحياء أجندتها الاستعمارية العثمانية من جديد، وهو الأمر الذي أكدته تقارير صحفية.
حيث قالت صحيفة "ذا آراب ويكلي" البريطانية، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول استغلال أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد من أجل بسط نفوذه على السودان وإحياء أنشطة أنقرة مرة أخرى في الخرطوم، بعد الجفاء والتباعد الذي شهدته علاقات البلدين في أعقاب خلع الرئيس السوداني عمر البشير الذي كان على علاقة جيدة بأردوغان، حسبما ذكر موقع “تركيا الآن”.
وأشارت الصحيفة إلى أن أردوغان يستخدم فيروس كورونا كسلاح ويقوم بإرسال المساعدات واللوازم الطبية من أجل فتح قنوات حوار وتواصل مع أعضاء المجلس العسكري الذين حلوا محل البشير، وذلك من خلال استخدام وكالة التعاون والتنسيق الدولية التركية "تيكا" التي تحول لها الحكومة التركية أموالا ضخمة، وتمتلك أكثر من 30 فرعًا في دول أفريقيا ومن بينها السودان.
وأضافت "ذا آراب ويكلي"، نقلا عن خبراء سودانيين، أن مركز تدريب "تيكا" في السودان يقدم العديد من المساهمات الهامة في مكافحة الوباء في الخرطوم، ويقوم بإنتاج الأقنعة الطبية للعاملين بقطاع الصحة بالسودان، موضحا ان حكومة أردوغان تسختم المركز كأداة ضمن جدولها السياسي في سبيل تحقيق أهدافها المحلية بالوصول إلى العناصر المحلية في الخرطوم.
ونقلت الصحيفة الخبير السياسي السوداني عبدالمنعم أبو إدريس، قوله "إن أنشطة مؤسسة تيكا هي أهم الطرق التي تستخدمها الحكومة التركية بقوة لإظهار وجودها في إقليم دارفور وتشكيل بعض القوى لتكون تحت سيطرتها في المنطقة"، مشيرا إلى أن الاتفاقيات الموقعة سابقًا بين أردوغان والبشير تسمح بمنح المؤسسة التركية دورًا أكبر في المساعدات الإنسانية.
وأكدت الصحيفة، أن تركيا تسعى لتكثيف مساعدتها الإنسانية في المناطق الحساسة بالسودان وعلى رأسها إقليم دارفور، لافتا إن السفير التركي لدى الخرطوم عرفان نظير أوغلو، يسعى لإنشاء علاقات مع مسئولين رفيعي المستوى بالسودان.
وتابعت ان تركيا تعمل أيضا على تلبية احتياجات مياه الشرب في المنطقة السودانية وخاصة في شمال إقليم دارفور من خلال فتح آبار للمياه، كما تسعى من ناحية أخرى لدعم النظام الصحي بالسودان، متوقعا أن ترد السودان على هذا التعاون بالمثل.
من ناحية أخرى قالت صحيفة "The Arab Weekly"، ومقرها لندن، إن أنقرة تحاول استغلال أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد في سبيل إحياء أنشطتها مرة أخرى في السودان. ولهذا فإن الطريق الذي تسلكه تركيا الآن في سياستها الخارجية هو استخدام وكالة التعاون والتنسيق الدولية التركية "تيكا" التي تحول لها الحكومة التركية أموالًا ضخمة، وتمتلك أكثر من 30 فرعًا في القارة الإفريقية، وبلا شك تتواجد في السودان.
ومن جانبه أكد الخبير السوداني في شؤون الأمن القومي، الرشيد محمد، أن الخطورة تكمن في تعامل تركيا مع "تيكا" باعتبارها إحدى أدوات القوة الناعمة التي تعتمد عليها في القارة الأفريقية، وليس كجهة مساعدات وكفى، فالوكالة تستهدف إيجاد بيئة خصبة لإقامة نواة لإمارات إسلامية في السودان أو الصومال أو غيرهما، عبر استقطاب المواطنين الذين يعانون من أوضاع صعبة والتفاعل معهم بشكل دوري بغطاء توزيع المساعدات على الفقراء وتدشين مشروعات خيرية.
وكشف الخبير السوداني أن تركيا استطاعت أن تحصل على جملة من المكاسب السياسية جراء تلك المشروعات، مكنتها من إقامة علاقات قوية مع دوائر اقتصادية نافذة رأت في الهيئات التركية والقطرية وسيلة للتخفيف عنها في مناطق النزاعات.
وعلى الرغم من أن السودان لا يسمح بشكل رسمي لمؤسسة "تيكا" بالقيام بأنشطتها إلا أن هذه المؤسسة تجعل لنفسها شعبية، وتساعدها المنظمات الإسلامية السودانية في تقويتها وزيادة أنشطتها.
ويرى المراقبون أن أنقرة تستخدم سياسة مزدوجة في علاقتها مع السلطة الانتقالية في الخرطوم، حيث تظهر كأنها تعمل لتقديم المساعدات عبر "تيكا" في مجالات عدة على رأسها التعليم والصحة، وتريد في الوقت ذاته تسهيلات تمكنها من دفع مشروعها الساعي لتوظيف السودان كنقطة انطلاق لها نحو العمق الأفريقي والبحر الأحمر.
من هنا يمكن فهم الدور السياسي الذي تلعبه "تيكا" في شكل إنساني وإغاثي، وتفسير اقترابها من المجتمع التحتي الذي يؤثر على الأمن والاستقرار في البلاد، كما أن تغلغها يساعدها على تحريك القواعد الإسلامية لمضايقة السلطة الانتقالية وشغلها بترتيب أمورها بعيدا عن استهداف تركيا وأذرعها التي تعمل وفقا للخطط التي وضعتها "تيكا".