سبع سنوات على اختطاف مطراني حلب والمصير مازال مجهولا
الخميس 23/أبريل/2020 - 09:35 ص
طباعة
روبير الفارس
سبع سنوات مرت على خطف تنظيم داعش الإرهابي لمطرني حلب وفي هذه المناسبة أصدرت بطريركية الروم الأرثوذكس بيانا مشتركا مع بطريركية السريان الارثوذكس في سوريا جاء في نصه
أيها الإخوة والأبناء الروحيون الأعزاء،
المسيح قام، حقاً قام.
بسلام الفصح نتوجه إليكم مشاركين إياكم صلواتكم في زوايا البيوت وحانين وإياكم ركبة القلب أمام المسيح المقيم إيانا في نوره الإلهي والنافض عن النفوس ركام الأزمنة المرة ورماد القنوط واليأس. وفي غمرة بهاء الفصح غصة ملف أخوينا مطراني حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي المخطوفين منذ 22 ابريل 2013. نخاطبكم اليوم من القلب إلى القلب ونخاطب وإياكم العالم أجمع لنقول إن مسيحيي هذا الشرق لا زالوا ومع غيرهم من مكوناته يدفعون من حياتهم ومصيرهم ضرائب الإرهاب والعنف تهجيراً وخطفاً وقتلاً ومحناً شتى بالرغم من كل ذلك بقوا على عهد محبةٍ ليسوع المسيح رباً افتداهم على الصليب وزرعهم في هذا الشرق منذ ألفي عام حمَلةً لفرح إنجيله.
من لحظة الخطف وإلى يومنا هذا لم تسفر آلاف المحاولات والجهود في الكشف عن مصير المطرانين. كل ذلك وسط كمٍّ هائل من المعطيات والخيوط والتحليلات والتساؤلات التي غالباً ما أسهمت الى زيادة الملف غموضاً وتعقيداً.
٢٥٥٧ يوماً مضى ونحن لم نأل جهداً في سبيل إيصال الملف الى خواتيم سعيدة أحبها على قلبنا يبقى تحرير المطرانين وعودتهما سالمين آمنين بيننا. لم نترك باباً محلياً كان أو إقليمياً أو حتى دولياً إلا وطرقناه من حكومات ومنظمات وحشدنا العديد من الجهات والشخصيات الفاعلة والمؤثرة بهدف إدراج القضية على شتى المنابر العالمية وغيرها الكثير الكثير من الجهود والمساعي. نشكر من القلب كل من ساعد ووعد وقدم أي جهدٍ أو مساهمة إن كان على الصعيد الإنساني أو الإعلامي أو الدبلوماسي أو الأمني أو السياسي بصفة رسمية كانت أو حتى شخصية لما قد يبعث الدور الذي لعبوه من بصيص أمل وسط الظلمة والظلام المطبق والمحزن في حين كان تعامي المجتمع الدولي وصمته قد ألقيا بظلالهما على هكذا قضية إنسانية ومصيرية ملحقين الضرر بمسيرة البحث عن حلول.
إذ ترتسم أمامنا اليوم صورة أخوينا المطرانين وهما في صلاةٍ دائمة من أجلنا جميعاً، نطلب من كل مؤمنينا حيث هم الصلاةَ من أجلهما في هذا الأسبوع تحديداً. نطلب الصلاة من أجلهما ومن أجل كل مظلوم مخطوف ومفقود ومهجر وكل من ضاقت به الدينا فوجد رجاءه في المسيح وعزاءه وقوته في قيامته المجيدة الظافرة.
الإنسان المشرقي ليس أبخس ثمناً من غيره. ولعل الوباء الحاضر، والذي اكتسح ويكتسح أسفاً هذه البشرية ونصلي من أجل أن يرتفع عنا، هو أوضح برهانٍ أننا جميعاً أولاً وأخيراً، من كل الأعراق والأديان والانتماءات إخوة في الإنسانية وركاب قارب واحدٍ. ويا ليت الإنسان قد وعى ذلك ويا ليت الساسة ومن يتعاطون الشأن العالمي قد وعوا أن طينة الإنسان وكرامته هي هي مهما اختلف البلد واختلفت الأرض والديار واللغة والحضارة والدين. حل الوباء الحاصل على رغم مرارته ليقول إننا نتقاسم على هذه البسيطة وجوداً واحداً وأخوةً إنسانية واحدةً ويا ليت هذا كان جلياً وواضحاً أمام عين قلب وباصرة الإنسان الذي يمتهن كرامة أخيه غير مدركٍ أن الويل سيرجع وسينقلب عليه وأن كرامته هو ستنتقص أولاً وأخيراً. الأولى بنا جميعاً أن ندافع معاً وأولاً وأخيراً عن الكرامة الإنسانية الحق ونعي أن كرامة أخينا الإنسان وحياتَه وكلَّ وجوده هو جزء من قلبنا ووجودِنا وبعضٌ من كياننا.
نحن كمسيحيين في هذا الشرق جذرٌ ضاربٌ في التاريخ لم يقربه يباسٌ ولن يقرَبَه يباس. ومن هذا الجذر يخرج الدّوحُ الكبير حضوراً مسيحياً أنطاكياً في الشرق وفي كل العالم مزهراً فواحاً بعبير الشهادة المسيحية للمسيح يسوع له المجد والمحبة للأخ من كل الأطياف. دروس التاريخ علمتنا أننا لا نحتاج حمايةً من أحد، ولا نريد الحماية من أحد. نحن مكوّن أصيلٌ من هذا الشرق بكل منعرجاته وبكل إشراقاته. أمام دورنا يسقط منطق الأقلية والأكثرية ليعلو منطق اللقيا والحوار ومنطق الدور الريادي الذي كان للمسيحيين ولغيرهم. نحن لسنا ورقةً بيد أحد ولن نكون ورقةً لا بل رسالة وجودٍ وأصالةٍ وجسرَ تواصلٍ وتلاقٍ بين الشرق والغرب وبين المسيحية وغيرها من الأديان.
نصلي اليوم من أجل أخوينا المطرانين ومن أجل كل مخطوف آخر ونضع نصب أعيننا أننا لن نألو جهداً في مواصلة جهودنا بتحريك هذا الملف والوصول به إلى الخواتم المرجوة التي يترقبها قلب كل مسيحي ومشرقي وقلب كل ذي إرادة حسنة. وإذ نقول هذا، نؤكد أن درب الصليب انتهى إلى فجر قيامة.
صلاتنا اليوم إلى رب القيامة وسيد الحياة يسوع المسيح أن يزيح بصليبه حجر القبر ويكلل أبصارنا بنور القيامة. صلاتنا من أجل سلام العالم الذي يئن تحت وطأة الوباء. وصلاتنا من أجل هذا الشرق بكل بلدانه والذي يتلمس فجر القيامة من على جلجلة الصليب. صلاتنا من أجل أبنائنا في حلب. نتوجه إليهم بشكل خاص بسلام الفصح سائلين رب القيامة أن يقيم الرجاء في قلوبهم وقلوبنا.
نحني وإياكم أيها الأخوة ركبة النفس ونشعل زيت القلب في زوايا البيوت أمام الرب المسيح الناهض من القبر. نصلي من أجل سلام العالم ومن أجل عودة المخطوفين ونضيء قلوبنا ونفوسنا بالرجاء الفصحي مرنمين:
دمشق، ٢٢ نيسان ٢٠٢٠.
وختم البيان بتوقيع
يوحنا العاشر
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس
إغناطيوس أفرام الثاني
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم وتعليقا علي ذلك قال المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح هذا اليوم في حديث اذاعي وبمناسبة مرور سبع سنوات على اختطاف مطراني حلب سيادة المطران بولس يازجي راعي ابرشية حلب للروم الارثوذكس وسيادة المطران يوحنا ابراهيم راعي ابرشية حلب للسريان الارثوذكس حيث قال سيادته بأننا نتساءل مع كل المتسائلين اين وصل هذا الملف ؟ .
عندنا امل كبير ان المطرانين على قيد الحياة وهم محجوزين في مكان ما ولذلك فإننا نطلق نداءنا ومناشدتنا بضرورة تحرير هذين المطرانين الجليلين ونحن ومن قلب مدينة القدس نضم صوتنا الى كافة الاصوات المنادية بتحرير المطرانين كما وكافة المخطوفين .
انه من العيب والعار ان يبقى هذا الملف معلقا وبهذه الطريقة المعيبة والمريبة بعد مرور سبعة اعوام على هذا الاختطاف الهمجي اللانساني واللاخلاقي ، ويحذونا الامل بأن المطرانين ما زالا على قيد الحياة ويبدو ان هنالك جهة ما تحتجزهما في مكان ما لاستعمال هذه الورقة للمقايضة في مرحلة معينة .
سنبقى ننادي ونناشد بضرورة تحرير هذين المطرانين .
سيدنا بولس يازجي هو زميلنا في الدراسة الجامعية وقضينا اكثر من سبعة اعوام معا في جامعة تسالونيكي كما وزرناه في حلب بعد سيامته مطرانا وشاركنا في سلسلة فعاليات معا وسويا وله مواقف مشرفة من القضية الفلسطينية ومن قضية القدس .
اما سيادة المطران يوحنا ابراهيم فكان دوما صوتا مدافعا عن القضية الفلسطينية في كل المؤتمرات والندوات التي كان يشارك فيها وقد شاركنا معنا وسويا في بعض من هذه المؤتمرات ولذلك فإننا نقول ومن قلب فلسطين بأننا اوفياء لكل من يقول كلمة حق حول القضية الفلسطينية وعدالتها وضرورة تحرير ارضنا وقدسنا ومقدساتنا.
نطالب بالافراج الفوري عن هذين المطرانين ونتمنى ان تصل رسالتنا الى الجهة الخاطفة او الجهة التي تعرف مكان احتجاز هذين المطرانين واليوم ومع وباء الكورونا المنتشر في عالمنا هنالك سبب اضافي يضاف الى الاسباب الاخرى التي تجعلنا نطالب ونناشد مجددا بتحرير هذين المطرانين كما وكافة المخطوفين .
من قلب مدينة القدس الجريحة والمتألمة والتي تحتفي بعيد القيامة في هذه الايام نوجه رسالة التضامن الى الكنيستين الانطاكيتين الشقيقتين الرومية والسريانية معبرين عن وقوفنا الى جانب هاتين الكنيستين كما ومع كل سوريا التي نتمنى لها السلام ونتمنى لابنائها ان يعيشوا بأمن في وطنهم سوريا العزيزة على قلوبنا .
ان استمرار اختطاف المطرانين وحجزهما في مكان مجهول حتى اليوم انما هي جريمة انسانية وانا لست من المقتنعين بأن القوى السياسية العظمى في عالمنا المتأمرة على سوريا وعلى فلسطين لا تعرف اين هم المطارنة ، فمكانهم معروف لدى هؤلاء الذين لا يريدون الخير لامتنا ولمشرقنا .
ومسألة المطارنة المخطوفين هي ليست مسألة للمقايضة فهي قضية تتعلق بعراقة الحضور المسيحي في هذا المشرق وضرورة الحفاظ عليه وهي مسألة تخصنا جميعا في هذا المشرق وتخص المسيحيين بشكل خاص لان اختطاف المطرانين انما هي رسالة تهديد ووعيد وترهيب لما تبقى من مسيحيين في هذا المشرق .
نحن على يقين بأن المطرانين سيعودان ولكن السؤال الى متى سنبقى ننتظر هذا اليوم السعيد ولماذا يحرمنا الخاطفون من ان نفرح بمطرانين جليلين كانا دوما صوتا مدافعا عن الحق والعدالة في هذا المشرق .
نسأل الله نصير المظلومين والمنكوبين في هذا العالم ان يصون هذين المطرانين كما وكافة المخطوفين ونحن في فلسطين نقول بأن نزيفنا والمنا ومعاناتنا لم ولن تجعلنا في اي وقت من الاوقات نتجاهل معاناة اخوة لنا في هذا المشرق يتألمون ويعذبون ويخطفون .
فنزيفنا واحد وألمنا واحد ومن خطف المطرانين وتآمر على سوريا الشقيقة هو ذاته المتآمر على فلسطين وعلى القدس وهو المتأمر على مقدساتها واوقافها الاسلامية والمسيحية .
عدونا واحد وقضيتنا واحدة وجرحنا واحد وعلينا ان نكون موحدين في دفاعنا عن حضورنا العريق والاصيل في هذا المشرق .
سنبقى نصلي من اجل عودة المطرانين ولن نفقد الامل لاننا ابناء الرجاء فهذه هي رسالة القيامة وهذه هي رسالة الناهض من بين الاموات .