المرتزقة و"أتراك ليبيا" والإخوان.. أوراق أردوغان للاحتلال ونهب ثروات ليبيا
منذ صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا،
وعاد مشروع إحياة الدولة العثمانية بشعارات الخلافة الإسلامية ووفقا لنظرية "العثمانية
الجديدة"، ويستثمر ويتاجر نظام الرئيس التركي رجب أردوغان في قضايا الأقليات التركية في الدول
العربية والأجنبية، من أجل استخدامهم كورقة
سياسة للمساومة والحصول على مكتسبات سياسية.
ومع مساعي نظام أردوغان للسيطرة على ليبيا
ونهب ثرواتها تحت شعارات مختلفة واكاذيب متعددة، زعم الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان،
في ديسمبر 2019 أن هناك مليون ليبي من أصول تركية "اتراك ليبيا" يستحقون
دعمه والتدخل لنجدتهم والوقوف إلى جانبهم.
هو بذلك يحاول إقناع شعبه بأن حوالي 18 % من الشعب
الليبي ينحدرون من القومية الطورانية، وبتلك المغالطات يضع أردوغان، وعقب سقوط
نظام العقيد معمر القذافي اتجه أردوغان إلى طرابلس ثم إلى مصراتة للتأكيد على أنه جاهز
لتقديم الدعم للسكان المحليين من أصول تركية، ما جعل الكثير من الأصوات ترتفع محذرة
من إمكانية أن تتحول تلك الأقلية إلى حصان طروادة الذي يستعمله الأتراك في العودة إلى
ليبيا، كما حدث سابقاً في العراق وسوريا.
وتعاني ليبيا منذ عام 2011 من الاقتتال والصراع
المسلح ما فاقم الأزمة وأدى لسقوط عدد كبير من الضحايا، ويتخوف الشعب الليبي من استمرار
الصراع المتفاقم في البلاد وتبديد فرص الحل السياسي التي تمكن أبناء ليبيا من الخروج
من هذا النفق المظلم.
التدخل التركي المباشر في الشأن الليبي عبر شحنة
أسلحة ومعدات عسكرية تركية أدخلتها إلى المدن الليبية التي تهيمن عليها جماعة "الإخوان"
الارهابية والميليشيات المسلحة دعماً للفوضى، يعيد مشاهد احتلال الدولة العثمانية لليبيا،
عبر العديد من الادوات سواء باسم الخلافة العثمانية أو دعم "الضعفاء"
والممثلين في جماعات الإسلام السياسي، وكذلك الاقليات التركية والتي يعد بعضا منهم
كطابور خامس يعمل لصالح النظام التركي.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الليبيين من أصول
تركية لا يتجاوز 300 ألف نسمة، منهم حوالي 160 ألفاً في مصراتة التي يبلغ تعدادها السكاني
550 ألف نسمة، ويتوزع البقية بين مدن أخرى كالعاصمة طرابلس وزليتن والزاوية والخمس
وتاجوراء ومسلاتة وغريان ( وجميعها في غرب البلاد ) والمرج ودرنة ( في الشرق )، ويطلق
عليهم إسم الكراغلة أو الكراغلية والكول أوغلية.
وتعود جذورهم إلى الجنود الإنكشاريين الذين دخلوا
البلاد مع بداية الغزو العثماني في العام 1551، والذين تم تزويجهم من نساء ليبيات.
وفي اعادة للمشهد العثماني، تواصل تركيا نقل
“المرتزقة السوريون” إلى ليبيا للقتال إلى جانب “حكومة الوفاق الوطني” في معاركه مع
“الجيش الوطني الليبي”، حيث رصد المرصد السوري وصول دفعة جديدة تضم العشرات من مقاتلي
الفصائل الموالية لأنقرة إلى ليبيا، ليرتفع أعداد المجندين الذين وصلوا إلى الأراضي
الليبية حتى الآن إلى نحو 5300 “مرتزق”، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات
التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 2100 مجند.
و بلغت حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية
لتركيا جراء العمليات العسكرية في ليبيا 199 مقاتل، والقتلى من فصائل “لواء المعتصم
وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه”، ووفقاً لمصادر المرصد
فإن القتلى قتلوا خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوب طرابلس، ومحور الرملة
قرب مطار طرابلس ومحور مشروع الهضبة، بالإضافة لمعارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.
أما جماعة "الإخوان"،
فكانت ولا تزال رأس الحربة، وطليعة الهجوم العثمانلي الجديد على العرب، فقد درجت على
خيانة أمتها، وأوطانها، لذا كانت أول من وضع يده في يد الشيطان التركي، قبل 2007، وكانت
شرارة الحرب الأولى في ليبيا.
المتاجرة بقضايا الأقليات التركية وأيضا
الحريات وحقوق الانسان، تكشفها بوضوح المطامع التركية في ليبيا، حيث ذكرت صحيفة "ديلي
صباح" التركية، أن المقاولين الأتراك امتلكوا مشاريع في ليبيا تصل قيمتها إلى
28.9 مليار دولار، ولعل هذا هو الهدف الحقيقي وراء الدعم التركي الخطير لحكومة فايز
السراج.
وكذلك الأطماع التركية في الغاز الليبي كشف عنها
وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز الذي أعلن مطلع ديسمبر 2018 أن عمل
سفينة "الفاتح" في أعمال التنقيب
عن النفط في البحر الأبيض المتوسط، وستشرع في التنقيب عن الغاز بالقرب من السواحل الليبية.
وفي المقابل
راحت حكومة الوفاق الاخوانية برئاسة فايز السراج-ذو الاصول التركية- توقع اتفاق "الحدود البحرية" الغير
شرعي، وتفتح ابواب طرابلس امام الاحتلال العثماني الجديد.
التدخل التركي السافر واجه برفض ليبي قوي،
حيث دعت وزارة خارجية الحكومة الليبية ببنغازي في بيان جميع دول العالم والمنظمات الدولية
والإقليمية إلى تحمل المسؤولية كاملة على ما يعانيه الشعب الليبي جرّاء الغزو التركي،
مطالبةً بإدانة هذا العدوان الغادر وبسحب اعترافها من حكومة فايز السراج التي تستغل
هذا باستدعاء المستعمر التركي لارتكاب مجازر في حق الشعب.
وحذرت أطرفاً ليبية من أن النظام التركي يحاول
أن يبث فتنة عرقية بين مكونات المجتمع الليبي في المنطقة الغربية، وبخاصة بين العرب
والأمازيغ، ويقول المحلل السياسي
الليبي فرج زيدان إن مشروع أردوغان في ليبيا تفتيت حلم الدولة وجعل ليبيا بلداً تابعاً
له، مستشهداً بتصريحات الرئيس التركي السابقة حين قال إن ليبيا هي ميراث لنا.