إعادة طرح صدام الحضارات.. من صامويل هانتيجنتون إلي ايلون ماسك

الخميس 15/أغسطس/2024 - 11:55 م
طباعة
 
خلال الحوار الذي أجراه  ايلون ماسك مع المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب، أعاد طرح بعض المصطلحات بشأن صدام الحضارات، وتأكيده أن المرشح الأمريكي يمثل الطرق الصحيح للحضارة، وهي إشكالية مماثلة في أحداث الشغب في إنجلترا التى جرت مؤخرا من اليمين المتطرف، ومن قبلهم صعود اليمين في ألمانيا، رغم أنه قبل أزمة اللاجئين في 2015 لم يكن ينجح في الحصول علي نسبة ٥%، التى تؤهله لدخول البرلمان الألماني.
لست متعمقا في الداخل البريطانى، لكن ما حدث نتيجة تراكمات مستمرة، وسبق أن أشرت لذلك، وأهم أسبابها العنف ضد الأطفال فمنذ عام 2012 ظهرت فضيحة إساءة معاملة الأطفال تدريجياً إلى النور في روثرهام، والتي ارتكبها في الغالب مهاجرون من "المجتمع الباكستاني"،  ومنذ منتصف التسعينيات، تعرض ما لا يقل عن 1400 طفل وشاب يبلغون من العمر 11 عاماً أو أكثر، الأغلبية العظمى منهم من الفتيات، للاغتصاب، وأجبروا على ممارسة الدعارة.
الأمر يتكرر في ألمانيا، حيث زادت حالات الاعتداء على الفتيات والسيدات، والمتهمين من المهاجرين ، خاصة من العرب وشمال أفريقيا، وأفلت الكثير من العقاب، حتى لا يتم مهاجمة المجتمع الألماني بالعنصرية، وحاليا يجري الكشف عن أرقام الجرائم وجنسية المتهمين، وسط تنامى الأرقام مقارنة بالسنوات الماضية، وهى تعمل علي شحن أنصار اليمين المتطرف، وما يترتب عليه من زيادة أنصاره بشكل ملحوظ.
وكما فعلت الجماعات الإسلامية والإخوان في مصر منذ السبعينيات، وكيفية الاهتمام بالتعليم من أجل أسلمة التعليم والمناخ العام، هناك دلالات علي تكرار هذا النهج في ألمانيا، حيث يقود أحد الجماعات التي تدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية في هامبورج شاب الماني، والدته ألمانية ووالده من غانا، ويقوم بعمل تدريب مهني كي يقوم بالتدريس في مدارس الأطفال.
ويتصادف أن تأتي مظاهرات المطالبة بتطبيق الشريعة، مع المظاهرات الداعمة لغزة، ومن ثم الشحن الذي تشهده المدن الألمانية له جوانب مختلف، ساعدت علي تنامى صعود اليمين المتطرف.
واذا كان حزب البديل ، ممثل اليمين المتطرف في البرلمان الألماني حصل علي أقل من ٥ % في انتخابات 2009، وانتخابات 2013، قفز في 2017 إلي 12,7%، لكنه تراجع في انتخابات 2021 إلي 10,4%، وحاليا التوقعات تشير إلي إمكانية حصوله علي 18- 20%.
أوجه الشبه بين ما حدث في بريطانيا مؤخرا وألمانيا 2016، هو تسجيل أكثر من ألفين حالة تحرش ضد الفتيات، خلال احتفالات رأس السنة 31 ديسمبر 2015، وأغلبها كان من العرب واللاجئين، وفي الوقت الذي رحب فيه الألمان باللاجئين السوريين اكتوبر 2015، تغير الموقف بعدها بأشهر بسبب هذه الحالات، والاختلاف الثقافي بين اللاجئين والمجتمع الألماني، ورغم كورسات اللغة والاندماج المجانية من الحكومة للأجانب والمهاجرين، إلا أن الاندماج لم يحدث بالشكل الكافي، وهو ما يستغله حزب البديل.
وكما يقول صامويل هانتيجنتون في كتابه صراع الحضارات" من الطبيعي ألا يثق الناس في المختلفين عنهم، ومن لديهم القدرة علي إلحاق الضرر بهم".
لذلك الاختلاف الثقافي، ورغبة المهاجرين في تغيير المجتمعات تمنح اليمين المتطرف فرصة الظهور مجددا، في ظل ارتفاع كلفة الفوائد الاجتماعية التي يحصل عليها اللاجئين والمهاجرين، والأمر لا يتوقف علي السوريين والعرب فقط، بل هناك انتقادات من اليمين للحكومة الألمانية بسبب تواجد أكثر من ٢٠٠ ألف أوكراني من الرجال والشباب في سن التجنيد ويحصلون علي منافع إجتماعية  ويرون أن بلدهم أحق بهم بالعودة، وأنه يمكن فقط قبول السيدات والأطفال بسبب ظروفهم الحالية، حتى مع توافد قوارب اللاجئين الي اسبانيا، وايطاليا ، يركز أنصار اليمين علي وصول شباب رجال في سن التجنيد، دون تواجد أطفال أو نساء، ويصل التهكم علي هؤلاء، بأنهم لا يحملون وثائق ثبوتية، بينما يحملون هواتفهم المحمولة وعلب السجائر!
الخلاصة، المهاجرين والأجانب عليهم مسئولية أخلاقية في تطهير أنفسهم من المجرمين، وقبول الدستور والقوانين الحالية، والانضمام للأحزاب السياسية حسب افكارهم ومعتقدهم السياسي، ومن ثم المساهمة في تغيير القوانين  أو حتي تعديل الدستور بشكل طبيعي، إنما رفض ذلك بشكل منفرد، أو الرغبة لتغييره بالقوة، سيكون لها انعكاسات سلبية عليهم، وتغذية أفكار اليمين المتطرف عالميا، ولعل في اشتباك ايلون ماسك مع رئيس الوزراء البريطاني دلالة علي ما ستؤول إليه الأمور مستقبلا.

شارك