التسامح في مواجهة التطرف!

السبت 24/أغسطس/2024 - 11:53 م
طباعة
 
في إستطلاع للرأي نشرته مجلة "فوكوس" الألمانية مؤخرا، أشارت فيه إلي أن نسبة من يخشون هجمات إرهابية من المنظمات الإسلامية تصل إلي ٦٧%، كما أعرب 42% عن حذرهم في التواجد  في تجمعات جماهيرية خشية تنفيذ عمليات إرهابية.
وجاءت عملية سولينجن الأخيرة، وتبني تنظيم داعش لتنفيذها ، لتزيد من القلق والهلع عند المجتمع الألماني جراء هذا النوع من العمليات، خاصة وأن الفترة الأخيرة تقوم عناصر تابعة للتنظيم بعمليات دهس أو طعن بالسكاكين، ومنهم أشخاص غير معروفين للسلطات الأمنية وغير خاضعين للرقابة.
تأتي هذه الجرائم وسط انتشار أفكار معادية للأجانب والعرب، وتزيد تيار اليمين المتطرف في البلاد، وصعود حزب البديل من أجل ألمانيا ، ممثل اليمين المتطرف في البرلمان الألماني إلي ثاني اقوي قوة سياسية في البلاد، ليس بتقديم برنامج سياسي واضح يضيف للمجتمع الألماني ، وانما يستغل أخطاء المهاجرين وجرائم الجماعات الإرهابية، وكذلك صعود مجموعات تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية وعدم الاعتراف بالدستور الألماني.
المثير للدهشة أن حزب البديل الألماني يخضع لرقابة المكتب الاتحادي لحماية الدستور ، جهاز الاستخبارات الداخلية ، وتري أحزاب سياسية أنه لابد من حله، ولا يمكن استمرار عمله في ظل كراهية الحزب للأجانب وخاصة المجرمين منهم، واستغلال تلكؤ الحكومة في تنفيذ وعودها باستبعاد المجرمين من الأجانب ، لكن تتزايد انتقادات الحزب إلي الحكومة حينما تمنح وزارة الداخلية تصريحا للجماعات المتطرفة ، ومنها مجموعة في هامبورج تصريحا للتظاهر والمطالبة بتطبيق الشريعة وعدم الالتزام بالقانون الأساسي ، الدستور الألماني.
ومع تصاعد هذه الأفكار تحاول وزارة الداخلية التعامل مع الموقف بهدوء، وهدم استغلال جرائم داعش والجماعات المتطرفة في إثارة الكراهية ضد المسلمين والأجانب، وهو ما أكدته اليوم خلال زيارتها لولاية شمال الراين، ومتابعة تداعيات جريمة سولينجن، واكدت علي ضرورة عدم ترك مشاعر الغضب مما حدث في إثارة افكار الكراهية ضد أي مجموعة، وضرورة أن يكون الأمر بالحكمة.
لكن هذه التصريحات تثير من غضب التيار اليميني، حيث سمحت السلطات الأمنية بخروج مسيرات لجماعات إسلامية متطرفة في بعض المدن الألمانية، وهي تبدو في ظاهرها احتراما لحرية التظاهر والتعبير، لكنها تثير علامات استفهام من جانب كبير من المجتمع، وبالتالي يساهم ذلك في تأجيج مشاعر الغضب والاحتقان، في ظل اشتعال الشارع الألماني بسبب المسيرات الداعمة لغزة، وكذلك المناهضة لها، والتي تدعو لعودة الرهائن من الجانب الآخر.
المؤشرات كلها تقول إن الاحتقان في المجتمع سوف يتزايد، ما لم تواجه الحكومة الألمانية هذه التيارات المتطرفة بحزم، وأن تفرق بين تطبيق القانون بحزم علي التيارات المتطرفة وبين المهاجرين المسلمين، بينما التسامح مع المجرمين والمتطرفين سيعود سلبيا علي المهاجرين، ويساعد علي زيادة تنامى أفكار اليمين المتطرف ، خاصة وأنه ظل لعقود خارج البرلمان الألماني، كما أنه لم يكن له تمثيل واضح في مجالي الولايات، بينما بسبب التسامح المبالغ فيه من الحكومة، إلي جانب تنامي جرائم بعض المهاجرين، سمح بتنامي اصوات اليمين بشكل غير مسبوق في البرلمان الألماني والأوروبي ، كما أصبح البديل يحصل علي أغلبية بعض الولايات ، وهناك توقعات بالحصول علي أغلبية في برلمان ولاية تورينجين التي ستجري الانتخابات بها خلال الأيام القادمة.

شارك