مطلقًا جرس الإنذار.. وزير الثقافة للأزهر: الخطاب الديني لم يزل متطرفًا

الإثنين 24/نوفمبر/2014 - 10:32 م
طباعة مطلقًا جرس الإنذار..
 
مطلقًا جرس الإنذار..
انتقد الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، البرامج الدراسية بالأزهر الشريف، قائلاً "الأزهر يقف على مفترق الطرق وأمامه خيارات متعددة وعليه أن يحسم خياراته.. فالأزهر قلعة الإسلام الوَسَطى المستنير.. أصابها ما أصابها وما أصاب الكثير من قلاع مصر"، مشيرًا إلى أن الإخوان والعناصر السلفية تسللوا وأصبحوا متغلغلين في الأزهر الشريف حتى هذه اللحظة، وطالب وزير الثقافة خلال حواره ببرنامج "آخر النهار" الذى يقدمه الإعلامى عادل حمودة، المذاع على فضائية "النهار" مساء الأحد، بمراجعة البرامج الدراسية للأزهر الشريف، لاستيعاب متغيرات العصر، مؤكدًا أن الخطاب الديني مكون أساسي لمكونات الخطاب الثقافي، لكن استجابته للتغيير بطيئة، ومازال متطرفا في مصر.
ولا شك أن هناك الكثير من القضايا الملتهبة الراكدة بين وزير الثقافة جابر عصفور ومؤسسة الأزهر، وإن حاول الطرفان بقاءها على هذه الحال لا تطفو فوق السطح، فوزير الثقافة رجل من رجالات التنوير وحرية الرأي والإبداع، مما يتطلب منهجًا عقليًا في التعامل مع الثقافة بشتى فروعها وليس النقل الذي يحافظ عليه الكثير من المؤسسة الأزهرية ويقدمونه على العقل، وقد شنت المؤسسة الأزهرية هجومًا سابقًا على الوزير إبان أزمة عرض فيلم "نوح" بقيادة الشيخ محمد زكي، الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، حيث أبدى عصفور موافقته على تجسيد الأنبياء في الأعمال الدرامية، خلال حواره 29 سبتمبر الماضي على إحدى القنوات الفضائية، قائلا: "إن عصفور يريد إحداث فتنة في المجتمع المصري". وقال زكى، إن هناك رائحة كريهة تشتم من وراء الإصرار على تجسيد الأنبياء، فبعد أن قامت الدنيا ولم تقعد حول عرض فيلم النبي نوح، نرى وزير الثقافة يعلن موافقته على تجسيد الأنبياء في الدراما، على الرغم من تحريم ذلك من قبل هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، بينما أوضح جابر عصفور خلال حواره مع الإعلامي محمود الورواري ببرنامج الحدث المصري المُذاع عبر شاشة العربية الحدث مساء الاثنين 6 أكتوبر الماضي فيما يخص الرقابة على المصنفات الفنية، أن منع فيلم "حلاوة روح" جاء بقرار من رئيس الوزراء إبراهيم محلب، وليس بقرار من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية ، قائلًا: من الآن الجهة الوحيدة التي تسمح بعرض أو منع الأفلام "الرقابة على المصنفات الفنية" وليس أي جهة أخرى باعتبارها الجهة المسئولة قانوناً عن هذا الشأن، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف ليس له علاقة بمنع أو السماح بعرض أي من الأعمال الفنية.
وحول كلام الوزير على مناهج الأزهر فإن هناك الكثير من الانتقادات الموجهة لها عبر مقالات كتاب أو على صفحات التواصل الاجتماعي أو على الفضائيات المختلفة، ما أدى في النهاية إلى تصريحات من الأزهر تؤكد على تطوير المناهج وحذف المسائل الخلافية، وخلو المناهج الجديدة من التطرف حيث كشف محمد عبد العاطي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه تم تشكيل لجان لتعديل مناهج الأزهر منذ عامين قبل ما يشاع بشكل مغلوط في الإعلام عن تطرف مناهج الأزهر، ولكننا نطور المناهج كل عامين لنواكب العصر الذي نعيش فيه،  وأكمل عبد العاطي، خلال حواره ببرنامج الحياة اليوم مع الإعلامي عمرو عبد الحميد على قناة الحياة الفضائية في 7 نوفمبر الجاري، أن استمرار الأزهر على مدار هذه السنوات الطويلة دليل على أنه قائم على أسس سليمة، ودور الأزهر لم يغب أبدًا ويمارس دوره بمحاربة التطرف بكل الأشكال.
الدكتور أحمد كريمة
الدكتور أحمد كريمة
أما بخصوص تغلغل الإخوان والسلفيين في مؤسسة الأزهر فلم يخطئ  وزير الثقافة في هذا الصدد، حيث صرح من قبل أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، إن عناصر الإخوان موجودون في لجان الفتوى باعتبارها أحد فروع مؤسسة الأزهر المخترقة بعناصر إخوانية منذ فترات ممتدة، وتابع قائلًا إن "دليل ذلك واضح في التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها جامعة الأزهر من طلاب تم استقطابهم من أساتذة بالجامعة ينتمون لعناصر الإخوان المسلمين، وخرجت هذه العناصر إلى عالم الدعوة وفي خلفيتهم عقائد الإخوان".
وأضاف كريمة أن بروز هاشم إسلام أو عصام تليمة باعتبارهما عناصر إخوانية لا يمثل مكمن الخطر، فهناك قاعدة عريضة تعمل في الخفاء، وفقا لمنطق الإخوان في العمل السرى، بدليل أن وزارة الأوقاف تكتشف كل يوم عنصرًا إخوانيا في مساجدها، وآخرهم الداعية الذي رفض صعود المنبر تاركا إياه لعناصر إخوانية، وبالتالي يجب غربلة جميع الدعاة والوعاظ، وانتقاء العناصر الجيدة منهم، ونفي الباقين للأعمال الإدارية.
وأشار الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر، الشيخ علي أبو الحسن، إلى وجود سلفيين وإخوان بلجان الفتوى، وقال "برز بعضهم وكشف عن نفسه في الأحداث الأخيرة، والآخرون غير ظاهرين، وهم مكمن الخطر الحقيقي، وعلى الأزهر ممثلا في البحوث الإسلامية أن يضع عينيه في منتصف رأسه ليتابع ويراقب الشذوذ الفكري، وإن كان ذلك صعبًا من خلال المراقبة، ويمكن الاستعانة ببديل حضاري، من خلال إعلان الأزهر في وسائل الإعلام عن تلقيه شكاوى رواد لجان الفتوى عبر البريد الكتابي أو الإلكتروني، ليقوم بالتحقيق العاجل في مضمونها".
الشيخ عبد الحميد
الشيخ عبد الحميد الأطرش
وأوضح الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر، أن العناصر التي تتبع مذاهب فكرية سلفية يمثلون تحولًا واضحًا في منهجية التدين المصري، والضرر يكون عندما نجد أعضاء لجان الفتاوى ينعكس في فتاواهم آراء سيد قطب وحسن البنا، ويعكس السلفيون منهم آراء وفتاوى ياسر برهامي ومحمد المقدم والحويني ومحمد حسان ومحمود المصري. 
وأضاف أن هذا "الخطر غير مقصور على لجان الفتوى، بل على منبع تعليم أعضاء لجان الفتوى في الشهادات الإعدادية والثانوية، وفي التعليم الجامعي توجد عناصر إخوانية وسلفية تستغل الفراغ الفكري لدى الشباب وتملأه  بتلك الأفكار، ويخرج الشباب في غياب المراقبة من الجهات المسؤولة بالجامعة إلى المجتمع، فينشرون أفكار الإخوان والسلفيين بين المصريين على أنها الصواب، ويستخدمون الدين لخدمة الأشخاص، ويفتون بما يريده التنظيم وليس ما يريده شرع الله تعالى".
الشيخ علي أبوالحسن
الشيخ علي أبوالحسن
يذكر أن لجنة الفتوى بالأزهر هي إحدى اللجان التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، وتحديدا إدارة الوعظ، وتنتشر لجان الفتوى بالمحافظات المصرية، حيث يوجد بكل مسجد جامع لجنة تابعة للأزهر، بها أعضاء معتمدين في الإفتاء للجماهير، ورغم هذا لم تسهم تلك اللجان في التصدي لفوضى الفتاوى، حتى أن مقرها الرئيسي بالقاهرة لا يلجأ إليه الأفراد سوى للسؤال عن الطلاق والزواج والميراث.
لا شك أننا نؤمن بدور الازهر الشريف كصمام أمان أمام التيارات المتطرفة وبدوره الوسطي في خدمة الدين والمجتمع، رغم ذلك قد تعددت الأصوات من داخل الأزهر وخارجه، والتي تؤكد على أهمية مراجعة مناهجه والقيام بدوره ليس فقط الدعوي بل التنويري أيضا، وكذلك تنقية الازهر من هؤلاء المتطرفون الذين ما يزالون يسكنون جنباته.

شارك