الإخوان والحوثي.. تاريخ أسود من الصفقات على دماء الثورة اليمنية

السبت 29/نوفمبر/2014 - 02:54 م
طباعة الإخوان والحوثي..
 
الأحداث التي شهدتها اليمن في الفترة الأخيرة تسارعت بشكل غير مسبوق، خاصة بعد سيطرة الحوثيين شبه الكاملة على العاصمة صنعاء، وتمددهم باتجاه محافظات أخرى كالحديدة وإب.
ويبدو أن الحوثيين أصبحوا أسياد الموقف في اليمن، في الوقت الذي غابت فيه جميع القوى المدنية والإسلامية وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، المتمثلة في حزب "التجمع اليمني للإصلاح"، والسلفيون باتجاهاتهم التقليدية والحركية. 
الإخوان والحوثي..
مع تطور الأوضاع وخطورة الأمر، بدأ الإخوان في التفكير للوصول إلى طريقة يستعيدوا بها ما فقدوه من هيبة، وكذلك ما خسروه من نفوذ، بعدما تم الاستحواذ على منازل أبرز قياداتهم من قبل الحوثيين، فضلا عن الاستحواذ على مقارات الحزب، وبالفعل كشفت مصادر أمنية أن حزب التجمع اليمني الوطني للإصلاح "إخوان اليمن"، توصلوا إلى اتفاق تهدئة مع خصومهم التاريخيين الحوثيين، يقضي بوقف المعارك، والمواجهات المستمرة بينهما، في خطوة غير مسبوقة، وصفتها المصادر بالأولى بينهما.
ويخوض الحوثيون وحزب الإصلاح اليمني معارك منذ عدة أشهر في عمران وعدد من المحافظات، لكن عمر القتال بينهما يمتد لسنوات، منذ الحروب الـ6 التي خاضتها الدولة اليمنية مع الحوثيين، مطلع العقد الحالي.
وشهدت العلاقة بين حزب الإخوان وجماعة الحوثيين توترًا كبيرًا عقب سيطرة الأخيرة على صنعاء واقتحام مسلحيها لعشرات المقرات والمؤسسات والمنازل التابعة للحزب.
وقالت مصادر من داخل حزب الإصلاح: إن بعض قيادات الحزب اجتمعوا مع زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، في مقره بمحافظة صعدة، وتوصلوا إلى اتفاق لإنهاء المعارك، والتنسيق فيما بينهم لإنهاء الخلافات، وإطلاق المعتقلين، وإعادة ممتلكات الحزب، ودوره ومنازل قياداته التي استولى عليها الحوثيون خلال الأشهر الماضية.
 واتفق الجانبان أيضا على استمرار التواصل لإزالة كافة الخلافات، وبناء الثقة، والتعاون والتعايش واستشعار المسئولية الوطنية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة. 
الإخوان والحوثي..
وأكدت المصادر أن الموفد الدولي إلى اليمن جمال بنعمر، وأطرافا خليجية وإقليمية أسهمت في تقريب وجهات النظر، مشيرة إلى أن الرئيس عبد ربه منصور هادي تلقى أمس مكالمة هاتفية من أطراف خليجية أسهمت في إبرام الاتفاق.
إلى ذلك وجه الحوثيون الساعون لتوسيع نفوذهم في اليمن، ثقلهم العسكري نحو محافظة تعز، حيث باتوا على بعد بضعة كيلومترات من عاصمتها التي تحمل الاسم نفسه، في حين تضاربت الأنباء بشأن استيلاء الحوثيين على مطار المدينة الذي يبعد 18 كيلو مترا عن وسطها تعز، رغم نفي وزارة الدفاع لهذه الأنباء. وتشهد تعز عاصمة الثقافة اليمنية، والثغرة التي تربط الشمال بالجنوب، رفضا شعبيا لوجود ميليشيا الحوثيين، وقد رتبت الكثير من المنظمات لتنظيم فعاليات احتجاجية تندد بالتوغل الحوثي المسلح في المحافظة.
وحسب مصادر يمنية رفيعة فإن قافلة مؤلفة من 16 آلية تنقل نحو 200 عنصر مسلح بالرشاشات، توجهت إلى ضاحية مدينة تعز حيث انتشروا في منطقة غير بعيدة من المطار والإذاعة المحلية.
واستولى عناصر أنصار الله "الحوثيون" حتى الآن على عدد كبير من قرى غرب ووسط اليمن منذ سيطرتهم على صنعاء في 21 سبتمبر الماضي، لكنهم لم يدخلوا إلى مدينة تعز التي يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة وتبعد 250 كلم جنوب غربي العاصمة بموجب اتفاق مع السلطات المحلية. وقال مصدر قريب من أنصار الله: إن هذا الاتفاق لم يعد قائما؛ لأن السلطات المحلية لم تف بالتزاماتها باعتقال 14 متطرفا في محافظة تعز.
واستولى أنصار الله أول من أمس على مدينة القاعدة في محافظة إب المجاورة والمتاخمة لتعز، دون مقاومة كما أوضح مسئول محلي.
 وأضافت المصادر أن أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح ساعدوا الحوثيين على الوصول إلى الجند بضواحي تعز، حيث توجد ثكنة للحرس الجمهوري الذي ما زال عدد كبير من ضباطه يؤيدون الابن الأكبر للرئيس السابق الذي كان قائدا لفريق النخبة هذا.
علي عبد الله صالح
علي عبد الله صالح
من جانبه، بارك المؤتمر الشعبي العام، برئاسة الزعيم علي عبد الله صالح- التقارب الذي أعلن مساء أمس الجمعة، بين الإخوان وأنصار الله، بعد زيارة قام بها وفد إصلاحي إلى صعدة، ولقائه زعيم الجماعة السيد عبد الملك الحوثي.
وقال الناطق الرسمي باسم المؤتمر وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي، عبده الجندي: "إن المؤتمر الشعبي كان ولا يزال داعيًا إلى مصالحة وطنية لا يُستثنى منها أحد".. مضيفًا، "أن المصالحة الوطنية الشاملة تؤدي إلى اصطفاف وطني داعم للحكومة في تنفيذ سياساتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية".
واعتبر الجندي أن لقاء وفد الإخوان مع أنصار الله، خطوة في الاتجاه الصحيح تنقل التجربة الديمقراطية اليمنية من واقع الأزمات الناتجة عن الصراعات والحروب الدامية والمدمرة إلى واقع تتقدم فيه رحمة الخلاف على لعنة الكراهية والحقد.
في سياق مواز، قال قيادي بارز الحزب الإخواني، إن حزبه اتفق مع جماعة الحوثيين على فتح حوار لمعالجة التداعيات التي وقعت بعد دخول الحوثيين العاصمة صنعاء.
زيد الشامي
زيد الشامي
وأوضح زيد الشامي، رئيس الكتلة للحزب، أن حزبه اتفق خلال لقاء وفد تابع له مع عبدالملك الحوثي زعيم الحوثيين على بدء صفحة جديدة، وفتح حوار لمعالجة التداعيات التي حدثت بعد دخول الحوثيين صنعاء في سبتمبر الماضي.
ويُقصد بالتداعيات، الاعتداءات التي تعرضت لها مقرات ومنازل تابعة لحزب الإصلاح من قبل مسلحي الحوثي بعد دخولهم صنعاء. وتوقع الشامي أن تصدر توجيهات مباشرة من قبل عبد الملك الحوثي بمعالجة هذه التداعيات.
وقام الإخوان بالعديد من الصفقات من أجل فرض نفوذهم وسيطرتهم، حيث كان هناك مقترح يقضي بتقسيم اليمن إلى أربعة أقاليم ضمن دولة اتحادية، إضافة إلى قبول التمديد لفترة رئاسية ثانية للرئيس عبد ربه منصور هادي لمدة خمس سنوات كمرحلة تأسيسية للدولة الجديدة، وآنذاك ثار الجدل حول صفقة سياسية أبرمت بين هادي وتجمع الإصلاح "الإخوان المسلمين" تتضمن التمديد للرئيس، فقد أطاح اتفاق السلام والشراكة الوطنية بحكومة الوحدة الوطنية وأناط بالحوثيّين صلاحيات أمنية واسعة في مقابل تعليق اعتصاماتهم وحصاراتهم المسلّحة للعاصمة. 
فيما يبدو أن الإخوان يفكرون في مصالحهم المفقودة بعدما سيطر الحوثيون على ما يملكون، وأردوا العودة للمشهد السياسي من خلال مبادرة المصالحة معهم.

شارك