خبير ألماني لدويتشه فيله: يجب منع الجهاديين من مغادرة ألمانيا!
السبت 06/ديسمبر/2014 - 05:24 م
طباعة
الخبير الألماني في شئون التطرف والإرهاب بيتر نويمان الأستاذ في المركز الدولي للأبحاث حول التطرف والعنف السياسي في معهد كينغز في لندن يدق أجراس الخطر حول الجهاديين الألمان العائدين من سوريا، وما قد يشكلونه من تهديد لأمن البلاد؛ لذلك يدعو إلى منعهم من مغادرة البلاد والالتحاق بصفوف التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق.
السلطات الألمانية تتحدث عن حوالي 550 إسلاميا متطرفا غادروا ألمانيا للالتحاق بما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق. ما هي المخاطر المحتملة عند عودة هؤلاء الناس إلى ألمانيا؟
بيتر نويمان: هناك مخاوف من أن بعض هؤلاء العائدين قد يقومون بأنشطة إرهابية؛ ويعود السبب وراء ذلك إلى أن الأزمة قد أسهمت في تطرفهم أكثر. وهناك سبب آخر يكمن في أنهم قد اكتسبوا مهارات قتالية من خلال مشاركتهم في القتال على غرار صنع القنابل أو استخدام الأسلحة، كما أنهم طبعا- وخلال إقامتهم في سوريا- قاموا بربط علاقات وتكوين شبكات. هناك مخاوف أن يحدث في سوريا ما حدث في أفغانستان خلال الثمانينيات، حيث كانت هناك حركة كبيرة من قبل إسلاميين ذهبوا إلى هناك للقتال ضد الاتحاد السوفيتي. وبعد انتهاء الحرب عاد الكثيرون منهم إلى دولهم الأصلية، فيما فضل آخرون المشاركة في أزمات أخرى. بالإضافة إلى تطور آخر: وهو ظهور وتشكيل تنظيم القاعدة. وإذا ما نظرنا إلى 11 من سبتمبر عام 2001، فإن الأشخاص المسئولين والمدبرين لتلك العمليات الإرهابية شاركوا في القتال في أفغانستان في الثمانينيات، فمسيرة أسامة بن لادن الإرهابية بدأت كمقاتل أجنبي.
هل توجد إمكانيات لمواجهة المخاطر التي يشكلها هؤلاء الناس؟
برأيي أهم شيء هو منع هؤلاء الناس من مغادرة البلاد. وبالتالي، فإنه لا معنى من سحب جوازات السفر أو إسقاط الجنسية عن أناس متواجدين حاليا (في سوريا). نعم مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تزيد من تضييق الخناق عليهم. لكن من المهم منعهم من مغادرة ألمانيا. من المهم القيام بأعمال وقائية- وهذا لا يحدث حاليا بشكل كافي- لجعل السفر إلى سوريا أمرا أقل جاذبية. طبعا هذا أمر صعب، لكن هناك محاولات. فنحن نعرف مثلا أن كثيرين من المهتمين بالشأن السوري لا يذهبون إلى سوريا؛ لأنهم يعرفون أنهم سيتم استغلالهم، ويدركون أنه سيتعين عليهم القتال ضد سنة آخرين بدلا من محاربة نظام بشار الأسد أو الحكومة العراقية، وهذه حقيقة. هذا ما سمعناه من محاربين أجانب تحدثنا معهم. وهذا أمر يجب إشهاره حتى يعرفه الجميع. كما يجب إشهار حقيقة مفادها أن السوريين يرفضون التواجد الأجنبي في بلادهم ولا يُكنّون للمقاتلين الأجانب سوى مشاعر سلبية. إنها حجة قوية ويمكن توضيحها للمهتمين بالشأن السوري، والذين يريدون السفر إلى سوريا بحجة تحرير البلاد، بأن السوريين لا يريدونهم.
هل برامج العائدين من سوريا يجب أن تكون لرعايتهم أم لمراقبتهم؟
هناك مجموعات مختلفة من العائدين مثلما هناك دوافع مختلفة للذهاب إلى سوريا. وبالتالي فإن تجارب هؤلاء في سوريا مختلفة فيما بينهم. يمكنني تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات: هناك مجموعة تضم أولئك الذين يشكلون فعلا خطورة والذين يريدون القيام بأعمال جهادية إرهابية بعد عودتهم إلى ألمانيا. هؤلاء أشخاص يجب حماية المجتمع منهم. هؤلاء يجب ملاحقتهم قضائيا على الأقل جزئيا والزج بهم في السجن. ثم هناك أشخاص، وإن تراجعت لديهم الدوافع الأيديولوجية، إلا أنهم يعانون من صدمة نفسية جراء هذا الصراع. وهم أناس يعاني على الأقل جزء منهم من اضطرابات نفسية. طبعا يجب حماية المجتمع منهم ربما من خلال طريقة أخرى غير الملاحقة القضائية، مثلا من خلال العلاج النفسي أو الرعاية النفسية. وهناك مجموعة ثالثة نرى منها في الفترة الأخيرة أعدادا متزايدة وهم أناس مصابون بالإحباط. تجربتهم في سوريا كانت مختلفة تماما عما كانوا يتصورونه. مثلا أن يكونوا قد تعرضوا للرفض أو الاستغلال. أولئك الذين عادوا لا يريدون أن يقوموا بأي نشاط جهادي. المهم أن تقوم أجهزة الأمن في كل الدول الأوروبية بتطوير طرق تساعدها على معرفة من ينتمي لأي مجموعة. وبعدها يجب عليهم إعداد برامج محددة لكل مجموعة. هناك ومنذ فترة طويلة برامج لإعادة الإدماج وأخرى لمكافحة التطرف وغيرها في مختلف الدول الأوروبية. المهم ترك المجال للقائمين على برامج مكافحة التطرف لوضع البرامج وملائمتها لمتطلبات العائدين من سوريا.
تحدثت عن مختلف الدول الأوروبية، وإذا ما نظرنا إلى ألمانيا هل هناك هياكل مناسبة للتعامل مع العائدين من سوريا؟
هناك في ألمانيا برامج للمساعدة على الخروج من دائرة التطرف، والتي تم تخصيصها في البداية للنازيين الجدد والآن للإسلاميين المتطرفين. أرى أنها برامج جيدة ولكنها لم تحظ في الماضي بدعم الحكومة الألمانية كما كان يفترض. القائمون على مثل هذه البرامج يبذلون جهودًا جبارة ويريدون حقا فعل المزيد فيما يتعلق بالجهاديين العائدين من سوريا. ولكنهم بطبيعة الحال بحاجة إلى المال، وأعتقد أن هناك ضرورة ملحة لاتخاذ قرار سياسي بهذا الشأن.