خبير إماراتي لدويتشه فيله: الإرهاب لا يمكنه التخفي طويلاً خلف النقاب
الأربعاء 10/ديسمبر/2014 - 04:38 م
طباعة
في حوار مع دويتشه فيله يرى أستاذ العلوم السياسية عبد الخالق عبد الله أن حادث مقتل المدرسة الأمريكية من قبل منتقبة يجب ألا يضع النقاب موضع الاتهام، مؤكدا على أنه لا يمثل ربما أهل الإمارات، لكن لا ينبغي أيضا محاربته كليا.
أثار مقتل مدرسة أمريكية في أبو ظبي على يد منتقبة، زرعت أيضاً قنبلة أمام منزل طبيب أمريكي- الجدل حول النقاب وإساءة استخدامه. حول هذا الموضوع وتداعياته حاورت دويتشه فيله عربية الدكتور عبد الخالق عبدالله، الخبير الإماراتي وأستاذ العلوم السياسية.
بعد حادثة مقتل المدرسة الأمريكية على يد منتقبة، أصبح هناك جدل على الساحة حول استخدام النقاب بطريقة سيئة، فقد أصبح أداة لتنفيذ الجريمة، ما رأيك في ذلك؟
الدكتور عبدالخالق عبدالله: أعتقد أن قضية النقاب قضية هامشية جداً وينبغي أن نبتعد من الشكل إلى الجوهر، فالأهم في الموضوع ليس كونها منقبة أو غير منقبة، فهذه العملية ممكن أن يقوم بها أي شخص كان.
جوهر الموضوع هو أن هناك مواطنة إماراتية بائسة قامت بعمل جبان وحقير ضد مقيمة أمريكية. وأعتقد أن هذا هو جوهر القضية وليس موضوع النقاب من عدمه.
السلطات أعلنت أن قاتلة المواطنة الأمريكية قامت بـ"عمل إرهابي فردي". لكن ما هي برأيك دوافع هذه الجريمة؟
أعتقد أنها قصدت جنسية معينة وهي الجنسية الأمريكية؛ حادثة ضد معلمة أمريكية ثم انتقلت بعد ذلك لزرع قنبلة بدائية أيضا أمام منزل مواطن أمريكي، فالمقصود الجنسية الأمريكية. وأعتقد أن مثل هذه الأعمال الإجرامية تقع ربما ضمن بند العمل الإرهابي. بمعنى أنه انتقاء هدف مدني بعمل عسكري لتحقيق ربما هدف سياسي، فهذا الهدف يمكن يكون إجرامياً، يمكن يكون إرهابياً أو بين هذا وذاك.
وفي كلا الحالتين هو عمل جبان وحقير ولا يمثل الإمارات ولا شعب الإمارات. ولم نجد في تاريخ الإمارات التي عمرها 43 سنة أي استهداف للجاليات في هذه الدولة، التي كانت وستظل دولة آمنة.
وهل أصبح النقاب يشكل قلقاً أمنياً في رأيك؟
هناك ملايين من المنقبات في العالم، ولا يعني بالضرورة أن كل من تلبس النقاب ينبغي الآن أن تتهم بأنها إرهابية وكأن النقاب هو الآخر بات متهماً في حد ذاته. أعتقد أنه ينبغي أن نبتعد عن مثل هذا التوصيف، وهذا يشبه في تقديري من يقول إن الإرهاب في جله من يقوم به مسلمون وإن كل المسلمين- مليار مسلم وأكثر- هم إرهابيون. وأعتقد أنه ينبغي أن نبتعد عن مثل هذا التوصيف، ومرة أخرى أؤكد على أن النقاب في هذه الحالة هو شكل وينبغي ألا ننغمس فيه ونضيع الوقت كثيراً في موضوع أنها كانت منقبة، وبالتالي نتجاوزه إلى جوهر العملية، وليس إلى أن نتمسك ونركز على شكل المرأة التي قامت بهذا العمل الإجرامي.
هل معنى كلامك أن حكومة الإمارات قد لا تنوي اتخاذ أي إجراءات للحد من ارتداء النقاب في بعض الأماكن العامة للحيلولة دون حدوث مثل هذه الجريمة؟
لا اعرف الآن ما الذي ستتخذه السلطات الأمنية في الإمارات ولها الحق فيما تقوم به من أجل ضمان أمن الإمارات، ولكني أعتقد أيضاً أن الإمارات، حكومة وشعباً ودولة، تترفع عن التمسك بالشكليات ولن تتوقف عند ذلك.
واتضح أنه حتى ولو كانت منقبة من أعلاها إلى أسفلها فقد تمكنت الأجهزة الإماراتية من القبض عليها خلال 24 ساعة، فالنقاب ليس برادع والنقاب لا يمكن إخفاء المتهم طويلاً. كما يتضح أن الجهات الأمنية في الإمارات يقظة جداً وأنها مراقبة كل شبر في الإمارات، وكل متر في الإمارات مراقب بدقة وبأحدث التقنيات كأي المدن الكبرى في العالم مثل لندن ومدن أخرى مثل سنغافورة، بل إن الأجهزة الأمنية توظف التقنية في مدننا في الإمارات لضمان أمن الدولة أكثر من أي دولة أخرى في العالم اليوم.
إذا لم تقم الحكومة الإماراتية بأي إجراءات ضد النقاب، هل يعود ذلك نظراً لخصوصية المجتمع الإماراتي ولوجود منقبات في المجتمع؟
المنقبات عددهن قليل جداً، الإمارات معتدلة فكراً وسلوكاً. النقاب ربما يرمز إلى المغالاة والغلو في الشكل الإسلامي، كما توجد آراء تقول إنه أصلاً ليس بإسلامي، وإنما من العادات الموروثة وربما القادمة من خارج الإمارات. أهل الإمارات كلهم مسلمون معتدلون في فكرهم وفي قناعاتهم وفي سلوكهم والنقاب ربما لا يمثل أهل الإمارات، ولا ينبغي أيضاً بهذا المعنى محاربته كلياً على الأصعدة المجتمعية والأمنية أو السياسية.
بالنسبة لتوجه الإمارات مؤخراً لمحاربة الكثير من المنظمات الإرهابية أو الإسلامية المتطرفة على أرض الإمارات وخارجها، هل يمكن لحادثة النقاب أن تعتبر كرد فعل للتوجه الجديد للحكومة الإماراتية؟
بالعكس، فالإمارات كانت في حالة دفاع عن النفس، كل هذه الفترة لم تقم هي بالهجوم على الإسلاميين وتيار الإسلام السياسي أو الإخوان وإنما كانت خلال الفترة الماضية، الثلاث والأربع سنوات الماضية، تتعرض لهجمة من التيار الإسلامي وخاصة من جماعة الإخوان المسلمين، كما لم تتعرض له أي دولة عربية أو خليجية أخرى. فهي في حالة دفاع، هذه الجماعات حاولت أن تستهدف الإمارات وأن تتدخل في شئون الإمارات، وبدأ هذا الهجوم كبيرهم يوسف القرضاوي عندما تطاول على الإمارات، وقال: إنها تحارب الإسلام.
مثل هذه الصيحات سمعناها خلال هذه الفترة، فالإمارات كانت دائماً في موقع الدفاع عن النفس ولم تكن في موقع الهجوم على أحد، ولكنها منذ أن نشأت قبل 43 سنة حاولت أن تكون في مقدمة الدول التي تحارب الإرهاب وتحارب الغلو والتشدد، أياً كان شكله إسلاميا كان أو من أي أيديولوجية أخرى. في هذا السياق، لم تتغير الإمارات وستتحمل كل العبء والتكلفة والثمن المطلوب جراء تصدرها وجودها في مقدمة الدول التي تحارب الإرهاب.
ألا ترى أن هناك جدلاً في المجتمع الإماراتي حول النقاب بعد مقتل المدرسة؟
هو جدل مشروع مرحب به، فمجتمع الإمارات هو مجتمع يؤمن باختلاف وجهات النظر وأعتقد أنه أمر طبيعي وصحي، فهو مجتمع حر ويؤمن بحرية الآراء والأفكار. وبالتالي إذا كان هناك جدل بناء بشأن هذه الحادثة فأهلاً وسهلاً، وهو جدل صحي ونرى إلى أين سيستقر هذا الجدل.
أعتقد أن الجهات الأمنية والسياسية والقيادية تتابع هذا الجدل ولكن رأيها في النهاية هو الرأي الذي ينبغي أن يكون. أنا لست مع منع النقاب ولا مع التدخل في حريات الأفراد. إذ تكمن قوة مجتمع الإمارات في أنه يعطي أكبر قدر ممكن من الحرية للأفراد. الحرية المجتمعية والحرية الاجتماعية أحد أهم بنود استقرار الإمارات وأهم ما يميزها كدولة قدوة في المنطقة. وينبغي ألا نعبث بهذه الميزة وهذه السمة التي تميز الإمارات عن غيرها. الحرية الفردية متاحة للجميع والحرية الاجتماعية وجزء من الحرية هو أن يلبس المرء ما يود أن يلبسه.
إذا ما حصل وأصدرت الحكومة قانونا بخصوص النقاب، فهل تعتقد أن المجتمع الإماراتي قد يتقبل هذا الأمر، وأنه لن تحصل أي ردود أفعال خاصة من الجماعات الإسلامية المتشددة؟
هناك ثقة مطلقة في أي قرار تتخذه الحكومة، وإذا صدر قانون من هذا القبيل، فسيمر على أعضاء المجلس الوطني وسيُناقش وسيُعدل وسوف يُنظر فيه وسيقوم المجلس الوطني بوضع توصياته. والحكومة عادة ما تأخذ بهذه التوصيات، ولكنني في هذه اللحظة أستبعد أن يكون إصدار قرار ضد النقاب أولوية من أولويات حكومة الإمارات مهما كانت دوافع هذا القرار أو هذا التشريع.