"الإلحاد"۔۔ مصر الأولى عربياً في تقرير الإفتاء۔۔ تناقضات وأسئلة بلا إجابات

الأربعاء 10/ديسمبر/2014 - 10:32 م
طباعة الإلحاد۔۔ مصر الأولى
 
يعد الإعتراف الصادر من دار الإفتاء  بتزايد ظاهرة الإلحاد بين الشباب في الدول الإسلامية، خصوصا  دول المنطقة التي تمر بمتغيرات سياسية وإجتماعية كبيرة خطوة تستحق في حد ذاتها الاشادة ، فهي أفضل كثيرا من دفن الراس في الرمال كما هو معتادا في منطقتنا، التي  لا تعترف بالظواهر السلبية وترفع دائما شعارات من نوعية  (كله تمام ) و ( شبابنا بخير ) . هذا من ناحية التنبيه لتزايد الظاهرة .اما مضمون التقرير فقد اشار الي  أن تشويه الجماعات الإرهابية التكفيرية لصورة الإسلام من خلال تطبيق مفهوم خاطئ للإسلام، وتقديم العنف والقتل وانتهاك حقوق الإنسان على أنها من تعاليم الإسلام.من اسباب تزايد الظاهرة ( دون ان يذكر صراحة اسماء جماعات مثل الاخوان والسلفيين والقاعدة وداعش وغيرهم  ولا ندري سبب وجيها لهذا التجهيل )
كما اكد  تقرير دار الإفتاء إلى أن ظاهرة الإلحاد من الظواهر المعقدة التي تتداخل فيها العوامل الفكرية والنفسية والاجتماعية؛ ولذا فإن تحليلها والبحث في أسبابها يحتاج إلى جهد كبير وبحث دقيق من مختصين في الفكر والدين والفلسفة وعلم النفس والاجتماع
وكشف التقرير أن مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة وفرت لهؤلاء الشباب المغرر بهم مساحات كبيرة من الحرية أكثر أمانا لهم للتعبير عن آرائهم ووجهة نظرهم في رفض الدين، بعيدًا عن "التابوهات" التي تخلقها الأعراف الدينية والاجتماعية.

أنواع الملحدين :

أنواع الملحدين :
و رصد التقرير تصريحات لعدد من الملحدين الشباب الذين جاهروا بإلحادهم مؤكدين أنهم لا يعارضون الدين ولكنهم يرفضون استخدامه كنظام سياسي، داعين إلى فصل الدين عن الدولة، في حين رفض فريق آخر منهم الدين ككل، فيما ترك فريق ثالث الإسلام إلى ديانات أخرى.( من الغريب ان يعتبر التقرير ان التحويل الي دين اخر هو نوعا من الالحاد  .فهذا خلط فاضح بين الملحد والمرتد بالمعنى الديني ؟! )
ورصد التقرير أبرز الأسباب التي تدفع هؤلاء الشباب إلى الإلحاد، كان من أهمها أن الجماعات الإرهابية التكفيرية التي تنتهج الوحشية والترهيب والذبح باسم الإسلام صدرت مفهوماً مشوهاً لتعاليم الإسلام، ورسخت صورة وحشية قاتمة للدين، مما نفَّر عدد من الشباب من الإسلام ودفعهم للإلحاد.
كما لفت التقرير إلى أن من أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد الخطاب الديني المتشدد الذي تصدره التيارات الإسلامية المتزمتة التي تؤصل لأهم مشكلات التدين في العصر الحاضر وهي إشكالية الصراع بين الجوهر الروحي والخلقي الذي يمثل حقيقة الإسلام وبين القشرة الشكلية الخارجية التي تصلح أمارة وعلامة فقط على أن هذا الإنسان ينتمي إلى ذلك الدين ويمارس تلك الشعائر مشيرًا إلى أن هذه التيارات لا تعرف سوى التشبث بالأمور الشكلية التي قد تبعد الناس عن الدين.
أشار التقرير إلي دعوة الجماعات التكفيرية من خلال فهم مختل للولاء والبراء إلي كراهية الآخر لمجرد المخالفة في الديانة، فيكون من الطبيعي أن ينفر من هذا الكثير من أصحاب القلوب الطيبة والمحبة للآخرين، لأنهم يجدون هذا الأمر صعبا على النفس ومناقضًا لما فطره الله في قلوبهم من حب للآخرين الذين أحسنوا إليهم.( في سطور سابقة للتقرير المتناقض اعتبر التحويل الى دين الاخرين الحاد !)

تحذيرات

تحذيرات
من جانبه حذر د.إبراهيم نجم -مستشار مفتي الجمهورية- من خطورة استضافة وسائل الإعلام لغير المؤهلين وغير المتخصصين فى البرامج الدينية الذين غالبا مت يتعمدون الإساءة فى توصيل المعلومة الدينية الصحيحة مما يؤدي بدوره إلي حدوث بلبلة في الأفكار واختلال في المفاهيم 
وحول انتشار ظاهرة الإلحاد في العالم العربي والإسلامي، أكد مستشار مفتي الجمهورية أن دراسة هذه الظاهرة ليست بالأمر الهين، ويكتنفها مجموعة من الصعوبات المنهجية التي من أهمها انخفاض معدلات الاستجابة لاستطلاعات الرأي الميدانية؛ إذ إن من يعترفون بإلحادهم هم أقل بكثير من العدد الحقيقي الموجود؛ لذلك فإنه عند تقديم الأرقام حول نسب الملحدين في عدد من الدول تكون النسب في أغلب الأحيان نسبا تقريبية.
وأوضح نجم أن عدداً من الدراسات والإحصاءات أظهرت أن الإلحاد – في السنوات الأربع الماضية –قد شهد نشاطا كبيرًا فسرعان ما ظهرت عشرات المواقع الالكترونية على الانترنت تدعو للإلحاد وتدافع عن الملحدين.. في مقدمة هذه المواقع الالكترونية “الملحدين المصريين” و”ملحدون بلا حدود” و”جماعة الإخوان الملحدون” و”مجموعة اللادينيين” و”ملحدون ضد الأديان”. كما ظهرت مواقع شخصية للملحدين، جميعها بأسماء مستعارة فظهر “ملحد وأفتخر” و”ملحد مصري”، و”أنا ملحد”.وتعليقا على تصريحات الشيخ ابراهيم  نجم مستشار المفتي يمكن ان نلاحظ الاتي 
اولا- القاء مسئولية انتشار الالحاد على وسائل الاعلام نوعا من الهروب من مواجهة المشكلة .فالازهر الشريف يستخدم وسائل تعليم واعلام ومع ذلك لم يستطيع ان يقدم معالجة جيدة للقضية او التحاور باسلوب يتناسب مع عقلية الشباب .وكانت مجلة الازهر قد قامت بتوزيع كتاب بعنوان ( وهم الالحاد ) كهدية مجانية مع المجلة للدكتور عمرو شريف .والكتاب اكل التهم للشباب الملحدين واعتبارهم شباب سذج وسخر منهم واستخف بهم وبعقولهم .فلم يؤدى. رسالته المقصودة بل تسبب في المزيد من نفور الشباب من المؤسسة الدينية ولم تكن وسائل الاعلام طرفا في الموضوع 
ثانيا – كان من الجيد ان يشير الشيخ ابراهيم لغياب الارقام التي تخص الملحدين .لاننا في مجتمعات سرية تعشق الكتمان ولايوجد بها شفافية معلوماتية .لذلك فليس من المعقول ان نصدق الارقام التي جاءت بالتقرير منسوبة  لمعهد “جلوبال” الذي قال إن مصر بها 866 ملحدًا، ورغم أن الرقم ليس كبيرًا إلا أنه الأعلى في الدول العربية فليبيا ليس بها سوى 34 ملحدًا، أما السودان ففيها 70 ملحدا فقط، واليمن فيها 32 ملحدًا، وفي تونس 320 ملحدا وفي سوريا 56 ملحدا وفي العراق 242 ملحدا وفي السعودية 178 ملحدا وفي الأردن 170 ملحدا وفي المغرب 325 ملحدا. فهذا يتناقض مع مجرد الرصد الانطباعي لحلقة نقاشية أجرتها “هيئة الإذاعة البريطانية” على موقع التواصل الاجتماعي ” تويتر” تحمل عنوان “لماذا نرفض تطبيق الشريعة الإسلامية” وقد تجاوب معها خمسة آلاف تغريدة في يوم واحد، حيث تركز النقاش حول ما إذا كانت الشريعة الإسلامية مناسبة لاحتياجات الدول العربية والنظم القانونية الحديثة. واستطرد تقرير دار الإفتاء – أن أغلبية المشاركين جاءوا من مصر والمملكة السعودية، حيث عبر الشباب المشارك عن أسباب رفضهم للشريعة الإسلامية، وأشار أكثرهم إلى ما ترتكبه الجماعات المتشددة والمتطرفة من انتهاكات باسم الإسلام من قتل، وسبي ، وانتهاك لحقوق الإنسان، وامتهان المرأة كبيرة وصغيرة، وأن هذه الجماعات تصدر نسخة إسلامية تقمع الحرية وتمتهن الكرامة.

المواجهة

ولمواجهة انتشار ظاهرة الإلحاد، قدم تقرير دار الإفتاء عدداً من الاقتراحات من أهمها أن نجعل المنهج الوسطي الذي يدعو إليه الأزهر الشريف ثقافة عامة تشيع في مناهج التعليم والإعلام.(وهذه التوصية تخلو من المصارحة التي جاءت في مؤتمر مكافحة الارهاب الذي عقده الازهر .وطالب الكثير من الحضور بتغير مناهج الازهر التي تنتج جيل متشدد وانتماءات عديدة للجماعات التي حذر منها التقرير وواضح من مظاهرات الطلبه والطالبات في الازهر من اجل الاخوان خطورة هذا الامر .ومن ناحية اخري هناك حالة من غياب الجاذبية من الدعاة المنتمين للازهر بعكس الدعاة الجدد الامر الذي يتطلب تجديد في الشكل والمضمون )
وشدد التقرير علي أهمية عمل برامج متخصصة تقوم على مناقشة الأفكار التي تطرأ على عقول الشباب مع احترام تلك الأفكار ومناقشتها بهدوء ورفق وطرحها أيضا للمناقشة والرد من قبل متخصصين من علماء الدين والاجتماع والنفس والفيزياء
أشار التقرير أيضاً علي ضرورة التنسيق بين المؤسسات الدينية المعنية ببيان صحيح الدين – وهي الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف – لتطوير وسائلها للوصول إلى قطاعات الشباب والتواصل معهم واحتوائهم وعدم تركهم فريسة لتلك الجماعات المتطرفة التي تخالف الشريعة الإسلامية في أهدافها ومعتقداتها.
تابع التقرير أنه لابد من بذل مزيد من الجهود لحماية الشباب وتحصينهم ضد تلك الأفكار المتطرفة والآراء المتشددة التي تبتعد كل البعد عن وسطية الإسلام وسماحته.
لفت التقرير إلي ضرورة العناية بالرسوخ العلمي والخطاب العقلي الذي يناقش تفاصيل القضايا العقدية والفكرية القديمة والمعاصرة.
واقترح التقرير أيضاً تجديد الخطاب الديني ليتفاعل مع الواقع المعاصر بعيدًا عن نقل قصص وروايات مكذوبة لم تثبت ونشرها بين الناس مظنة أنها ستزيد في إيمانهم على حين قد تكون النتيجة هي العكس.
واختتم التقرير توصياته أن على عالم الدين أن يضع عينًا على الشريعة وعينًا أخرى على الواقع، ذلك أن البعد عن الواقع والتمسك بالقشور التي لا تعد من جوهر الدين كان سببا في نفور الشباب وابتعادهم عن صحيح الدين.
واخيرا تعامل التقرير مع الظاهرة من منطلق انها امر اسلامي بحت في حين انه استشهاد بالارقام  التي  تصف حال المصريين ككل وليس المسلمين فقط .فكان من الافضل ان يشارك في كتابته وتوصياته معنيين من الكنيسة المصرية .التي تحتاج ايضا الي نفس التوصيات والمصارحة لمواجهة ظاهرة الالحاد بين الشباب من المسلمين والمسيحين على السواء.

شارك