داعش يواصل تمدده.. وتحذيرات من مخاطره على المنطقة العربية
الأحد 14/ديسمبر/2014 - 01:32 م
طباعة
مع مواصلة العمليات الإرهابية التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، "داعش"، يبدو أن خطر التنظيم أصبح يشكل تهديدا حقيقيًّا للمنطقة العربية بأكملها، بالأخص في ظل التحذيرات الدولية التي تؤكد على خطورة تمدده بشكل سريع في بعض الدول، وتشهد سوريا والعراق استحواذا من قبل "داعش" على أراضيها، ومع التهديدات التي تشهدها المنطقة، حذّر المنسق الأمريكي للتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، الجنرال المتقاعد "جون آلن"، من أن التنظيم قد يتمدد إلى لبنان والأردن والسعودية وتركيا، موضحًا أن الولايات المتحدة شرعت في بناء مراكز تدريب للمعارضة السورية "المعتدلة" في عدد من دول المنطقة.
جون آلن
وكشف آلن، أمام مركز "وودرو ويلسون"، في واشنطن، أن المسئولين الأمريكيين يراقبون عن كثب تمدد "داعش" خارج سوريا والعراق، في الوقت الذي يحاول فيه التحالف سحق داعش في هاتين الدولتين، قائلا: نراقب عن كثب مجموعات قد تقسم يمين الولاء للبغدادي، وهو أمر سيؤدي إلى تمدّد التنظيم إلى مناطق قد تصل إلى شرق آسيا.
وأضاف: علينا أن نكون منتبهين، من خلال وسائل الإعلام وطرق التواصل الأخرى، لتمدد داعش خارج سوريا والعراق، نحن متيقظين للوضع في السعودية والأردن وبالتأكيد نراقب الوضع في تركيا ولبنان عن كثب.
وأعلن الجنرال الأمريكي أن التحدي الأكبر يتركز حول كيفية منع المقاتلين الأجانب المتشددين من شن هجمات في بلادهم أو السفر إلى سوريا والعراق، مكرراً أن المقاتلين الأجانب سيمثلون تهديداً للولايات المتحدة "لوقت طويل"، لكنه أشار إلى أن حلفاء الولايات المتحدة حول العالم يقومون بخطوات رئيسية ضدهم.
وبعدما أشار إلى أن القوات العراقية، وبعد انطلاق عملية تدريبها قريباً، ستقلب النتائج وتسترد الأراضي التي سيطر عليها "داعش"، أعلن أنه يتم العمل مع المعارضة السورية "المعتدلة" ليس فقط سياسياً بل على الأرض أيضاً.
وقال: "لقد بدأنا ببناء مراكز تدريب للمعارضة السورية المعتدلة في المنطقة. ونحن نتلقى دعماً من "الكونغرس" لهذا الأمر، لكن هناك مشكلة بشأن هذا الأمر، ففي حين لدينا شريك سياسي وعسكري في العراق، فإن علينا، في القضية السورية، تحديد مَن هم الشركاء وتدريبهم. هذا هو التحدي الذي نواجهه، وقد بدأنا أخيرا القيام بهذا الأمر.
ورداً على سؤال بشأن مطالبة تركيا بإقامة منطقة "حظر جوي" في سوريا، وعمّا إذا كانت واشنطن ستضرب القوات السورية إذا استهدفت المسلحين، قال آلن: "المحادثات مع الأتراك كانت بناءة، لكني لن أكشف عنها.
الوضع على الأرض في سوريا معقد جداً، ونحاول عبر المباحثات مع الأتراك التوصل إلى نقاط متفق عليها. لقد بدأت المباحثات بشرط تطبيق منطقة "حظر طيران"، لكن طبيعة المحادثات تغيّرت الآن" من دون تحديدها.
وتابع: "لا نزال نبحث كيف ستتغير الحملة العسكرية في سوريا، وكيفية دعم المسلحين المعتدلين على الأرض اليوم".
وحول دعم سعوديين لـ"داعش" في العراق وسوريا، قال "آلن": "نعمل مع الحكومة السعودية عن كثب من أجل خفض، وحتى إنهاء، دعم السعوديين لمثل هذه المجموعات. إن الطيران السعودي يسهم في العمليات الجوية ضد "داعش" في سوريا، وهم كانوا يساعدوننا جداً، ليس فقط لتوجيه ضربة لـ"داعش"، إن كان عبر رجال الدين أو إعلامياً، بل إنهم يساعدوننا أيضاً في تدريب المعارضة السورية المعتدلة وتقديم الأسلحة لهم".
وفيما يبدو أن الخطر الحقيقي من تنظيم "داعش"، بدأ يظهر عقب توغله من مدينة إلى أخري، فمن سوريا إلى العراق وصولا بليبيا والسعودية.
التنظيم الإسلامي منذ ظهوره، أعلن سيطرته الكاملة على محافظة الموصل والتي تعد من أكبر المدن العراقية، تبعها سيطرة كاملة على الأنبار، ويقاتل الآن الحكومة العراقية، للسيطرة على مدينة الرمادي.
يأتي انتشار التنظيم عن طريق نشر الفكر وتجنيد الشباب الصغير الذي تؤمن بأفكار "داعش"، حيث يجتذب العديد من المؤيدين وخصوصا الشباب في الأوساط الراديكالية في ليبيا والسعودية ولبنان والكويت، إذ أصبحت مدينة درنة التي تحولت إلى إمارة إسلامية أول موطئ قدم له في ليبيا ومعقلاً لأنصاره كما يرى خبراء.
بعض المحللين والمراقبين يعتبرون، أن مدينة درنة معقلاً تاريخياً فعلياً للمتشددين في ليبيا، خصوصاً أن جماعات منها أعلنت تأييدها تنظيم "داعش" على غرار جماعات متطرفة أخرى في شمال إفريقيا من بينها جماعة جند الخلافة في الجزائر وأنصار بيت المقدس في مصر.
وفي أواخر الشهر الماضي، أعلن أبوبكر البغدادي في "رسالة صوتية" أن "الدولة الإسلامية" التي يتزعمها تمددت لتشمل عدداً من الدول من بينها ليبيا.
وقال البغدادي: "نبشركم بتمدد الدولة إلى الحرمين واليمن ومصر وليبيا والجزائر وإعلانها ولايات جديدة للدولة الإسلامية"، معلناً عن حكام على رأس هذه "الولاية الجديدة للتنظيم".
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011، احتلت مدينة درنة ومعظم بنغازي، ثاني أكبر مدينة، من قبل الجماعات المتطرفة وبخاصة أنصار الشريعة التي اعتبرها مجلس الأمن الدولي الأربعاء جماعة إرهابية.
من جانب آخر بدأ يظهر التنظيم في المملكة العربية السعودية، عن طريق الشباب، يأتي ذلك عقب تصريحات وزارة الداخلية السعودية الأخيرة بأن منفذي الاعتداء على الأقلية الشيعية في منطقة الإحساء بالمملكة أوائل الشهر الجاري مرتبطون بتنظيم "الدولة الإسلامية"؛ الأمر الذي قد يشكل نقلة نوعية في سياسة الرياض باتجاه التصعيد ضد التنظيم إقليميا ودوليا.
تعلم الرياض أن التهديدات التي قد تنبع عن داعش تفوق تلك التي عانت منها المملكة بفعل هجمات تنظيم القاعدة سابقا، وذلك لشراسة التنظيم في تنفيذ مخططاته كما يتضح من المعارك على الأرض في العراق وسوريا.
شرعت السعودية ببناء سياج للسيطرة على الحدود الشمالية مع العراق ومنع أي مخاطر محتملة.
وفي الكويت، وجد حاجز حدودي بين الكويت والعراق تم عمله بعد حرب الخليج لوقف تكرار غزو الكويت مرة أخرى من العراق، وهو مزود بأسلاك شائكة وحراسات مشددة، كما أن له حواجز معدنية قام بعض العراقيين قبل عدة سنوات بمحاولة لاقتلاعه.
التخوف الخليجي من خطر تمدد داعش، بات يسيطر على أنحاء المنطقة، حيث يعتبر أقوى وأغنى تنظيم إرهابي على وجه الأرض، وكذلك أن التنظيم لديه إمكانيات طائلة يستطيع من خلالها الوصول إلى دول أخرى من خلال توغله عبر الحدود بسوريا والعراق.
الأمر الآن في يد التحالف الدولي الذي يشن هجماته على التنظيم لقتاله وإنهائه من على وجه الأرض؛ لأن غرض التحالف الأول والأخير هو منع تمدد التنظيم إلى دول أكثر، ولذلك لا بد من المواجهة باستراتيجية مختلفة عما كانت سابقًا من قبل دول التحالف، أو الحرب برًّا كما أعلنت تركيا من قبل ودخول الدول التي تنضم في التحالف، وإلا فإن التنظيم الإرهابي سيتوغل إلى معظم الدول عربية وأوروبية، ولن يستطيع أحد ملاحقته.