الإرهاب في ليبيا.. من المستفيد من إحراق البلاد؟

الثلاثاء 30/ديسمبر/2014 - 01:35 م
طباعة الإرهاب في ليبيا..
 
في ظل تصاعد الأحداث التي تشهدها ليبيا على مدار المرحلة الماضية، شهدت البلاد العديد من الأحداث المؤلمة والتي أدت إلى اشتعال وتيرة العنف يوما بعد يوم، وقد يؤدى ذلك أيضا إلى المساس بالدول المجاورة وبالأخص في ظل الحريق الذي التهم أكبر مصافي النفط الليبي في مرفأ "السدرة".. العديد من التساؤلات عن هو المستفيد الحقيقي من هذا، وضد من؟
الإرهاب في ليبيا..
مراقبون يرون أن المستهدف الحقيقي هي ليبيا نفسها وشعبها دون غيرهم، وأن كل ما يحدث عن طريق ميليشيات مَن يطلقون على أنفسهم "فجر ليبيا".
ويؤكد المراقبون أن الأهم في هذه المرحلة هو السعي الحقيقي لتوقف كل هذا العدوان الذي حتمًا سيتسبب في فجوة عميقة على الأراضي الليبية تقضي على مستقبلها بصفة عامة، وهو الأمر الذي لا يمكن السكوت عليه.
ويبدو أن الوضع القائم، وحالة الهرج والمرج التي وصلت إليها ليبيا، تتطلب حاليًا سعيًا عربيا مشتركا ضد كل أشكال الإرهاب والتدمير وأوجه الدعم المختلفة التي تقدم لهم، سواء من داخل الإقليم أو من خارجه. 
ومن الواضح أن ميليشيات "فجر ليبيا" تركز في الوقت الحالي على استهداف منشآت الطاقة بصورة متزايدة.
ويرى خبراء أنه يجب في نفس الوقت الوقوف إلى جانب السلطة الشرعية هناك؛ حتى تتمكن بالدعم العربي والاستقطاب الدولي المدروس من معالجة هذا الوضع المؤلم وإعادة الاستقرار إليها.
كما توقع مراقبون أن يؤدي استمرار الحرائق في أكبر مرفأ ليبي لتصدير النفط إلى وقف هبوط أسعار النفط وحتى الإسهام في رفعه. 
من المعروف أنه خلال اليومين الماضيين ومنذ الحريق التي شهدته المنطقة، امتدت النار حتى الآن إلى سبعة خزانات ضخمة حيث اندلعت الحرائق بعد معركة بين قوات الحكومة الليبية وميليشيات "فجر ليبيا" الإسلامية. 
من جانبها أعلنت الحكومة الليبية، مساء أمس الاثنين 29 ديسمبر 2014، تمكنها من إخماد النار في أربعة خزانات، حيث أوضح عدد من المسئولين أن الحرائق أتت على 850 ألف برميل من النفط الخام. 
وتزيد طاقة الخزن في مرفأ السدرة على 6 ملايين برميل وهو من أكبر مراكز التصدير في شمال إفريقيا، وكان سعر نفط برنت هبط الأسبوع الماضي إلى 59.45 دولارا للبرميل.
الإرهاب في ليبيا..
فيما أشار بعض المحللين إلى أن الخوف من عدم إمكانية الركون إلى الإمدادات الليبية بسبب الحرائق يمكن أن يُسهم- إذا استمرت- في رفع سعر النفط إلى أكثر من 60 دولارا للبرميل هذا الأسبوع.
وكان النفط فقد نحو 45 في المئة من قيمته منذ يونيو الماضي، وتزامن هبوط سعره مع عودة كميات كبيرة من النفط الخام الليبي إلى السوق. 
ولكن إمداد المصافي الأوروبية بالنفط الليبي كان ينقطع بين حين وآخر بسبب الأوضاع الأمنية منذ سقوط نظام القذافي عام 2011. 
وكانت ليبيا أكبر منتج للنفط في إفريقيا بلغ متوسط إنتاجها 580 ألف برميل في اليوم خلال نوفمبر الماضي بالمقارنة مع 1.59 مليون برميل في اليوم عام 2010، بحسب أرقام بلومبرغ.
وتعين على ليبيا أن تغلق في وقت سابق من ديسمبر حقل الشرارة الذي يعتبر من أكبر الحقول النفطية في ليبيا؛ بسبب الاشتباكات التي اندلعت بين قبائل متنازعة في صحراء مرزوق المتاخمة للحقل. 
في هذه الأثناء ناشدت الحكومة الليبية المجتمع الدولي إرسال فرق إطفاء للتعامل مع الحرائق التي اندلعت، إثر سقوط صواريخ أطلقتها ميليشيات فجر ليبيا الإسلامية على الخزانات العملاقة في السدرة يوم الخميس الماضي. 
من ناحيته دعا المتحدث باسم غرفة العمليات العسكرية في منطقة الهلال النفطي علي الحاسي، إلى إرسال فرق إطفاء أجنبية، قائلا: الحكومة الليبية تحاول إخماد الحريق "ولكن قدراتنا محدودة".
في سياق متصل، أعلنت الحكومة الليبية الموقتة أنها وافقت على عرض قدمته شركة أمريكية متخصصة في إطفاء حرائق النفط، لإطفاء حريق مرفأ السدرة النفطي مقابل ستة ملايين دولار، ولم تشترط الشركة الأمريكية وقف إطلاق النار للبدء في العمل.
وقالت الحكومة في بيان عقب اجتماع طارئ استمر حتى ساعة متأخرة اليوم الثلاثاء، إنها ناقشت عرضًا من إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة في إطفاء حرائق النفط تضمن استجلاب معدات ومواد خاصة واختصاصيين والبدء في إطفاء الحرائق خلال فترة لا تزيد على خمسة أيام من بداية التكليف.
وأضافت أن العرض تضمن إبقاء المواد والمعدات المستجلبة لإطفاء الحرائق في ليبيا بعد إتمام العمل، ليتم استخدامها عند الحاجة إليها، مع تدريب بعض العناصر الوطنية على استخدامها.
الإرهاب في ليبيا..
وأكدت حكومة عبدالله الثني، في بيانها أنه نظرًا إلى أهمية العمل على سرعة إطفاء هذه الحرائق- أعطى المجلس الإذن بالموافقة على العرض، وأمر بالبدء في التنفيذ فورًا.
 وأعلنت القوات الحكومية الليبية أن أحد خزانات النفط الثلاثة التي تشتعل فيها النيران في مرفأ السدرة في منطقة الهلال النفطي انصهر، وسالت منه الحمم النفطية المشتعلة، ما يهدد في ظل رداءة الطقس باحتراق جميع خزانات النفط في المرفأ.
وكانت اندلعت النار في أول صهريج الخميس جراء قذيفة صاروخية أطلقتها ميليشيات "فجر ليبيا" من زورق بحري باتجاه المرفأ، ثم امتدت غلى الخزانات المجاورة. 
ويخشى جهاز السلامة في السدرة من تسرب النيران إلى خزانات أخرى وتكرار سيناريو حرق خزانات المحروقات بمطار طرابلس الدولي خلال الاقتتال بين لواء القعقاع ومليشيات فجر ليبيا الذي انتهى بكارثة بيئية وطبيعية وأجبر مئات العائلات على مغادرة منازلها.
 ورغم تأكيدات الجيش المتتالية وكذلك قيادات حرس المنشآت النفطية من أن الوضع تحت السيطرة في مناطق الهلال النفطي، إلا أن مصادر من سرت أكدت أن عملية الشروق تعد العدة للدخول إلى ميناء السدرة الاستراتيجي في أجل أقصاه الثلاثاء القادم، سيما بعد وصول تعزيزات عسكرية وأسلحة نوعية جديدة بينها القاذف الرباعي لصواريخ الغراد ذي القدرة التدميرية الهائلة.
 وأضافت المصادر أن إمكانية فتح جبهة جديدة انطلاقا من مدينة إجدابيا تبقي أحد السيناريوهات المطروحة بحسب سير المعركة ضد الجيش وقوات حرس المنشآت النفطية.
وأدانت الأمم المتحدة الهجوم على منطقة الهلال النفطي، وأكدت الحكومة الليبية، في بيان لها أن العمليات التي يقوم بها سلاح الجو دفاعية شرعية، وتهدف إلى حماية المدنيين ومقدرات الشعب من هجمات الجماعات الإرهابية.
وشددت الحكومة على مطالبتها بتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 2174، القاضي بملاحقة الكيانات والأفراد، التي تهدد الأمن والاستقرار في ليبيا، وتعرقل نجاح الحوار السياسي، وتهاجم المرافق والمؤسسات الحكومية.
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أدانت على مدى يومين الهجمات على الهلال النفطي، والغارات الجوية التي استهدفت مدينة مصراته، معتبرة أن هذه الهجمات وغيرها في كل أنحاء ليبيا لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الأمني، ولن تساعد على إنهاء القتال.
الإرهاب في ليبيا..
ومنذ الهجوم الذي بدأته ميليشيات "فجر ليبيا" في 13 ديسمبر الجاري على الهلال النفطي، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حالة القوة القهرية على مرفأي "السدرة" و"رأس لانوف" اللذين كانا يصدران نحو 300 ألف برميل يوميًّا.
وتضم منطقة الهلال النفطي، مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت 500 كم شرق العاصمة، وتتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس تحوي المخزون الأكبر من النفط، إضافة إلى مرافئ "السدرة" و"راس لانوف" و"البريقة" الأكبر في ليبيا.
وأوقفت المؤسسة العمل في المرفأين؛ مما تسبب في تراجع إنتاج النفط إلى نحو 350 ألف برميل يومياً، مقابل 800 ألف برميل قبل اندلاع الأزمة.
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط قد قالت في بيان عقب الأزمة: إن الصراع الدائر في البلاد يؤشر إلى احتمال الانزلاق نحو نفق مظلم؛ حيث المجهول، ما لم يتم تحييد قطاع النفط "قوت كل الليبيين" عن هذه الصراعات وإلى الأبد.
ويرى محللون أن ما يحدث يشكل منعرجا في الصراع المسلح.
في ذات السياق كثفت دول داعمة لفجر ليبيا من مساعداتها، واتهمت حكومة الثني دولا بعينها بوصول ذلك الدعم لفجر ليبيا وبسبب سياسة المكيالين تصبح إمكانية دخول فجر ليبيا للموانئ النفطية واردة ومستجدات الحرب على تلك الموانئ قد تنسف الحوار بين الفرقاء المرتقب في 5 يناير المقبل، ويؤشر ذلك لاندلاع حرب أهلية لا أحد يتكهن بعواقبها وتداعياتها قد تفتح الباب أمام تدخل خارجي تحت غطاء حماية المدنيين وثروة النفط.
فيما قال صلاح بادي عضو المؤتمر الوطني السابق وقائد إحدى الميليشيات بفجر ليبيا إنه في حال تدخل وتواجد قوات أجنبية ستعلن فجر ليبيا عن حل نفسها.
 وعن انضمام عناصر أجنبية في صفوف فجر ليبيا أكد صلاح بادي تواجد هؤلاء، وأن عددا منهم يعتنقون فكر "داعش" سواء في مدينة درنة أو غيرها من المناطق، متهمًا حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة عمر الحاسي، المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، بالضعف واستغلال حالة الطوارئ لتحقيق مصالح شخصية.
والسؤال الآن هو من يحارب من في ليبيا؟ ومن المستفيد؟ وماذا يريد كل طرف؟ من المعروف أن نظام القذافي ما زال له ذيول عديدة، فرئيس المجلس الانتقالي الحالي كان وزير العدل في حكومة القذافي، ورئيس الحكومة أو المكتب التنفيذي كان أمين مجلس التخطيط في نظامه، ونائب رئيس الأركان كان أحد رموز مواجهة احتجاجات الطلاب في سبعينيات القرن الماضي، وكانت النتيجة أن حكومتي الثورة والقذافي ظلتا تعملان جنبا إلى جنب، وهذا التشكيل العشوائي للسلطة ظل عاجزا عن استيعاب الثوار، خصوصا في المنطقة الشرقية التي ظل ضباط القذافي يتحكمون في إدارة أجهزتها.

شارك