بعد إعلانها "التعبئة الشاملة"... هل تكون بداية ناجحة لليبيا لمواجهة الإرهاب؟

السبت 03/يناير/2015 - 12:47 م
طباعة بعد إعلانها التعبئة
 
في ظل انتشار العناصر المسلحة على الأراضي الليبية، باتت ليبيا منبع الميليشيات والإرهاب في الوقت الحالي، وبالأخص عقب الهجوم الذي تشنه جماعة "فجر ليبيا" الإرهابية، والتي أدت إلى فوضى عارمة قادت البلاد إلى طريق "مظلم" لا نهاية له.
وتتوسع العناصر المسلحة في أنحاء المناطق عقب السيطرة على العاصمة "طرابلس"، وفي محاولة منها للانتشار بدأت عناصر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في شن هجومها على الجيش، حيث قتلت نحو 14 جنديًّا أمس الجمعة.
الأمر لم يقف عند حد انتشار الميليشيات والسيطرة على المناطق الليبية، بل انتشرت أيضا ظاهرة الاختطاف للعمال المصريين هناك وكذلك الحرائق والذي كان آخرها حريقا التهم أكثر من 1.8 ملايين برميل من النفط في مرفأ "السدرة".
بعد إعلانها التعبئة
من المعروف أن ليبيا تشهد انقسامات في حكومتها وبرلمانها وكذلك جيشها، فهناك حكومة مؤقتة معترف بها دوليًا بقيادة عبد الله الثني، فضلا عن وجود حكومة بقيادة عمر الحاسي محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، وكل من الحكومتين تتخذ مقرًّا لها حسب رؤيتها؛ حيث تتخذ حكومة الثني ومجلس النواب المعترف بهما دوليا من طبرق مقرا لهما، فيما تتخذ حكومة الحاسي والمؤتمر الوطني العام البرلمان المنتهية ولايته من طرابلس مقرا لهما.
ويبدو أن تنظيم "داعش"، بدأ يلاحظ ضعف ليبيا في مواجهة الميليشيات المسلحة، في محاولة منه للدخول وفرض سيطرته على البلاد في ظل الفوضى الحالية.
وكانت الميليشيات قامت بالعديد من عمليات الاختطاف للعمال المصريين والتي كان آخرها اختطاف 13 عاملا مصريا قبطيا، على أيدي جماعة "أنصار الشريعة" المتشددة، في مدينة سرت، شمالي البلاد، اليوم السبت.
ويأتي هذا الحادث بعد أسبوع من العثور على جثة فتاة مصرية قبطية، كانت قد خطفت بعد مقتل والديها على أيدي مسلحين مجهولين، قبل 10 أيام، في مدينة سرت.
وأدرج مجلس الأمن الدولي في 20 نوفمبر الماضي، جماعة "أنصار الشريعة" على قائمة المنظمات الإرهابية، كما وضعها مجلس النواب الليبي المنتخب، في أغسطس 2014، على القائمة الليبية للإرهاب. 
كانت تعرضت قوة للجيش متحالفة مع جماعة "فجر ليبيا" لهجوم في منطقة الجفرة وسط البلاد أمس، أسفر عن سقوط 22 قتيلاً بينهم 15 جنديًّا، بالإضافة إلى عدد من الجرحى.
وينتمي الجنود القتلى إلى الكتيبة 168 مشاة التي تتبع لـ القوة الثالثة المكلفة بحماية مناطق الجنوب والتي تأتمر بأوامر رئاسة الأركان الموالية للحكومة الموازية في طرابلس برئاسة عمر الحاسي.
بعد إعلانها التعبئة
من جانبها أعلنت الحكومة الليبية من طبرق بقيادة الثني، مساء أمس الجمعة 2 يناير 2015، "التعبئة الشاملة" لمواجهة الميليشيات المتشددة، وذلك بعد مقتل 14 جنديا في هجوم شنه، مسلحو داعش في جنوب البلاد.
وأدانت الحكومة في بيان لها الهجوم الإرهابي الذي نفذته مجموعة من عناصر تنظيم داعش" على عناصر الجيش، وذلك عند الطريق الرابطة بين منطقة الشويرف وسوكنة في الجنوب.
وقال البيان: إن الهجوم أسفر عن مقتل 14 جنديا من الكتيبة 168 مشاة، وشخصين يعملان في الجيش، بالإضافة إلى مدني شاهد المذبحة.
واعتبرت الحكومة أن الهجوم الأخير يأتي في إطار سلسلة مجازر ارتكبها تنظيم الدولة وميليشيات فجر ليبيا في بنغازي وسرت ودرنة ضد منتسبي الجيش الليبي والمواطنين المساندين له.
وبعد أن شددت على أن الجريمة البشعة لن تمر دون عقاب، أعلنت الحكومة "حالة التعبئة الشاملة لمواجهة الجماعات الإرهابية في كافة مدن ليبيا ودعت القبائل لـ"رفع الغطاء" عن الإرهابيين".
كما طالبت المجتمع الدولي بضرورة رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي، مؤكدة على ضرورة تفعيل قرارات مجلس الأمن الصادرة بحق كل من يعرقل العملية السياسية والمسار الديمقراطي.
بعد إعلانها التعبئة
ويواجه الجيش الليبي منذ عدة أشهر جماعات مسلحة، صنفها البرلمان إرهابية، في عدة مناطق، أبرزها العاصمة طرابلس وبنغازي، بالإضافة إلى مدن أخرى تخضع لسيطرة المسلحين المتشددين.
وكان الجيش قد أعلن، الجمعة، منطقة بن جواد القريبة من مدينة سرت في الشمال منطقة عمليات عسكرية مغلقة، وذلك استعدادا لشن هجمة عسكرية لتنظيف المدينة من الجماعات المسلحة.
وفي محاولة من الدول الأوروبية لاحتواء الأزمة، أدان عدد منها ما يحدث في ليبيا وعلى رأسها فرنسا، مطالبين بالتدخل الدولي لإنقاذ ما يمكن إنقاذة الآن.
وكانت دعت كل من دول تشاد ومالي وموريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر الشهر الماضي، إلى تدخل دولي في ليبيا للقضاء على الجماعات المسلحة، لكن دعوتها لم تلق صدى عملياً.
كان سبق للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، من الأمم المتحدة الأمريكية بتقديم دعم استثنائي لليبيا، قائلا: "الإرهاب في ليبيا أصبح مصدر قلق، وإن لم يتم مواجهته فسينتشر في المنطقة بأسرها.
وأضاف: من المهم أن يسارع البرلمان الشرعي في ليبيا والذي تم انتخابه بتشكيل حكومة تمثل كل الأطياف السياسية حتى تكون قادرة على عمل حوار حقيقي يفضي إلى مصالحة وطنية ونزع سلاح الميليشيات وإلا ستستمر الفوضى.
بعد إعلانها التعبئة
الجدير بالذكر أن الحريق الذي اندلع في مرفأ السدرة، تم إطفاؤه بعد 9 أيام من اشتعاله، وقال علي الحاسي الناطق باسم غرفة العمليات العسكرية المشتركة في الهلال النفطي: إن الحرائق في خزانات النفط السبعة، أخمدت بعد تسعة أيام من اندلاعها بجهود رجال الإطفاء الليبيين الذين عرضوا حياتهم للخطر، ما وفّر على الدولة ستة ملايين دولار، وذلك في إشارة إلى قيمة عقد كانت الحكومة بصدد توقيعه مع شركة أمريكية متخصصة في إطفاء الحرائق.
من الواضح أن الحكومة الليبية، أعلنت التعبئة العامة باعتبار أنها الحل الوحيد لمواجهة الإرهاب في الوقت الراهن، وستقوم بتجهيز جيشها إلى حالة الحرب أو شبه الحرب لإعادة بناء الدولة مرة أخرى حال نجاح الحكومة في مواجهة العناصر المسلحة.
على الرغم من سعي الحكومة لاحتواء الأزمة الحالية التي تشهدها البلاد، إلا أن هناك عراقيل تواجهها في ظل حالة الانقسامات السلطوية التي تشهدها، فكل طرف له رأي ويرى ما يراه من وجهة نظره فقط دون النظر إلى مصلحة البلاد، وما الذي ينتظرها في ظل الصراعات الداخلية بين حكومتين وبرلمانيين وكذلك جيشيين، فضلا عن الجماعات المسلحة، فنزاع الأطراف الداخلي لا بد وأن يتوقف أولا حتى يتفق الجميع على رأي موحد يقود البلاد إلى الاستقرار.
ورغم أن هناك احتقان داخلي بين الحكومة، فالمشهد الحالي يوضح استعدادات جادة من جانب الحكومة الليبية بقيادة عبدالله الثني، لمواجهة العناصر الإرهابية، وقد يتدخل المجتمع الدولي للمساعدة، كما طالبت الحكومة برفع الحظر عن إمداد ليبيا بالسلاح، فهل ستنجح الحكومة في التصدي لتلك العمليات الإرهابية التي أدت بالبلاد إلى نفق "مظلم"؟ وهل ستعود ليبيا لوضعها الطبيعي، أم ستتحول أراضيها إلى نزاعات لا تنتهي وحالة فوضى مستمرة؟

شارك